22 آب 2025 | 11:14

أخبار لبنان

الخطيب يحذّر من دفع لبنان إلى الهاوية

الخطيب يحذّر من دفع لبنان إلى الهاوية

 ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة في احتفال بالذكرى السنوية لرحيل العلامة المحققه السيد جعفر مرتضى، والذي اقيم في في مجمع الامام الصادق الثقافي، بحضور حشد من علماء الدين وممثلي المرجعيات الدينية وشخصيات سياسية و ديبلوماسية وثقافية وتربوية واجتماعية ومواطنين.

وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم وتقديم الشيخ نزار سعيد للحفل، استهل العلامة الخطيب كلمته بالقول :" أعظم الله أجورنا وأجوركم بشهادة سيد المرسلين سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد صلوات الله وسلامه عليه.

أحببت بهذه المناسبة التي صادفت ذكرى رحيل استاذنا العلامة السيد جعفر مرتضى مع شهادة آبائه وساداته وساداتنا أجمعين، شهادة رسول الله وسبطه الامام الحسن وحفيده الامام الرضا ،أن أعزي وأخاطب رسول الله (ص) بما خاطبه أمير المؤمنين (ع) الذي قال له : "بأبي أنت وأمي، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء. خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك وعممت حتى صار الناس فيك سواء. ولولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون، ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك، ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه".

اضاق:"في هذه المناسبة، مناسبة الذكرى السنوية السابعة لرحيل استاذنا العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى (رض) وتوافق رحيله مع رحيل آبائه الطاهرين هي بنفسها لها دلالة. رحيله كما قال رسول الله (ص): " اذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسده شيء"، وحقيقة رحيل السيد جعفر وهو العالم بحق ينطبق عليه هذا القول، ثلم في الاسلام ثلمة لا يسده شيء، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمّده برحمته مع آبائه الطاهرين، وأن يرزقنا شفاعتهم. إنه عليم قدير.

السيد جعفر لم يكن عالماً عادياً، هو عالم لأنه استحق أن يكون محققاً، عمله أتى عن تتبع وتحقيق والوصول الى القناعة عن هذا الطريق، وليس بالوراثة وبالاشاعة، وإنما عن طريق المعرفة الحقة التي أعلاها أن يأتي عن طريق التحقيق. هو محقق النهج العلمي الذي يبتغي الحقيقة، لم يكن سلوكه ناتجا عن شعور طائفي أنه يريد أن يدافع عن المذهب الذي يعتنقه كيفما كان تعصّباً، وإنما أراد أن يصل الى الحقيقة ليقول الحقيقة، وقد فعل هذا، فهو اتبع المنهج العلمي للوصول الى النتائج التي وصل اليها، وهذا شأن العالم وهذا واجب العالم أن ينهج النهج الحق للوصول الى النتيحة الصحيحة، لذلك استحق أن يكون عالماً وأن يكون محقّقاً في كل مؤلفاته التي أمتعنا بها وأنتجها وفي كل محاضراته وخطبه كان هذا هو نهجه، وقد استحق أن يكون الى صف العلماء الكبار الذين نعرفهم في تاريخنا والذين ألّفوا المصنفات الكبيرة والمتعددة، لكنه على هذا المستوى، حيث وصلت مؤلفاته الى أكثر من 250 مجلداً وهي ثورة علمية كبيرة في هذا العصر لم نعهدها عند أحد من العلماء حسب فهمي وتتبعي القاصر".

وتابع:"السيد جعفر مرتضى هو واحد ربما ليس له نظير آخر بين المؤلفين والمحققين والعلماء، نحن خسرنا رجلاً بهذه القدرات وبهذا الصدق وبهذا التحري عن الحقيقة وخدمة الشريعة، ولا اقول بخدمة المذهب لأن المذهب يُخدم حين نريد الحقيقة . وحين ننصر الحق والحقيقة ننصر حينئذ هذا المذهب. لم يسر مع من سار في هذه الفترة التي عجّت بالطائفية والمذهبية ونأى بنفسه عن ذلك، لأنه عالم والعالم لا يخوض كما يخوض الخائضون، العالم يبتغي الحق ويحترم نفسه.

