أخبار لبنان

الجامعات وسندان التكلّس

تم النشر في 11 آب 2025 | 00:00

مازن عبّود-النهار

عيوننا على ما يجري في الجامعات النخبوية في اميركا. الرئيس ترامب مدرك لأهمية إعادة وضع هذه المصانع على سكة رؤيته للولايات المتحدة. فحملة القضاء على معاداة السامية ذريعة لتطويع هذه الجامعات. فالمواطن الأمريكي العادي ناقم على النخب المتعالية التي تنتجها.

الرئيس نيكسون ابان حرب فيتنام، وضع اساتذة الجامعات على "قائمة الأعداء" واعتبرهم منفصلين عن اميركا الحقيقية. لأنهم شكلوا مراكز لليبرالية، والمواقف المناهضة للمؤسسة الحاكمة. حرب فيتنام افضت الى تحولات اجتماعية كبرى. ما يجري اليوم هناك مشابه.

لكن الازمة ايضا في النخب التي تنظر بتعالي الى الناس وتزدري بثقافتهم. فالخوف من التحرر الزائد الى حدود التفلت اوصل الرئيس ترامب الى الحكم الذي بدأ بتجفيف مصادر تمويل هذه الجامعات للتأثير على محتوى برامجها التعليمية. بدأ ترامب امريكيا حربا ثقافية!

Ian Buruma (Project Syndicate,2025) اعتبر بانّ الجامعات النخبوية جعلت المجتمعات الغربية أكثر جدارة (Meritocratic). فصارت المكانة الاجتماعية مرتبطة بمصدر الشهادة الجامعية وليس النسب او الثروة. اعتبر الجامعات النخبوية غير متسامحة مع كل ما هو مختلف، بما يتعارض مع مبدأ حرية الفكر والتنوّع. فأنصار ترامب يتشاطرون شعور الإهانة هذا، جراء تعالي خريجي هذه الجامعات ممن يعتبرون أنفسهم أفضل. ما يجري يوجب إصلاحات جامعية. فالمطلوب ان تصير أكثر تقبلا للاختلاف والتنوّع وكسر حصريتها كمنتديات خارج المجتمعات. الازمة بانّ الكثير من الجامعات حتى لبنانيا، تحوّلت منتديات لأناس تتشابه بسماتها ودمغتها التعليمية، وهي ليست بالضرورة أكثر قدرة وكفاءة. فكانّ التجانس في النوع اضحى على حساب البحث ونشر العلم وخدمة المجتمعات ومراعاة تنوعها وخصوصيتها. وهذا ما يجعل من هذه المؤسسات مشكلة وليس حلا.

د.شوقي عبد الله (من اهم الأكاديميين عالميا) امسى رئيس LAU. وبوسطن كولدج توّجت مسيرة الاب سليم دكّاش اليسوعي بدكتوره فخرية. د.فضلو خوري انتخب عضوا في الاكاديمية الامريكية للفنون والعلوم. وهذا يطمئن شريطة ان يدرك القيمون على هذه المؤسسات التي صنعت البلد والتي أضحت تؤثر اليوم بشكل اقل في مساراته خطورة تكلس تفشي ثقافة التعالي. فيكافحون تحوّلها الى منتديات خارج اطر البلد والناس.