8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

محدودية الأراضي وقانون البناء والنمو السكاني ترفع الطلب والأسعار

حركة العقار في لبنان لا تهدأ، وبالمقارنة بالذهب ملاذا آمنا فإن العقار اللبناني بات، إضافة الى ذلك، وعاء استثمارياً، بمفاعيل زمنية غير محدودة، بدليل عمليات شراء الأبنية القديمة في العاصمة وإعادة بنائها، ما يسمح بقدرة استيعاب أكبر أو تلبية جزء من الطلب المتنامي، بعد نجاة لبنان من أزمة الائتمان العقاري العالمية، بفضل سياسة السلطتين المالية والنقدية في لبنان من جهة، ونتيجة القيود على التسليفات العقارية من جهة ثانية، ما أعطى زخماً لحركة تجارة العقارات في لبنان ولا سيما في العاصمة بيروت.
ولان السمة الاساسية للقطاع في بيروت هي محدودية العقارات المطروحة للبيع، فقد أدى ذلك الى معادلة جديدة تقضي بشراء بعض المباني القديمة، والبناء على أنقاضها مشاريع إعمار جديدة، وهي تدل على حركة الطلب مع قلة المعروض.
وهذه المعادلة الجديدة التي تتحكم اليوم بسوق العقارات، تدفع الأسعار الى مستوى خيالي، بدليل الطلب المتنامي على الشقق الكائنة على الواجهة البحرية من بيروت، من خليجيين ولبنانيين مغتربين، وتبدأ الأسعار من مليون ونصف المليون دولار، وتقابل هذه ماكينة سريعة لتجار البناء، حيث تقوم عشرات مشاريع المباني في مناطق الوسط والواجهة البحرية وعدد من مناطق العاصمة وضواحيها.
وتظهر دراسة لبنك عودة، أن القطاع العقاري أظهر بإصرار صلابته إزاء الظروف السياسية والأمنية العسيرة محليًّا، بالرغم من العوامل الخارجية على المستويين الإقليمي والعالمي.
وأضافت الدراسة أن الطلب لا يزال شبه مستمر، ومصدره من المقيمين المحليين، ومن المغتربين العائدين إلى الوطن دائماً أو موقتاً، ومن الأجانب، لا سيما منهم المواطنون العرب، الذين تزايدت استثماراتهم في السوق العقارية المحلية.
وشهدت أسعار العقارات ارتفاعاً ثابتاً وتدريجيًّا، إذ ارتفعت بين 25% و30% سنويًّا بحسب دراسة رامكو، التي تشير الى أن قطاع العقارات اللبناني لا يزال محميًّا من الآثار غير المباشرة للأزمة المالية العالمية، التي ضربت أسواق العقارات في المنطقة. وقد أظهرت إحصاءات الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، أن صفقات بيع العقارات استقرت في لبنان تقريباً، فيما سجلت رخص البناء نموًّا مقبولا نسبته 4.3% سنويًّا.
وعزت الدراسة صلابة قطاع العقارات اللبناني أساساً إلى استمرار محرّكات الطلب بعد الأزمة العالمية، والقوانين الصارمة المرتبطة بإقراض القطاع، ما يحدّ تأثير المضاربين في نشاط السوق، في سياق غياب ما يعرف بـالفقاعة العقارية عن لبنان، والتي أصابت أسواقاً خليجيةً رئيسية.
ويقول الخبير محمد سعيد فتحة (عضو مجلس نقابة المهندسين في بيروت ومنشئي الأبنية في لبنان ومجلس التحكيم العربي)، إن حركة البيع العقاري تسير اليوم طبيعية، لكننا نتوقع زخماً كبيراً عقب تأليف الحكومة العتيدة، فهذا القطاع يتأثر مثله مثل غيره بعملية الاستقرار السياسي التي تجعل حركته في نمو مستمر، بيد أن التشنجات التي حصلت أبطأت الحركة الاندفاعية للعقار في لبنان.
