18 نيسان 2020 | 22:29

منوعات

بعدما كان جوهرة فنادق بيروت .. "البريستول" يطفئ أنواره!‏

بعدما كان جوهرة فنادق بيروت ..

زياد سامي عيتاني*‏


إنه الخبر "القاتل"(!) بإطفاء أوتيل "البريستول" أنواره التي كانت خلال عقود مترامية من الزمن ‏تتلألأ في سماء بيروت يوم إطلق عليها لقب "سويسرا الشرق" كجوهرة شاهدة على فخامة ورقي ‏المدينة التي يقع في وسطها...‏

فهذا الفندق الذي كان مقصداً لكل من أراد المفاخرة، كان جزءً من تاريخ وتراث بيروت زمن ‏الإزدهار الإقتصادي، ومعلماً من معالم العاصمة الساحية، مرادفاً للأيام الذهبية في بيروت، ‏إنجذاباً إلى أناقتها الكلاسيكية...‏

هذا الخبر "الفاجعة" بحق ما تبقى من معالم بيروت التي عشقناها، دفعني للقيام عبر الذاكرة ‏بجولة وداعية في أرجاء الفندق من خلف جدران الحجر المنزلي، علني أدون بعضاً من تاريه ‏العريق، ليبقى أثراً بعد عين...‏


‏**‏

فندق "البريستول" كان يعد منذ تشييده عام ١٩٥١ من قبل عائلة ضومط وبعد أن صمم هندسته ‏المهندس الفرنسي الشهير جان دي روير، أحد الفنادق الكبرى في الشرق الأوسط، وأحد الفنادق ‏الأكثر شهرة في بيروت ولبنان، سيما وأن لبنان في حينه كان يتوسع بمعدل سريع في صناعة ‏إقتصاد الضيافة، فتم الإعتراف به كأحد الفنادق الأولى والأكثر شهرة في بيروت، سيما وأنه كان ‏رمزاً للرفاهية والمجتمع الراقي في لبنان والمنطقة، ومقصداً لرجال السياسة والأعمال ‏والمشاهير...‏

‏•أبرز ضيوفه:‏

إستضاف "البريستول" المجتمع الراقي في لبنان ونبلاء العالم العربي، وضيوف وشخصيات ‏بارزة ونجوم أجانب مثل الأمير ألبرت من موناكو ، وأميرة إيران ثريا ، عازف الغيتار ‏الأسطوري والملحن ديزي غيليسبي والشاعر الشهير نزار قباني. علاوة على ذلك، إستضاف ‏الرئيس شيراك والأمير عبد الله بن عبد العزيز ورئيس الغابون. وكان الأمين العام السابق للأمم ‏المتحدة السيد بطرس غالي أحد ضيوف الفندق البارزين.‏



‏•فناء للراحة والرفاهية:‏

أول ما يستوقفك وأنت داخل إلى ابفندق قوتان موجهتان رئيسيتان ميزت هندسته الداخلية هي: ‏الراحة والرفاهية، المتجسدتين من خلال إستخدم الألوان الدافئة وتصاميم البيئة الهادئة، فضلاً ‏عن التأثيرات الثقافية المختلفة المستوحاة من جميع أنحاء العالم، المنغمسة الثقافة المحلية.‏




‏•المدخل:‏

عندما تدخل فندق "البريستول" ، ستجد مكتب الإستقبال على يمينك، وهو عبارة عن مكتب قوي ‏من خشب الجوز الداكن. ‏

أمل "اللوبى" بالزغم من كلاسيكية تصميمه، فقد خيم عليه بعد التجديد جو عصري مع ديكور ‏أزرق ورمادي وأبيض.‏

وكأن هذا "اللوبي" يحدد النغمة لبقية الفندق، التي تمثل مجموعة من الأنماط الكلاسيكية والخالدة، ‏خصوصاً مع تزيين الجدران بلوحات قديمة ونادرة.‏

وبالرغم من أن الفندق قد جدد، إلا أنه من الواضح قد تم الحفاظ بأكبر قدر ممكن من الميزات ‏الأصلية، تحديداً الأعمال الخشبية الدمشقية، التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، عندما قام ‏Emile Tarazi‏ بتركيبه خلال فترة بناء الفندق. وكذلك تمت المحافظة أيضاً على الكراسي والأرائك ‏الأصلية التي أعيد تنجيدها بألوان دافئة حفاظاً على الخصوصية الشرقية الرومانسية التي كانت ‏سائدة في ذلك الوقت.‏





‏•قاعة المؤتمرات:‏

كذلك توجد في الطابق السفلي غرفة المؤتمرات تماماً مثل أي غرفة إجتماعات، لكن ما يميزها ‏أنها كانت حاضنة للكثير من الإجتماعات واللقاءات والمؤتمرات السياسية التي كانت تعقد في ‏داخلها، حيث أن هذه القاعة شاهدة بسرية على ما كان يدور ما بين السياسيين طيلة سنوات مديدة ‏وبحقب سياسية متحولة ومتقلبة، نبعاً لطروف لبنان السياسية. ‏



