17 حزيران 2020 | 18:20

تكنولوجيا

‏"ديكساميثازون".. "السلاح الجديد" في المعركة ضد كورونا

وصفت منظمة الصحة العالمية، نجاح باحثين بريطانيين، في علاج حالات إصابة حرجة ‏بفيروس كورونا المستجد، بدواء من عائلة "الستيرويدات"، بالإنجاز العلمي، فما هو هذا الدواء ‏وكيف يعمل وماهي آثاره الجانبية ودواعي استعماله؟

وتعليقا على إعلان فريق العلماء في جامعة أوكسفورد البريطانية عن النتائج الإيجابية التي ‏سجلها دواء "ديكساميثازون"، من ناحية تقليل الوفيات في صفوف مرضى كورونا ممن يتنفسون ‏بواسطة قوارير الأكسجين أو أجهزة التنفس الاصطناعي، قال المدير العام للمنظمة تيدروس ‏أدهانوم، إنه العلاج الأول الذي أثبت فعاليته مع هؤلاء المرضى.‏

أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فقال: "أنا فخور بأن علماء بريطانيين بدعم ‏وتمويل من الحكومة البريطانية قد توصلوا لعلاج ثبتت فعاليته في مواجهة فيروس كورونا، ‏وسيكون بالإمكان توفير هذا الدواء بشكل فوري في هيئة الخدمات الطبية، ولدينا مخزون كاف ‏حتى في حال حدوث موجة تفشي ثانية".‏

وبحسب العلماء المشرفين على الدراسة فإن الدواء مفيد للمرضى الذين يعانون من أعراض ‏متقدمة من جرّاء فيروس كورونا مما استلزم إدخالهم للعناية المركزة، وإخضاعهم للعلاج بأجهزة ‏التنفس.‏

ما هو "الدواء المنقذ"؟

ينتمي عقار"ديكساميثازون" لعائلة "الستيرويدات" والتي تفيد بتقليل الالتهابات، وقد استخدم في ‏علاج الربو والالتهاب المفصلي الروماتويدي، في ستينيات القرن الماضي.‏

وبحسب الأستاذ ومستشار علاج الأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، فإن استخدام ‏‏"ديكساميثازون" وارد في بروتوكولات العلاج الخاصة بكوفيد-19 منذ تفشي جائحة كورونا، إلا ‏أن الدراسة أثبتت علميا فعاليته مع فئة معينة من مرضى الوباء.‏

وفي الدراسة التي أثبتت فعالية "ديكساميثازون" مع فيروس كورونا، أعطي 2104 مريضا 6 ‏ميليغرام من الدواء مرة واحدة على مدار شهر عن طريق الفم، أو الحقن الوريدي لعشرة أيام.‏

وقارن الباحثون النتائج بمتابعة المتغيرات لدى من أعطي لهم العلاج والباقين في العينة ‏الاختبارية والتي تكونت من 4321 مريضا.‏

ووجد العلماء أنه على مدى 28 يوما، كان معدل الوفيات بين المرضى الذين يحتاجون إلى ‏التهوية عبر أجهزة التنفس الصناعية 41 في المئة، أما بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى ‏الأكسجين فكان في حدود 25 في المئة.‏

وكان معدل الوفيات بين أولئك المرضى الذي لا يحتاجون إلى دعم لجهازهم التنفسي، 13 في ‏المئة، حسبما ذكرت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.‏

وتعليقا على نتائج الدراسة، قالت الأستاذة والباحثة في علم الأدوية الدكتورة ميس عبسي في ‏حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "ديكساميثازون" مضاد التهاب مثبّط مناعي مشابه صنعي ‏للـ"كورتيزون"، ويحول دون تحرر الالتهابات من الخلايا.‏

أضافت ميس: "يستعمل الدواء مع الأمراض التي تترافق بالتهابات وعندما يكون الجهاز المناعي ‏فعالا للغاية مثل التهاب المفاصل والذئبة الحمامية".‏

ووصفت ميس الدواء بأنه ليس "علاجا سحريا" لكورونا، ولكنه الأول الذي يثبت فعاليته في ‏تخفيض معدل الوفيات مع الحالات الحرجة لمرضى كورونا، وذلك عبر تجارب سريرية ‏واسعة، مشددة على أن استعماله ضروري أن يترافق مع أدوية أخرى مكملة له، تغطي مجالات ‏أخرى كآليات هجوم الفيروس، والحيلولة دون تغلغله في الخلايا.‏