نحن فقدناه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الحوزات العلمية التي كان له باع طويل فيها سواء في حضوره في قم، ولقد عاصرناه وحضرناه واستفدنا من هذا المجلس الذي كان يأتيه كبار علماء قم وكبار جامعة المدرسين، وكان مجلسه لطرح الآراء والاشكالات العلمية والتاريخية والعقائدة والتفسير. كان مدرسة بحق حتى في بيته، وكان استاذاً ولم يحبس ما عنده في صدره، وإنما أعطاه للجميع كما أعطاه عبر مؤلفاته أيضاً و عبر تدريسه في الحوزة ومشاركته الفضلاء والعلماء وأيضاً في مساهمته، وأيضاً في مساعدته للطلاب وايجاد الظروف الملائمة التي تساعدهم على تحصيل العلم والمعرفة وأن يعودوا الى لبنان علماء يقومون بدورهم كما ينبغي".

اضاف:"أنا أقول هذا للحق وللحقيقة، أن السيد جعفر مرتضى في هذا المجال له حق كبير على الذين عايشوه في قم وحضروا في مجالسه التي كان وقته مليئاً بها. هذا بعض ما يمكنني أن أفي به بعضاً من الحق لهذا العلامة الجليل الذي يستحق حقيقةً أن يقتدي به طلاب العلوم والعلماء، سواء في أخلاقه وفي سعة صدره وفي مساعدته وفي دروسه وفي مباحثاته وفي محاضراته وفي مؤلفاته، فهو نموذج يقتدى به.

نشاطه لم يقتصر على حضوره في قم، وإنما حينما عاد إلى لبنان أيضاً كان له باع طويل في التأليف، كما أسس حوزة الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في بيروت، ثم في عيتا الجبل، وهي حوزة ما زالت مستمرة في عطائها وفي تربية طلاب العلوم الدينية، وهي يشار إليها بالبنان. هذه الحوزة المباركة التي إن شاء الله سنتابع هذه المسيرة وهذا الخط على طريق السيد جعفر مرتضى رضوان الله تعالى عنه ".

وتحدث الشيخ الخطيب عن الشأن الداخلي فقال : "المقاومة قدمت للدولة اللبنانية ولمساعدة الدولة اللبنانية وللمسؤولين اللبنانيين، قدمت لهم بعض القضايا التي ليست من واجبها أن تقدمها، مثل سرعة الانسحاب من جنوب الليطاني وتسليمه للجيش اللبناني. لم يكن هذا منطوق القرار ولا لازم القرار ولا مفهوم القرار، بهدف إعطاء المجال للحكومة الجديدة ولرئيس الجمهورية الجديد مجالاً لما ذكروه أنه ما لا يحل الآن نحن نحله بالدبلوماسية. أصبحت الدبلوماسية "تراجعوا، تراجعوا، تراجعوا، تنازلوا، وتنازلوا"، ووصلت في الأخير أن سلموا سلاحكم. مقابل ماذا؟ ..لا شيء".

واشار الى انه" حتى الآن العدو الإسرائيلي وبعض مسؤوليه يقولون بشكل صريح وواضح أننا لن ننسحب من الأراضي التي احتلها، ولن نوقف العدوان ولن نعطي أي ضمان. مع هذا يقول بعضهم للأسف "أن اللبنانيين جميعاً متفقون على نزع السلاح". وسأل:"ماذا يعني ذلك ،وماذا يقول لنا؟ فهل يقول إننا غير لبنانيين؟.. الذين يتمسكون بالسلاح للدفاع عن لبنان هل هم غير لبنانيين؟.. هذه الطائفة كلها الآن التي لها رأي واحد، هؤلاء ليسوا لبنانيين؟ ثم أنت تتكلم بإسم كل اللبنانيين، فمن نصّبكم لهذا الأمر؟.. تكلم عن نفسك وأعط رأيك، فاختلاف الآراء ليس مشكلة. هناك أراء مختلفة في هذا المجال ومختلفون على هذا الموضوع، تكلم عن نفسك إنك غير موافق. من نصّبكم وليا على الشيعة اللبنانيين وعلى غير الشيعة من اللبنانيين الذين يقفون ضد تسليم السلاح في هذا الظرف الذي يصرّ فيه الإسرائيلي على الاحتلال وعلى ممارسة المزيد من العدوان ومن القتل ومن الاغتيال لأناس لبنانيين أكثر من كثير من الذين يدعون أنهم لبنانيون، وبعضهم طارئ على لبنان واستحصلوا على الجنسية اللبنانية حديثاً؟"..

