8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تطلّع عربي نحو الصين بعد الانكماش السياسي الأميركي

يتكثف الاهتمام العربي بالمنتدى العربي الصيني، الذي سينعقد في الدوحة في 11 و12 الجاري.
وتفيد مصادر ديبلوماسية عربية أن أسباباً سياسية واقتصادية تقف وراء انفتاح العرب بقوة أكبر على الصين، لعل في مقدمها الانكماش الأميركي السياسي، والدعم الروسي للنظام السوري. فبات التطلع حالياً نحو أماكن أخرى منها الصين، التي تشكل قوة عظمى ديموغرافياً واقتصادياً ولها دورها في مجلس الأمن. وكانت للزيارة الأخيرة للرئيس الصيني إلى جامعة الدول العربية واجتماعاته هناك، دلالات سياسية واقتصادية ورسائل، حملتها توجهات الانفتاح من كلا الطرفين، إذ لدى الصين توجهات لاستقطاب السوق العربية، وبوجودها في مجلس الأمن كانت دائماً متفهمة للقضايا العربية أكثر من غيرها. فالصينيون يقفون إلى جانب النظام، ولكن لا يغفلون أن هناك قضايا عربية محقة، أي أن المنتدى يأتي في أجواء سياسية واقتصادية مؤاتية عربياً لتعزيز العلاقات مع الصين.
وطلب لبنان أن يتضمن البيان الختامي فقرات ذات صلة بالثوابت المتعلقة بتحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي وضرورة انسحاب إسرائيل من تلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر ومزارع شبعا، وتطبيق القرارات الدولية، وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقرار 1701 والخروق المخابراتية وشبكات التجسس.
ويطلب لبنان دعمه في الحصول على حقه في مياهه الإقليمية وأجوائه السيادية، ودعم الحوار الذي يجري بين الأطراف السياسية لتجاوز الخلافات وتعزيز الوفاق الوطني والعيش المشترك، وتفعيل مجلس النواب ليكون هيئة حوار دائم، فضلاً عن ضرورة تقاسم الأعباء التي يفرضها اللجوء السوري، وكذلك الأعداد، بعدما بات هذا اللجوء يشكل خطراً وجودياً على لبنان، الذي يحافظ على الصيغة الفريدة بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، والتسامح وقبول الآخر. كل ذلك طالب لبنان بتضمينه الفقرة المتعلقة به في البيان الختامي، فيما لم تلحظ المصادر وجود أفكار مطروحة في البيان ذات صلة بتوصيف حزب الله.
ويقابل الانفتاح الآسيوي على العرب، انفتاح عربي على هذه الدول، حيث البعد الجغرافي لها، جعل اهتمامها بمسائل الشرق الأوسط محدوداً، لكنها أدركت أن المنطقة هي المختبر السياسي للعالم، ولا يمكن إغفال الاهتمام بها، لا سيما أنها خزان للمشكلات ومصدّر لها. فهناك العمالة واللجوء والإرهاب، والمشكلات السياسية والتناحر الطائفي، والنفط، الذي يبقى حيوياً على الرغم من البحث عن الطاقة البديلة له. ومن جانب آسيا والصين تحديداً هناك نوع من الإرادة لفهم أكبر للإسلام وتقاليده، لم تكن هناك حروب مباشرة بين الصين والعرب، في الوقت الذي ترفض الدول العربية هيمنة السياسات الدولية عليها، إن كانت غربية أو روسية، مع الإشارة إلى أن دول آسيا صاعدة وتشكل قوة اقتصادية، وتبحث عن أسواق لها في المنطقة.
وبالتالي، يأتي منتدى الدوحة، لتكريس هذا الانفتاح، والاهتمام المتبادل سياسياً بالدرجة الأولى، واقتصادياً، والجهد لترجمة التوجه الجديد على أرض الواقع. والتوجه السياسي عبر المنتدى، يؤسس لمرحلة جديدة ستتبلور خلال السنوات العشر المقبلة، وسيساهم في ذلك كسر حاجز اللغة، من هنا تقديم المنح الدراسية التي راوح عددها ما بين الخمسين والستين ألفاً من الصين إلى العرب للعديد من الاختصاصات العليا، من خلال زيارة الرئيس الصيني للجامعة.
وتعميم اللغة يبدو ضرورياً من أجل فهم أفضل للعالم، وليس الانفتاح السياسي فقط. فالصين بلد المليار نسمة أي سدس البشر في العالم، ومن المؤكد، وفقاً للمصادر، أن هذا الانفتاح سيؤثر في السياسة، وسيؤدي إلى أن يستيقظ المارد الصيني ويستوعب أهمية العلاقة مع الدول العربية. وفي المقابل يجب الأخذ في الحسبان أهمية الصين في القرار السياسي الدولي، وهناك إجماع عربي وخليجي تحديداً على الانفتاح على الصين، وبات الشغل الشاغل لترسيم السياسة المستقبلية، لأن القوى العظمى التقليدية تبدو وكأنها أفلست سياسياً ولم يعد لديها ما تعطيه للعالم. فواشنطن تدعم إسرائيل بشكل لا متناهٍ، وموسكو تدعم النظام السوري، وتاريخياً كان يهم الأميركيين النفط وإسرائيل وخلاف ذلك لا شيء. وفي فترة نفوذ الغرب في المنطقة، جرى تخريب العراق واليمن وليبيا وسوريا، فضلاً عن وقوفه إلى جانب إيران بالتزامن مع الوقوف إلى جانب العرب، الأمر الذي أدى إلى بروز أفكار عربية بضرورة بناء رؤى مشتركة مع أطراف دولية مهمة والاستفادة من القوى الأخرى، إذ يعتقد أن تخطي الحدود الغربية مع العرب أدى إلى ما أدى إليه من علاقات غير متوازنة من بينها تفريغ الشرق من مسيحييه، والحرب السنية الشيعية، والاصطفاف السياسي في لبنان بسبب الرهانات الخارجية، وبالتالي هناك توجه لتوسيع الآفاق والنظر إلى ما بعد الحدود، وإلى آسيا التي تشكل مصدر غنى.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00