منوعات

تكريم عراقي في بيروت: سعد سلوم يفوز بـ«جائزة أديان للتضامن» للعام 2025 تقديرًا لجهوده في التضامن مع المجتمعات المهمشة في العراق والمنطقة

تم النشر في 26 تشرين الأول 2025 | 00:00

بيروت – منحت مؤسسة «أديان» اللبنانية جائزة التضامن لعام 2025 للأكاديمي والباحث العراقي الدكتور سعد سلوم، تقديرًا لمسيرته في تعزيز ثقافة الحوار بين الأديان، وترسيخ قيم التنوّع والتضامن في منطقة مثقلة بالنزاعات والانقسامات.

تُعد «جائزة أديان للتضامن» من أبرز الجوائز العربية التي تُمنح سنويًا لشخصيات ومبادرات تعمل على بناء الوحدة والتقارب بين أتباع الديانات المختلفة، خاصة في المجتمعات التي تشهد توترات أو صراعات مسلحة. وترى المؤسسة أن تكريم سلوم يأتي اعترافًا بمسار أكاديمي وإنساني متواصل يسعى إلى تحويل التنوع من مصدر صراع إلى مصدر قوة وهوية جامعة. وقد نال هذه الجائزة خلال الدورات السابقة شخصيات بارزة عالمية بارزة، منها القس جيمس ووي والإمام محمد أشافة من نيجيريا، اللذان تحوّلا من خصمين في نزاع دموي إلى صوتين للمصالحة، كما منحت الجائزة عام 2016 للبابا فرنسيس، وفي عام 2022 للمطران جورج خضر، لدوره في الدفاع عن الأخوّة العابرة للأديان ودعمه للفئات المهمشة.

رسالة تضامن في زمن الانقسام

يحمل منح الجائزة لباحث عراقي دلالة رمزية عميقة في ظل ما يعيشه الشرق الأوسط من تحديات متشابكة، إذ يبرز العمل الفكري والمدني الذي يقوده سلوم كجزء من الجهود الرامية إلى ترميم الثقة المجتمعية وتثبيت فكرة المواطنة المشتركة بعد عقود من العنف الطائفي والحروب.

يُعد الدكتور سعد سلوم، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة المستنصرية ورئيس مؤسسة مسارات في بغداد، من أبرز الوجوه التي كرست مسيرتها لحماية التنوع الديني والثقافي في العراق والتضامن مع المجتمعات المهمشة في المنطقة. أطلق عددًا من المبادرات الريادية، منها المجلس العراقي لحوار الأديان (2013)، ومركز رصد ومواجهة خطابات الكراهية (2018)، ومعهد دراسات التنوع الديني (2019)، ومركز دعم وتطوير صحافة التنوع (2020).

أصدر سلوم أكثر من 22 مؤلفًا تُعنى بقضايا الأقليات والإبادة والتنوع، من أبرزها:

«الإرث المر: عشر سنوات على الإبادة الجماعية للإيزيديين» (2025)، و«الإبادة الجماعية في الشرق الأوسط: من نكبة فلسطين إلى تدمير العراق» (2024)، و«فرنسيس في أور» (2023)، و«ديناميات الهوية: نهاية وانبعاث التنوع في الشرق الأوسط» (2023).

وقد تُرجمت أعماله إلى الإنكليزية والفرنسية والإيطالية، ما جعلها جزءًا من الأدبيات العالمية حول قضايا التنوع والعدالة الانتقالية في الشرق الأوسط.

اعتراف دولي متواصل

تعد «جائزة أديان للتضامن» في لبنان السادسة في مسيرة سلوم خلال الأعوام الماضية، فقد نال عددًا من الجوائز العالمية، أبرزها جائزة ستيفانوس الدولية (أوسلو 2018)، وجائزة ابن رشد للفكر الحر (برلين 2022)، وجائزة ZÊD الالمانية للتضامن الإنساني (فرانكفورت 2023)، إلى جانب جائزة كامل شياع لثقافة التنوير وجائزة البطريركية الكلدانية عام 2019.

صوت المثقف في مواجهة الانقسام والكراهية.

وقد أشار سلوم في خطاب نيله الجائزة " إن التضامن لا يعني الحديث نيابة عن المهمّشين، بل أن نخلق المساحات التي تُسمَع فيها أصواتهم. أن نضع خبراتنا، ومواقعنا، ومواردنا، في خدمة تمكينهم من التعبير عن أنفسهم، والمطالبة بحقوقهم، ورسم مصيرهم.

وأكثر من ذلك، التضامن مع المجتمعات المهمشة هو، في النهاية، تضامن مع أنفسنا. لأن كرامة الإنسان لا تتجزأ، وأمننا الجماعي يبدأ حين يشعر كل فرد أنه مشمول بالانتماء، ومحاط بالعدالة، ومصون بالحقوق."

يمثل هذا التكريم الجديد من بيروت تأكيدًا على أن بناء السلام يبدأ من الفكرة ومن الكلمة، وأن صوت المثقف القادر على الجمع بين الفكر والممارسة الميدانية يمكن أن يقدّم نموذجًا مضادًا للانقسام والكراهية.