بدوره نبّه أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، إسلام عنان، من أن "ديكساميثازون" ‏يعد واحدا من أكثر الأدوية القادرة على علاج أمراض كثيرة، إلا أن آثاره الجانبية عديدة ‏ومرتبطة بالجرعات التي يصفها الطبيب لكل حالة، محذرا من أخذه للوقاية من كوفيد-19، أو ‏بدون استشارة طبية.‏

كيف يعمل "ديكساميثازون"؟

يعمل "ديكساميثازون" على تقليل آثار ما يعرف بـ"العاصفة المناعية" لدى مرضى كورونا، وهو ‏ما أوضحه عنان قائلا: "يمثل الجهاز التنفسي العلوي نقطة الاقتحام الأولى بالنسبة لفيروس ‏كورونا، والذي ينتقل لاحقا للأسفل وصولا للرئة، ليعمل الجهاز المناعي على إطلاق أجسام ‏مضادة لا تفرّق بين الخلايا الجيدة والسيئة. وتنجح تلك الأجسام في قتل الفيروس وإضعافه ‏ولكنها تدمر خلايا الرئة، وهنا يأتي دور هذا الدواء في تخفيف أثر العاصفة المناعية، والمساعدة ‏على تحسين التنفس".‏

وحول استجابة "ديكساميثازون" لفيروس كورونا وآلية تفاعله معه، بيّن بلعاوي أن الجسم في ‏الحالات الحرجة يشكل "عاصفة مناعية" تحارب الفيروس، ولكن ذلك يتسبب بأضرار في الرئة ‏والقلب والكلى والدماغ، وتحدث التهابات وتجلطات لاحقا، وهنا يعمل الدواء على توسيع ‏القصبات والحويصلات الرئوية، والمساعدة في إيصال الأكسجين إلى الدم.‏

دواعي الاستخدام

صحيح أن الإعلان عن النتائج الإيجابية لدواء "ديكساميثازون" يمثل بارقة أمل في المعركة التي ‏يخوضها العالم بوجه فيروس كورونا، إلا أن الخبراء يحذرون من خطورة تقديمه لفئات معينة ‏من المصابين بالمرض.‏

وفيما يتعلق بهذه النقطة، أوضحت ميس، أن الدواء يستخدم مع الحالات التي تحتاج للتنفس ‏الاصطناعي والأكسجين، وهو غير فعال مع الحالات التي تعاني أعراضا متوسطة الشدة، مشيرة ‏إلى عدم وجود آثار جانبية بالنسبة عند الفئة الموصى بتناوله، في حين أن أخذه دون داع سيؤثر ‏على العضلات ومستويات السكر في الدم والجهاز العصبي.‏

كذلك استبعد بلعاوي وجود أعراض جانبية للدواء على المدى القصير ووفق الجرعات المطلوبة، ‏دون أن ينفي وجود أعراض جانبية على المدى البعيد، أي لدى استعماله لمدة تتراوح بين عام ‏وعامين، ومع الجرعات العالية.‏

التكلفة والآثار الجانبية

يعد "ديكساميثازون" دواء رخيصا، إذ تقدّر تكلفة دورة علاج ثمانية أشخاص يعانون من كوفيد-‏‏19، بـ40 جنيها إسترلينيا، أي ما يعادل 50 دولارا أميركيا تقريبا.‏

أما عن الآثار الجانبية للعقار، فأبرزها بحسب المعهد البريطاني الوطني للصحة وجودة الرعاية، ‏الشعور بالقلق والضعف الإدراكي والإحساس بعدم التوازن والإعياء واحتباس السوائل والصداع ‏وارتفاع ضغط الدم وتغيّر المزاج والغثيان وهشاشة العظام وآلام في المعدة وزيادة الوزن ‏واضطرابات في النوم.‏

ومن بين الأعراض الجانبية الأقل شيوعا، زيادة الشهية ومشاكل في الرؤية والقلب والدوار، كما ‏ينصح الأطباء من يتناولون أدوية "الستيرويدات" تجنب الاختلاط بالمرضى الذين يعانون من ‏الحصبة وجدري الماء.‏

ووفق إرشادات المعهد البريطاني الوطني للصحة وجودة الرعاية، فإن الجرعات العالية من ‏‏"الستيرويدات" قد تكون لها آثار تتمثل بالأرق والمزاج السيء واضطرابات سلوكية وأفكار سلبية ‏كالرغبة في الانتحار.‏


سكاي نيوز عربية ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

17 حزيران 2020 18:20