أخبار لبنان

بوراوي الإمام مكرماً من علي العبد الله :تعلّمت من اللبنانيين الإرادة القوية التي لا تنكسر

تم النشر في 31 تموز 2025 | 00:00


كرّم رئيس مجموعة أماكو علي محمود العبد الله في بيروت السفير التونسي في لبنان بوراوي الإمام تقديراً لمسيرته الدبلوماسية المشرّفة مع اقتراب موعد انتهاء مهامه الدبلوماسية في بيروت، ولجهوده الصادقة في تعزيز أواصر الأخوة بين تونس ولبنان، وإجلالاً لما يتمتع به من صفات مهنية وقيم إنسانية رفيعة.

حفل التكريم الذي أقيم في فندق الفينيسيا ف بيروت ، حضره حشد نيابي ودبلوماسي واسع، بمشاركة رؤساء غرف التجارة، ومرجعيات اقتصادية واجتماعية ورؤساء اتحادات ونقابات وتجمعات، وقدم خلاله علي العبد الله للسفير بوراوي درعاً تكريمية تقديرا لعطاءاته.

السفير بوراوي

السفير بوراوي توجّه إلى العبد الله بالشكر الكبير على مبادرة التكريم في لبنان، والى الحضور على مشاركتهم فيه، وقال: هذه المبادرة الطيبة من علي العبد الله تدل على النبل والأخوة وعمق العلاقات الوثيقة التي تجمعنا. أشكرك لأن ما تفعله اليوم يدل على عمق العلاقات والمحبة الكبيرة لتونس ولبنان. وأضاف السفير: "السيد علي العبد الله رجل اقتصاد واعمال وقيادي ناجح، وطني غيور على لبنان.

وتابع: لقد أتيت إلى لبنان في العام 2020 وأمضيت كل هذه السنوات كسفير لتونس، لكنني أغادر بيروت في 2025 إلى تونس وربما إلى مكان آخر كسفير للبنان.. أتيت في فترة صعبة وشهدنا الكثير من الأحداث بعد انفجار المرفأ والأزمات المتعددة، من الأزمة الصحية إلى المالية والمصرفية والمؤسساتية والاعتداءات الغاشمة على لبنان، وعشت في لبنان كل المشاعر، من مشاعر الخوف والإحباط، كما مشاعر الأمل والطموح وتعلّمت من اللبنانيين، لأنهم دائما يحملون الأمل والإرادة القوية التي لا تنكسر. وهذا أمر ليس بغريب على اللبنانيين، هذا أمر نلمسه في كل لحظة وفي كل يوم، رغم التحديات ورغم الأزمات نرى دوما الأمل في عيون كل اللبنانيين، في عيون الشباب كما في عيون مختلف الأجيال. لبنان دولة عظيمة بشعبها وبتاريخها وحضاراتها، وبثرواتها العديدة وتنوّعها الثقافي.

واضاف: إن لبنان بحاجة إلى كل أبنائه، وهو بحاجة إلى وحدة الصف ووحدة الكلمة لأن التحديات كبيرة، والمخاطر كبيرة، والتحوّلات التي تشهدها المنطقة وستشهدها أيضا كبيرة، نحن لم نصل بعد إلى قمة التطورات، نحن في عمق التحوّلات، وستشهد المنطقة تحوّلات خطيرة. وأرجو، وأتمنى على كل اللبنانيين أن يدركوا هذه التحديات المشتركة لأن المخاطر تهدد الجميع، ولن تستثني أحدا. وبالتالي أنا أنظر إلى نفسي الآن كلبناني، حتى ولو كانت الفترة التاريخية المشتركة التي جمعتنا تعود إلى 3 آلاف عام. ثمة تاريخ طويل يجمعنا مع الفينيقيين والكنعانيين الذين وصلوا إلى تونس منذ زمن، وأسسوا بالشراكة مع التونسيين السكان الأصليين، نواة لإمبراطورية عظيمة توسعت في منطقة البحر المتوسط لا بالحرب ولكن بالتجارة والثقافة، وهما الركيزتان اللتان يمكن للبنان التعويل عليهما، كما يمكن لتونس التعويل عليهما أيضا.

وأكد بوراوي على أهمية التعاون بين لبنان والمغرب العربي وشمال أفريقيا، وقال متوجهاً الى اللبنانيين: ثمة فرص كبيرة لتعزيز التعاون في هذه المنطقة، وفي كل هذه البلدان حيث ستجدون كل الحفاوة والاستقبال والدعم. لدينا اليوم سفير جديد في تونس هو الأستاذ ميلاد نمور الموجود معنا اليوم ، ونحن نتمنى له كل التوفيق والنجاح ونؤكد دعمنا ومساندتنا له من اليوم وصولا الى لقائنا في تونس.

