أخبار لبنان

قانونان وميزان

تم النشر في 4 آب 2025 | 00:00

مازن_عبّود

"المحاكم المستقلة لا تحرس فقط الحقوق، بل تبني الأسواق، بحيث تضمن تنفيذ العقود وحماية حقوق الملكية، مما يعزز الثقة في النظام الاقتصادي" (Fiss, 2007).

في بلد لا يعمل الا بدينامية خارجية، ادى الخوف من العقوبات الى دفع مجموعات المصالح في الحكم لإقرار قانوني تنظيم القضاء وإعادة هيكلة المصارف. ما يهم الغرب ضبط اقتصاد الكاش لدرء أسباب الممانعة.

إقرار قانون تنظيم القضاء أكبر وثبة في تاريخ لبنان المعاصر، لإنه يضمن استقلال سلطة اريد لها ان تبقى مرتهنة. سلطة يعتبرها Fiss (2007) حيوية اقتصاديا لإنها تقلل تكاليف المعاملات، وتضبط الريع، وتبني الثقة. فللمحاكم أدوار لا تقل عن أدوار المصارف. لإنها تحمي حقوق الملكية والالتزامات التعاقدية. القضاة معماريو الأسواق وضامنو جودتها (Glaeser, & Shleifer,2002).

تحية للرئيس سهيل عبّود الذي بإصراره على استقلالية القضاء مهما كانت الكلفة، عبّد الطريق امام هذا الفتح.

قانون تنظيم القضاء يضع السلطة في مجلس القضاء الذي لديه الكلمة الفصل في المناقلات والترفيعات. الزم الوزير بمعايير والزم نفسه. اضحى مجلس القضاء يشكل بالتعيين بمعايير وبالانتخاب بمعايير. فالانتخاب بلا معايير يجعل السلك كرنفالا، ويدخل السياسة من الأوتوستراد. قانون ضمن استقلالية وثباتا في المراكز. كما اوجد القانون آلية لتقييم القضاة لزوم الترفيعات والمناقلات. فحلّ مبدأ التحفيز والعقاب محلّ التدخلات.

كما يحدد قانون إعادة هيكلة المصارف الاليات والمعايير. صندوق النقد تحفظ عن تمثيل المؤسّسة الوطنيّة لضمان الودائع، في الهيئة المصرفيّة العليا، التي يتوجب ان تكون مستقلة بالكلية عن المصارف، فتتخذ القرارات بخصوص كل مصرف بحرية وتجرد. وذلك لانّ المصارف التجاريّة التي تمتلك نصف أسهم المؤسسة، ستصبح شريكة في صنع قرارات يفترض ان تكون تأديبية بحقها (الغرفة الأولى) او تتعلق بإعادة هيكلتها (الغرفة الثانية). والمصارف تعترض عليه. لا يجب ان يبقى القانون وحيدا فلا يعمل.

إقرار القانونين انجاز للعهد. لكن العبرة في حسن انفاذ القانونين باستكمال ارساء بنية مؤسسية تضمن انجاح استراتيجية نهوض اقتصادي. استراتيجية هدفها ابعد من ضبط السوق السوداء. فهل هذا ممكن في وسط محيط جيوسياسي ملتهب؟ ما جرى ضروري، لكن هل تستكمل الضغوط لإقرار ما يلزم ومتعثر؟