ويضيف هناك طلب اليوم على العقارات الفخمة التي يزيد سعرها على المليوني دولار وخصوصاً تلك الموجودة في سوليدير والواجهة البحرية للعاصمة.
والآن وفي ظل هذه الأجواء، وضع الحركة ستاتيكو فالعرض يوازي الطلب، في ظل التوترات السياسية على صعيد التأليف الحكومي، نحن نأمل أن يتحرك الموضوع سريعاً بعد عملية التأليف، هناك مشاريع مبانٍ عدة في لبنان اليوم: الكارلتون، وبيروت باتو لاند بارك إضافة الى 7 أبنية ضخمة في الوسط ،وهو مشروع ينفذه إماراتيون ولبنانيون وبحرينيون، إضافة الى أن هناك مباني قديمة يجري شراؤها وإعمار مبان جديدة مكانها، وذلك بعد تفاهمات مع المالكين. فمشاريع البناء لا تتوقف لأن هناك نموا سكانيا دائما، والأهم هو الاستقرار الذي يجعل الحركة مستمرة.
ومن جهته، يرى أمين سر خبراء التخمين العقاري في لبنان بشارة ايوب، أن المبيعات على الواجهة البحرية زادت بنسبة 60%، وهي ترتفع بحكم الطلب المرتفع عليها، والمتر يراوح بين 5000 و 12000 دولار وذلك بين الطوابق السفلية والعلوية، وخصوصا في المباني قبالة المارينا. وقال إن أغلب الذين يشترون هم من دول الخليج العربي، وأما خبر أنهم يبيعون فهذا الخبر عارٍ من الصحة، وقد تأكدنا من مصادر لبنانية عدة.
وقال إن حركة البناء للشقق في نمو مستمرة، مدفوعة بعامل الازدياد السكاني، ففي عين المريسة يصل سعر المتر المربع بناء الى 8000 دولار، وفي عرمون يراوح بين 850 و1700 دولار.
وفي منطقة الـ BHV من 3 الى 4 آلاف دولار، وفي رأس النبع من 1700 الى 2000 دولار، وفي منطقة المتحف قرب المحكمة العسكرية بين 2500 و2700 دولار، وفي تلة الخياط من 3000 الى 4000 دولار للبناء الجديد، وفي منطقة الصنايع من 3000 الى 5000 دولار، وفي سبيرز من 4500 الى 5000 دولار.
وأكد أن الحركة تسجل نشاطاً بنسبة 75%، حيث يتم شراء الأبنية القديمة واقامة بناء جديد مكانها، ولفت الى أن أسعار متر البناء المربع في بيروت أدناها 5000 دولار وأعلاها 16000 دولار.
واشار الى ان الحركة المستمرة في القطاع أتت بفعل الحماية التي اتبعتها المصارف اللبنانية قبل أزمة المال العالمية التي نجا منها لبنان، وتوقع استمرار الحركة و هي الى ارتفاع أعلى من اليوم.
أما الخبير العقاري راشد سركيس، فيرى أنه لم يبقَ أراض سوقها واقف في بيروت وقال فالذي عنده قطعة ارض يعتبر أن ترابها أغلى من الذهب، فكيف إذا كانت على الواجهة البحرية. طبعاً لا تباع الا الأراضي التي عليها مشاكل تتعلق بالإرث أو لسبب طارئ، والأرض بطبيعتها أسعارها مرتفعة، وهي أهم من الذهب فلا تسرق ولا تحرق، بل تبقى مكانها، وفي لبنان مساحات صغيرة يقابلها نمو سكاني، ولذلك فان الطلب كثير.
ولفت الى التسهيلات المصرفية للمقترضين على الرغم من القيود التي توضع عليها، وبامكان الشخص أن يقترض 200 ألف دولار، فيما هذا غير متيسر في دول كثيرة في العالم، نتيجة أزمة المال العالمية. لذلك فان سوق العقارات تحلق في لبنان.
