8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

هذا ليس وقت المماحكات الفلسطينية!

هذا ليس وقت المماحكات أو تصفية الحسابات الشخصية.
ان السيدة سهى عرفات ارتكبت بكل بساطة خطأ فظيعاً عندما وجهت نداءالى "الفلسطينيين الشرفاء" تحذرهم فيه من ان هناك من يريد "وراثة ياسر عرفات وهو لا يزال حياً".
في الواقع أن سهى عرفات ارادت التركيز على شخص السيد محمود عباس (أبو مازن) الذي عارض منذ البداية زواجها من ياسر عرفات وذهب الى حد وضع شرط على الأخير من أجل قبوله بأن يرافقه في الرحلة الأولى الى واشنطن في أيلول من العام 1993. كانت تلك الرحلة مخصصة لتوقيع اتفاق أوسلو في حديقة البيت الأبيض بين "أبو عمار" واسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك وبمباركة الرئيس بيل كلينتون ورعايته. وكان سبب تغيب سهى عرفات عن حفلة واشنطن تأكيد "أبو مازن" لعرفات انه يرفض المجيء معه في حال حضرت سهى. ورضخ الزعيم الفلسطيني لطلب "أبو مازن" الذي اشترط عدم ذهاب احدى الشخصيات الفلسطينية المعروفة الى واشنطن ايضاً.
هذا الحدث أو الحادث، ينتمي الى الماضي. وتوالت منذ العام 1993 أحداث كثيرة جعلت اتفاق أوسلو حبراً على ورق وأوصلت ياسر عرفات الى ان يبقى ثلاث سنوات في الإقامة الجبرية يقاوم من مقره آلة الحرب الإسرائيلية التي استخدمها ارييل شارون للقضاء عليه بصفة كونه رمزاً لأربعة عقود من النضال الفلسطيني الهادف الى إقامة دولة مستقلة تكون ثمرة وضع الشعب الفلسطيني على الخريطة السياسية للشرق الأوسط.
ما هو مطروح في هذه المرحلة ليس وراثة ياسر عرفات، بمقدار ما ان المطروح متابعة مسيرته بواسطة رفاقه الذين عملوا معه والذين كانوا يستفيدون من الغِطاء السياسي الذي كان يوفره لهم. ومن دون هذا الغطاء كما كان هناك شيء اسمه القرار الفلسطيني المستقل ولما كانت هناك عودة لأي مسؤول فلسطيني الى أرض فلسطين. في النهاية ان ياسر عرفات سيموت يوماً وسيدفن في أرض فلسطين وليس في أي مكان آخر محققاً جزءاً من حلمه الكبير المتمثل في قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
من أجل تنفيذ الجزء الآخر من الحلم ـ لا مفر من إجراءات سريعة لملء الفراغ الذي تركه مرض الرجل الكبير. وذلك لا يكون بالصياح واطلاق الهُتافات والشعارات التي تحذر من "مؤامرة" عليه كما فعلت السيدة سهى التي تعتبر امرأة ذكية تعرف الوضع الفلسطيني جيداً وتعرف ان لا بد من مزيد من الجهود السياسية للتمكن من تحقيق الهدف المنشود. على العكس من ذلك، يفترض في زوجة الرئيس الفلسطيني التي اضطرتها ظروف معينة الى الإقامة مع ابنتها في تونس طوال السنوات الثلاث الأخيرة ان تتفهم الظروف وان تساعد، بصفة كونها بين القلائل المسموح لهم بالبقاء الى جانب ياسر عرفات وهو على فراش المرض، في شرح حقيقة الوضع. والحقيقة التي لا مفر منها هي ان ثمة حاجة الى "قدرة إلهية" كي يستعيد "أبو عمار" عافيته.
مرة اخرى، هذا ليس وقت المماحكات. انه الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات تؤدي الى ضبط الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وانتخاب رئيس للسلطة الوطنية بواسطة المجلس التشريعي وتحديد صلاحيات الرئيس وصلاحيات رئيس الوزراء بموجب الدستور الفلسطيني الذي صيغ منذ فترة لا بأس بها.
ان الاقدام على خطوات جريئة لملء الفراغ السياسي الذي خلفه مرض رجل استثنائي في حجم ياسر عرفات يجب ان يكون أولوية في هذه المرحلة التي يواجه فيها الشعب الفلسطيني وحشاً اسمه ارييل شارون هدفه تكريس الاحتلال ومنع قيام دولة فلسطينية. مثل هذه الخطوات التي تشمل إقرار الدستور بعد إدخال الإصلاحات المطلوبة عليه ستساعد الفلسطينيين في الحصول على دعم المجتمع الدولي لنضالهم المشروع من أجل الحصول على حقوقهم كشعب يحق له التمتع بالحياة مثل بقية شعوب العالم. والأكيد ان النداءات من نوع النداء الذي صدر عن السيدة سهى عرفات لن يساعد في ذلك، بل يزيد الأوضاع الفلسطينية تعقيداً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00