8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إنقاذ القدس قبل فوات الأوان

ثمة حاجة إلى جهد عربي من أجل إنقاذ القدس. يفترض في مثل هذا الجهد، الذي لا بد أن ينصبّ على الإدارة الأميركية، أن يحصل بالتنسيق بين الدول العربية التي تستطيع إسماع صوتها في واشنطن. كذلك يفترض ان يحصل ذلك قبل فوات الأوان، أي قبل أن تطرح إسرائيل مشروعاً للتسوية تقصي عنه القدس. وبصراحة متناهية، يتوجب على ممثلي الدول العربية التي لديها علاقات طيبة بواشنطن إبلاغ الرئيس بوش الابن شخصياً ان لا استقرار في الشرق الأوسط من دون تسوية تشمل القدس. أكثر من ذلك، لا بد من تحذير الرئيس الأميركي بكلام مباشر من ان تسوية من دون القدس تصبّ في توفير وقود للعنف والإرهاب والإرهابيين، مثل هذا المشروع الذي يستبعد القدس عن التسوية لن يقود سوى إلى مزيد منن الغضب والحقد على أميركا وإسرائيل في العالمين العربي والإسلامي.
توجد مؤشرات كثيرة إلى ان إسرائيل تعمل لإقناع الإدارة الأميركية بمشروع تسوية لا يشمل القدس من منطلق ان المطروح حالياً إعلان دولة فلسطينية ضمن حدود "مؤقتة" وان موضوع القدس يمكن ان يكون موضع بحث في مرحلة لاحقة، علماً بأن إسرائيل تفعل كل ما تستطيع حالياً لتهويد المدينة المقدسة واحاطتها من كل صوب بالمستعمرات وتهجير سكانها الأصليين، المسلمين والمسيحيين. إنه رهان إسرائيلي على عامل الوقت وعلى إمكان فرض أمر واقع جديد يترافق مع استكمال بناء "الجدار الأمني" الذي لا هدف منه سوى تكريس الاحتلال لأجزاء من الضفة الغربية.
ما يدعو إلى مبادرة عربية في اتجاه واشنطن من أجل إنقاذ القدس ان الرئيس الأميركي مقتنع بأنه قادر على إحلال السلام في المنطقة عن طريق إقامة دولة فلسطينية "قابلة للحياة" و"تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل". قال بوش الابن ذلك صراحة إلى أشخاص كانوا إلى مائدته في تشرين الثاني الماضي بعيد إعادة انتخابه رئيساً. وقد استقبل بوش الابن وقتذاك مجموعة من الشخصيات الإسلامية عندما أقام افطاراً في البيت الأبيض خلال شهر رمضان المبارك. يروي أحد الذين سمعوا الرئيس الأميركي يتحدث عن النزاع الفلسطيني ـ الإسرآئيلي ان بوش الابن أكد انه مصمم على إيجاد تسوية، وخلافاً لما قيل ويقال عنه، تبين انه يعرف الكثير عن النزاع حتى انه دخل في تفاصيل التفاصيل بما في ذلك وضع رام الله وطولكرم وغزة، قال أحد الذين كانوا الى الطاولة للرئيس الأميركي: إذا فعلت ذلك ستحصل على جائزة نوبل للسلام. وكان جواب بوش الابن: جائزة نوبل لا تهمني، ما يهمني هو السلام.
ولعل أكثر ما تدركه إسرائيل الآن ان مركز القرار ابان الولاية الثانية لبوش الابن سيكون في البيت الأبيض طبعاً ولكن في وزارة الخارجية أيضاً بعدما تولتها كوندوليزا رايس القريبة جداً من الرئيس الأميركي وبعد تعيين كارن هيوز مساعدة لوزيرة الخارجية لشؤون العلاقات العامة. وهيوز تعتبر فرداً من أفراد العائلة، إذ عملت مع بوش الابن لدى توليه منصب حاكم ولاية تكساس وانتقلت معه إلى البيت الأبيض ثم غادرت فترة قصيرة كي تهتم بعائلتها، وها هي تعود الآن لتؤكد ان وزارة الخارجية ستلعب دوراً في غاية الأهمية خلال الولاية الثانية للرئيس وانه سيكون لديها رأيها في القرارات الكبيرة.
ما يفترض ان يرافق الدخول العربي على خط إنقاذ القدس، الاتفاق على جهود مشتركة للحؤول دون ارتكاب الجانب الفلسطيني أخطاء جديدة. صحيح ان ضم "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى منظمة التحرير الفلسطينية يعتبر مبادرة مهمة تأخذ في الاعتبار ان هذين التنظيمين يمتلكان وزناً حقيقياً على الأرض وأن لا بد من اشراكهما في القرار، إلا ان الصحيح أيضاً ان لا بد من مساعدة السيد محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الوطنية في الامساك بالوضع والقول للعالم، خصوصاً لأميركا، ان الشعب الفلسطيني، الذي يرفض فوضى السلاح، يعرف ماذا يريد وانه يتكلم بصوت واحد.
هناك تصميم أميركي على إيجاد تسوية، لكن هناك ثغرات كثيرة يمكن ان تستغلها إسرائيل للحؤول دون ذلك من منطلق ان كل يوم يمر انما هو لمصلحتها وانه إذا كان عليها قبول تسوية فإنها تريد ضم القدس قبل أي شيء آخر.
من حق العرب ان يحذروا الرئيس الأميركي شخصياً من هذا الموقف الإسرائيلي وانعكاساته على المنطقة كلها. وكلما فعلوا ذلك باكراً، كان ذلك أفضل، لأن التصميم الإسرائيلي على ضم القدس نهائياً ليس بعده تصميم، إضافة إلى ان "أبو مازن" في ظل فوضى السلاح القائمة في وضع لا يحسد عليه..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00