8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بعدما سمع شارون من بوش ما يريد سماعه

هناك هجمة إسرائيلية واضحة تستهدف الاستيلاء على أكبر قسم ممكن من الضفة الغربية في مقابل الخروج من غزة، وهي أرض فلسطينية مكتظة بالسكان وذات موارد قليلة طالما تمنى الاحتلال الخروج منها لألف سبب وسبب، حتى ان ارييل شارون تمنى في الماضي لو أن غزة جزيرة غرقت في البحر بمن فيها!
حاول شارون في لقائه الأخير مع الرئيس بوش الابن تمرير الصفقة التي يحلم بها والتي تتلخص بالتوصل الى تفاهم أميركي ـ إسرائيلي على احتفاظ إسرائيل بالقدس كلها وبقسم لا بأس به من أراضي الضفة الغربية في مقابل التخلي عن غزة فحقق نصف نجاح. وبكلام أوضح، يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي التوصل الى ما يمكن وصفه بحل نهائي بالتفاهم مع القوة العظمى الوحيدة في العالم التي اسمها الولايات المتحدة الأميركية بدل التفاوض مع ممثلي الشعب الفلسطيني الذي يعاني مباشرة من الاحتلال وإرهابه.
إذا كان مطلوباً مواجهة شارون ومشاريعه بفعالية، لا خيار آخر أمام الجانب الفلسطيني إلاّ التكاتف من أجل تحقيق ما اتفقوا عليه بالقاهرة. ومثل هذه المراجعة التي لا مفر منها تفترض قبل كل شيء الوقوف خلف "أبو مازن".
فالوقوف خلف "أبو مازن" يمكن الرجل من توجيه رسالة الى العالم، والى الولايات المتحدة تحديداً، فحواها أنه قادر على تنفيذ ما يعد به. ومثل هذه القدرة تخلق له رصيداً في الولايات المتحدة، وهو رصيد لا بد من أن يمتلكه كل من يريد أن تكون كلمته مسموعة في واشنطن.
هناك على أرض الواقع غياب عربي عن الموضوع الفلسطيني وباستثناء المساعي التي تبذلها بعض الأطراف العربية وغير العربية بهدف تقويض سلطة السلطة الوطنية الفلسطينية، لا وجود لموقف عربي قادر على دعم "أبو مازن"، اللهم إلا إذا وضعنا جانباً الجهود المصرية والأردنية.
هذه الجهود تبدو موظفة في المكان الصحيح أي في اتجاه السعي الى الانتهاء من فوضى السلاح في غزة والضفة الغربية، لكنها لم تحقق حتى الآن النتائج المرجوة. يكفي للتثبت من ذلك، ما حصل أخيراً في رام الله حين أطلقت النار على مقر الرئاسة الفلسطينية وحين نزل مسلحون الى الشارع وراحوا يحطمون المطاعم والمحلات، أوليس ذلك ذروة الاستخفاف بالسلطة الوطنية الفلسطينية، وهو استخفاف يأتي من الفلسطينيين أنفسهم؟
سمع شارون من بوش الابن ما يريد سماعه، فأعجبه كلام الرئيس الأميركي عن عدم إمكان العودة الى حدود 1949، أي الى خط وقف النار الذي كان معمولاً به حتى 4 حزيران 1967، لكنه تظاهر بعدم سماع الكلام الأميركي عن ضرورة التوقف عن توسيع المستوطنات القائمة في الضفة الغربية خصوصاً مستوطنة معالي ادوميم التي يستهدف توسيعها تطويق القدس من كل جانب وجعلها خارج أي مفاوضات. وما ساعد رئيس الوزراء الإسرائيلي في أن تكون اذنه صماء لدى صدور كلام بوش الابن عن المستوطنات الإسرائيلية، الانباء الواردة من غزة ومن الضفة عن حال التخبط في الداخل الفلسطيني ونزول المسلحين الى الشوارع والأقنعة على وجوههم .
الخوف كل الخوف في مرحلة ما بعد لقاء بوش الابن ـ شارون، وفي وقت تجري الاستعدادات للقاء بين الرئيس الأميركي و"أبو مازن" أن تزداد الضغوط الداخلية على الرئيس الفلسطيني وان يتبخر بعض العطف الذي بدأ يتكون لمصلحته لدى بوش الابن وبعض النافذين في إدارته. هذا هو الواقع الذي لا بد من التعامل معه بدل الهرب منه. وبداية مواجهة الهجمة الإسرائيلية لا تكون إلا بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بدءاً بالعمل الجدي على الانتهاء من فوضى السلاح وانتهاءبالخروج بموقف موحد مقبول عالمياً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00