‏•القاعة الذهبية:‏

قاعة أخرى جديرة بالذكر هي "القاعة الذهبية"، التي كانت تعتبر أقدم قاعة رقص في بيروت، ‏لتتحول فيما بعد إلى أفخر قاعة للأفراح والمناسبات، إذ أن هذه القاعة إستقبلت أفخم وأشهر ‏الأعراس التي كان يذيع صيتها في بيروت لفترة طويلة من الزمن، تبعاً لأجواء الرقي والسحر ‏والجمال والخيال التي كانت تنفرد فيها تلك القاعة، رغم وجود العديد من القاعات والفنادق ‏المنافسة.‏

‏•‏Les Gourmandises‏:‏

على اليسار يوجد مطعم "‏Les Gourmandises‏" الذي يحتوي على تراس صغير في الهواء الطلق، ‏يمكنك وأنت تتناول القهوة أو قطعة من الحلوى من مشاهدة الأشخاص يمرون، والسيارات التي ‏يزدحم بها الشارع المؤدي إلى قلب الحمراء.‏

في "‏Le Bristol Beirut‏" ، يمكنك تناول الإفطار والغداء والعشاء في "‏Les Gourmandises‏" التي ‏تشتهر بالمعجنات منذ أن فتح الفندق أبوابه منذ ٧٩عاماً، كما يتم تحضير أطباق متنوعة طازجة ‏في الإفطار بما في ذلك البيض والفطائر وحلويات الطهي اللبنانية. ويحتوي "البوفيه" على الكثير ‏من الخيارات بما في ذلك الحلويات التي يشتهر بها.‏

‏ ومطعم ‏Les Gourmandises‏ بالرغم من أنه مطعم مشرق وحديث، فإنه يضم أيضاً قسماً ذات ‏طابع تراثي دمشقي، سيحصل من يتناول فيه وجبة الفطور من السياح الأجانب على هذا الشعور ‏التقليدي، قبل التوجه لاستكشاف لبنان.‏

‏•الغرف:‏

بالنسبة للغرف، فهي مقسمة على ثلاثة أنماط تصميمية، تلخص ما يمثله الفندق، وهي: "الشرقية" ‏و "الستينية" و"الكلاسيكية الحديثة".‏

إذ يختلف "الديكور" بشكل كبير بين ال157 غرفة وجناح.‏

فقد تم تجديد تلك الموجودة في الطابقين الأول والخامس بالكامل، في حين تم ترميم الآخرين في ‏الطوابق الثانية والثالثة والرابعة مع الحافظة على نمطها السابق. ‏

الغرف "الستينية" تتميز بستائر خضراء ويغلب عليها الطابع الشرقي بألوان البرقوق الدافئة. أما ‏غرف "‏Modern Classic‏" هي في الواقع مفروشة بألوان مبهجة من البنفسجي المتربة والرمادية.‏

بدورها الغرف "الكلاسيكية" فهي تقليدية وقد تنحرف إلى جانب الطراز القديم من خلال الألواح ‏الخشبية وسواد من بيض البط ونسيج بلون الأبيض "الكريم"، إضافة إلى الثريات. ‏

وتم تجهيز الغرف بإمدادات واسعة من مستحضرات التجميل التي تحمل علامة ‏Le Bristol‏ وآلات ‏إسبرسو وصواني الشاي وجميع التجهيزات المعتادة الأخرى التي يتوقعها المرء من فندق خمس ‏نجوم.‏

‏•حلبة تزلج داخلية:‏

‏ كان الطابق السفلي الثاني من الفندق حلبة للتزلج على الجليد في منتصف القرن الذهبي في ‏بيروت، وهي الأولى من نوعها في لبنان. إلا أنها في وقت لاحق، تحولت المساحة التي كانت ‏تقوم عليها الحلبة إلى قاعة للإجتماعات.‏

‏•حوض السباحة:‏

ما يميز حوض السباحة في البريستول أنه موجود على السطح، خلال لكل الفنادق، نظراً لأن ‏درجات الحرارة في بيروت تظل حوالي ٣٠ درجة مئوية حتى شهر تشرين الأول.وبجانب ‏الحوض يوجد أيضا صالة ألعاب رياضية، إضافة إلى "البار" المفتوح على الهواء الطلق ليتمتع ‏النزلاء بهواء بيروت العليل ورؤيتها "البانورامية" الليلية المتلألئة.‏

فقد كان "المسبح" مكان رائع للغطس بعد الظهر والإسترخاء مع "كوكتيل" قبل الإنضمام إلى ‏الحياة الليلية الصاخبة في بيروت. ‏

‏**‏

ها هو "البريستول" الذي يختزن حقبة تاريخية عريقة من زمن لبنان الذهبي، يطفئ أنواره التي ‏كانت تشع كجوهرة في سماء بيروت ولبنان، كأن قدر هذه العاصمة أن تسرق من عيومنها كل ‏ما هو جميل!!!‏


‏*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.‏











يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 نيسان 2020 22:29