وقال:"نحن لبنانيون قبل أن يكون أحد في هذا البلد لبنانيا.. ما هو المقصود من هذا المنطق؟ يعني وضع الزيت على النار لإشعال البلد، ثم يقولون ليس هناك فتنة داخلية، وأنتم تمارسون فعل الفتنة. نحن نصبر ونحن نتحمل ونحن نتمالك أنفسنا وأبناءنا على ألا يقوموا بردات فعل على الشيء الذي تريدونه، وهي الحرب الأهلية. حقيقة أنتم تريدون الوصول إلى حرب أهلية في لبنان على خلاف ما تدّعون. لسانكم يقول شيء وباطنكم يقول شيئا آخر".

واكد ان"القائد يحتاج إلى حكمة لمصلحة شعبه ولمصلحة وطنه. من المفترض أنه يهدّئوا الشارع ويهدّئوا الناس ويحافظوا على السلم الأهلي ويحافظوا على سيادة البلد وعلى مصلحة البلد وعلى مصلحة اللبنانيين جميعاً، لا أن تكون آذانهم موصولة بجيوبهم حينما يريدون أن ينطقوا فينطقوا حسب ما يصل إلى آذانهم، وما يصل إلى آذانهم يصل عبر جيوبهم. نحن لا نريد الإساءة إلى أحد، ولكن لا نريد لأحد أن يسيئ إلى الوطن. أنتم تسيئون إلى لبنان وتسيئون إلى السلم الأهلي وتسيئون إلى العلاقات بين اللبنانيين وبين الطوائف اللبنانية وتدفعون بالوطن إلى الهاوية. لن نعطيكم هذه الفرصة. لن نعطيكم هذه الهدية أن تأخذوا البلد إلى حيث يريد العدو الإسرائيلي، وإلى حيث الهدف الإسرائيلي بدفع البلد إلى الاقتتال الداخلي".

وختم:"نحن الذين دفعنا في السابق الفتنة الداخلية وتحملناها بجلدنا وبشهدائنا الذين اعتدي عليهم لسلامة البلد، ونحن الذين تحملنا نتائج الحرب ونتحمل الآن. أبناؤنا يغتالون على الطرق بواسطة الطائرات المسيّرة من أجل حماية كل لبنان حتى لا يتعرض بقية لبنان إلى السوء، وأن يبقى هناك مجال للبنانيين، وأن تكون هناك حياة لكن على حسابنا. عليكم أن تقدّروا هذه التضحيات الكبيرة من أهل المقاومة ومن بيئة المقاومة ومن جمهور المقاومة. الإنصاف يقتضي منكم أن تقدروا لا أن تقولوا أن هؤلاء لم يكونوا شهداء لبنان، وإنما كانوا شهداء إيران. هذا الكلام معيب ولا ينبغي أن يصدر عن جاهل فضلاً أن يصدر عن مسؤول ديني أو مسؤول سياسي.

أسأل الله سبحانه وتعالى لعلامتنا ولأستاذنا ولفقيدنا الكبير السيد جعفر مرتضى الذي خسرناه في هذه المرحلة الصعبة، وأن يُخلف الله علينا سبحانه وتعالى من يبقى على هذا الطريق وعلى هذه المسيرة ليحفظ طريق الحق والرأي الصواب والسداد والإنصاف لنفسه وللآخرين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

وفي الختام تلا السيد حسين حجازي مجلس عزاء حسيني.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

22 آب 2025 11:14