واعتبر ان السياسة التي تتبعها المصارف اللبنانية تحفز قطاع العقارات في لبنان، وهذا ما تؤكده الوقائع اليومية، فإذا كان سعر المتر ألف دولار، فهناك من يستطيع شراءه بألفين، فالطلب أكثر من العرض بالرغم من المشاريع القائمة في العاصمة وغيرها. وقانون البناء الجديد ساهم مساهمة كبيرة في رفع الأسعار، وذلك بعد التعديلات التي أدخلها تجار البناء عليه لزيادة أرباحهم، مع زيادة الاستثمار ما بين 8 الى 15%. وبذلك يساهم هؤلاء في رفع الأسعار مع شرائهم الأراضي نظراً للربح الذي سيحصلونه مستقبلاً من مشاريع البناء التي ستتم عليها.
ولفت سركيس، الى أن هناك عدم توازن اليوم في سوق العقار، التي تنمو بشكل مطرد وهي ستخلق مشكلة مستقبلاً مع عدم قدرة الشباب على شراء مساكن، وأرقام الرخص المسجلة في نقابة المهندسين في بيروت تدل على استمرار الفورة العقارية التي يشهدها لبنان، وهي تعكس الرغبة الاستثمارية الكبيرة في مجال العقار في لبنان. فقد ارتفعت مساحة رخص البناء الجديدة الى مليون متر مربع في أيار (مايو) الماضي اي بزيادة 16% ممقارنة بالشهر المماثل في 2008. أما المساحة المجملة لرخص البناء في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2009 فقد ازدادت بنسبة 4،7% عنها في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وتوقع المدير العام المدير الإداري لشركة (COMTOIR EL-AMANEH) العقارية الاستثمارية وديع كنعان دفعاً كبيراً لحركة العقار في لبنان بدءاً من تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة سعد الحريري، وقال إن عامل الثقة مهم وكذلك عامل الاستقرار التي يرتكز عليها الاستثمار.
ونفى كنعان أن تكون هناك حركة بيع من الخليجيين في الواجهة البحرية من بيروت، وقال إن وجدت فهي عمليات بيع محدودة من شخص أو شخصين أو مجموعة، إلا أنها تبقى ضمن الإطار الطبيعي، مؤكدا عودة مشاريع البناء في سوليدير الى متانتها لجهة البيع.
وفي معرض حديثه عن الأسعار والطلب فقد رأى انهما في تزايد مستمر وخصوصاً أن أزمة المال العالمية أثرت إيجاباً في قطاع العقار في لبنان، لا سلباً كما حدث في الدول العربية الأخرى. ويمكن ملاحظة الحركة السياحية الوافدة الى لبنان مؤشرا على متانة وضع لبنان وترجمة لنجاته من الأزمة العالمية.
وفي ما يتعلق بالشقق التي تقع في المناطق الوسطية أو على السواحل، قال إن هناك إقبالاً كبيراً على الشقق التي يراوح سعرها بين 200 و500 ألف دولار، وسعر المتر المربع بناء في هذه المناطق يراوح بين 1400 و2200 دولار، وهذه المناطق تشمل كفرحباب، رومية، ضهر الصوان، المنصورية، عين سعادة وبصاليم. والطلب هنا يفوق المعروض بكثير، وسعر المتر في الرابية مثلا يراوح بين 2500 و3500 دولار.
وفي إطار شراء الشقق يقول كنعان إن معظم زبائن الشقق في لبنان 90% منهم لبنانيون، و50% من هذه النسبة هي من اللبنانيين المغتربين الذين يعملون في دول الخليج العربي وأوروبا وأميركا وأفريقيا. ولفت الى أن حصة الخليجيين من سوق العقارات في لبنان لم تعد تتجاوز 10%، وهذا يؤكد أن اللبنانيين مهما تغربوا يفضلون الشراء في لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00