العبد الله

من جهته قال علي العبد الله، في كلمة له خلال التكريم: أقف أمامكم اليوم في مناسبة مميّزة ومحبّبة إلى القلب، مناسبة أردت من خلالها تكريم صديق عزيز، وإنسان راقٍ، ودبلوماسي محترف… تعرّفت على سعادة السفير السيد بوراوي الإمام عام 2021، أي في أصعب اللحظات التي مرّ بها لبنان في تاريخه الحديث، حين اجتمعت الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وانفجار مرفأ بيروت والاحتجاجات الشعبية، ثم اجتاحنا وباء كورونا، وانهارت العملة. وسط هذا المشهد المعقّد، كان بيننا رجل من طراز مختلف، رجل جاء ليخدم بلده، فخدم أيضا هذا البلد، بحبّ، وباندفاع، وبحكمة.

وأضاف: لا بد لي أن أبدأ بشكر تونس، نعم وهذا واجب علي، لأن تونس أرسلت لنا هدية دبلوماسية غالية من مدرستها البورقيبية العريقة. هذه المدرسة التي نعرفها جيدا، ونحترم إرثها الإصلاحي، التقدّمي، التنويري، التحديثي والعقلاني. والتي تركز على التحديث الاجتماعي الجذري من خلال تحرير المرأة، والمساواة، ونشر التعليم، وإرساء ثقافة وطنية منفتحة. ونحن ننظر إلى تونس اليوم يا سعادة السفير، باعتبارها عمقنا الثقافي ورمزا للحداثة والتطور، والتحرر من الاستعمار وبناء الدولة الوطنية. لقد حملتم هذا الإرث معكم، وكنتم خير سفير لبلدكم ولتاريخها السياسي والثقافي المضيء. ما ميّزك يا سعادة السفير منذ اليوم الأول، هو إنسانيتك. أنت رجل محترم، خلوق، لطيف، مثقف، منفتح على الجميع، متقبل للرأي الآخر، وقريب من الناس. تنسجم مع محيطك بسرعة، وأظهرت فهما عميقاً للواقع اللبناني بتعقيداته وتنوّعاته وتاريخه وسوريالته. أما مهنياً، فأنت خبير عتيق في الدبلوماسية وبناء العلاقات. تعرف كيف تُقدّر الناس، وكيف تُبنى الجسور، لا الحواجز. وكنت من أوائل السفراء الذين جالوا على الشخصيات والمؤسسات في ظل كورونا، غير آبه بالمخاطر، بل حريص على أداء واجبك الكامل إلى أبعد الحدود. لقد شكّلت بوجودك في بيروت فرصة لإعادة التأكيد على أهمية العلاقات اللبنانية - التونسية. علاقات تجمعها المحبة، والمصير المشترك، والإرث الثقافي الواحد.

وتابع : اسمحوا لي أن استغل هذه الفرصة كلبناني حريص على مستقبل بلده، لتوجيه دعوة وطنية صادقة لكل اللبنانيين، وخصوصا القيادات السياسية والاقتصادية. لقد آن أوان الانتقال من زمن الأزمات إلى زمن الحلول. ما نمرّ به في لبنان لم يعد يحتمل المراوحة، المطلوب هو الوحدة، ووضع الخلافات السياسية جانبا، والانكباب على الإصلاحات المالية والاقتصادية والتشريعية، التي تعيد بناء الدولة والمؤسسات، وتمنع مواصلة الانهيار.. وفي ظل احتدام التحديات الإقليمية الخطيرة، لا خيار لنا سوى تقوية مناعة لبنان سياسيا، اقتصاديا، أمنيا، واجتماعيا. هذه المناعة تبدأ بإرادة وطنية صادقة، تنبع من الناس، وتُترجمُ من خلال المؤسسات والقيادات الحريصة على وطننا.

وختم قائلا: إن تكريمنا اليوم لسعادة السفير، ليس ناتجا فقط عن صداقة بين دبلوماسي ورجل أعمال، بل هو مثال على كيف يمكن أن تتحوّل العلاقات الثنائية إلى مساحة أمل، وتعاون، ورؤية مشتركة لقضايانا الوطنية والعربية والدولية. أشكر حضوركم الكريم، وأجدد الترحيب بسعادة السفيرة، عقيلة السفير بوراوي الإمام السيدة يسرى سويدان، التي تمثّل تونس أيضا من موقعها في براغ، وتجمع في شخصها النبل والدبلوماسية والكفاءة.