تم اطلاق الحملة الوطنية للحد من خطر حرائق الغابات في مقر المجلس الوطني للبحوث العلمية في بيروت، بحضور وزيرة البيئة تمارا الزين ووزير الزراعة نزار هاني، وممثل وزير الداخلية والبلديات المدير العام للدفاع المدني العميد نبيل فرح، والامين العام للمجلس الوطني شادي عبدالله وناشطين بيئيين.
وبعد كلمتين لكل من عبدالله والعميد فرح، تحدث وزير الزراعة نزار هاني، فقال: "نجتمع اليوم في محطة مفصلية من أجل وطننا، نُطلق خلالها الحملة الوطنية للحد من حرائق الغابات، ليس فقط كإجراء سنوي بل كموقف وطني واستراتيجية دائمة، ترسّخ مبدأ الوقاية بوصفه حجر الزاوية في حماية الثروة الحرجية اللبنانية".
اضاف: "الغابة ليست مجرد غطاء أخضر يغطي الجبال والوديان، بل هي منظومة حية متكاملة، توفر الهواء النقي، وتختزن المياه، وتحمي التربة، وتشكّل الحصن الأخير للتنوّع البيولوجي، وتُعدّ جزءًا لا يتجزأ من الهوية البيئية والثقافية لهذا الوطن".
واشار الى ان "هذه المنظومة الهشة باتت تحت تهديد دائم، لا بسبب الطبيعة فقط، بل في كثير من الأحيان بفعل الإهمال أو سوء التصرف البشري. ولذا، فإن الوقاية لم تعد خيارًا، بل أصبحت واجبًا وطنياً وأخلاقيًا، لأن كل دقيقة تأخير في الاستعداد، قد تتحول إلى ساعات من اللهب والخسائر".
وأضاف: "إن الحملة التي نطلقها اليوم ترتكز إلى مقاربة علمية وعملانية تقوم على:
-تنظيف الأحراج ومحيط الطرقات، وإزالة الكتلة الحيوية الجافة، واستثمارها في -إنتاج الكومبوست، بما يخدم مفهوم الزراعة الدائرية والمستدامة.
-إعداد شبكات إنذار مبكر وتعميم نشرات المجلس الوطني للبحوث العلمية محليًا، لتمكين الاستجابة قبل الكارثة.
-رفع منسوب الوعي المجتمعي حول مخاطر إشعال النار، وتطبيق القوانين الرادعة بحق المخالفين، بالتعاون مع السلطات المحلية.
-تعزيز دور البلديات في إدارة أراضيها الحرجية والزراعية، بالشراكة مع الجمعيات البيئية وفرق التدخل الأولي والمجتمعات المحلية".
وأكد أن "المزارع ليس فقط منتجًا غذائيًا، بل حارسٌ للغابة التي تحيط بأرضه، تمامًا كما أن البلدية ليست فقط إدارة محلية، بل هي خط الدفاع الأول في إدارة الأراضي والمخاطر".
وتابع وزير الزراعة: "أيها الحضور الكريم، لسنا في مواجهة موسمية مع الحرائق، بل في معركة دائمة لحماية الحياة. وإن القانون هو الإطار، لكن الفعل المشترك هو ما يصنع الفرق. فالغابة لا تحترق وحدها، إنما تحترق معها الذاكرة والهوية، وتُستهلك معها مقدّرات الأجيال القادمة. أتوجه من هذا المنبر بتحية تقدير وعرفان لكل الأبطال: من رجال الدفاع المدني، إلى فرق الجيش اللبناني، إلى المتطوعين في المناطق كافة، وإلى زملائنا في وزارة البيئة ووزارة الداخلية والبلديات، وكل شركاء الحماية والوقاية والوعي. كما أحيّي كل مبادرة أهلية تؤمن أن ثقافة الوقاية تبدأ من البيت والحي والمدرسة، لأن الغابة لا تحتاج فقط إلى تشريع، بل إلى وجدان حي وشراكة فاعلة".
وختم: "لنُطلق اليوم نداءً واحدًا بصوتٍ واحد: "الوقاية من حرائق الغابات مسؤولية وطنية ومجتمعية". لنجعل من حماية الغابة أسلوب حياة، لا ردّة فعل عند اشتعال النيران. فلنقف جميعًا معًا، لأن الوقوف بعد الحريق لا يطفئ رمادًا، ولا يعيد شجرةً، ولا يُنقذ حياة.شكرًا لكم، وعاشت غابات لبنان".
وأكدت وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين في كلمتها أهمية الحملة الوطنية للحد من خطر حرائق الغابات، وأوضحت "أنها تتكامل مع مشروع ادارة مخاطر حرائق الغابات الذي أطلقناه قبل أيام برعاية دولة رئيس الحكومة نواف سلام"، وشددت على "أهمية الجهود التشاركية لمواجهة المخاطر الطبيعية بين كل من وزارة الداخلية والبلديات ووزارة الزراعة ووزارة البيئة، واهمية الدور الذي يؤديه البحث العلمي في صياغة السياسات العامة في مجال الكوارث الطبيعية وتحديداً تلك المرتبطة بالإضطراب المناخي والجفاف، من هنا جاء تأسيس المركز الوطني للمخاطر الطبيعية والإنذار المبكر، انطلاقاً من إيماننا بوجوب تطوير البحوث والدراسات حول المخاطر الطبيعية ورفد السلطات ومتخذي القرار بالمعطيات اللازمة والممارسات الفضلى، وما نقوم به في وزارة البيئة هو تكامل مع كل الذي حملناه من عمل على صعيد البحث العلمي".
واشارت إلى "أن مشروع ادارة مخاطر حرائق الغابات يتطلب فعلياً تضافر جهود وتعاون بين كل المعنيين بدءاً بالمجتمع المحلي مروراً بفرق التدخل وصولاً إلى الوزارات المعنية ومن بينها الزراعة والداخلية والبيئة"، آملة في "أن تواكبنا وزارة العدل خصوصاً بعدما رأيناه في حرائق القبيات حيث إتخذنا صفة الادعاء في هذا الملف، وكما قال زميلي وزير الزراعة لا يندلع حريق من تلقاء ذاته بل هو نتيجة فعل إما عن جهل أو عن قصد، وفي الحالتين يجب أن تكون هناك محاسبة لأنه لا يجوز أن يؤدي خطأ إلى إحراق آلاف الهكتارات".
وعرضت الوزيرة الزين للإحصاءات حول الحرائق استناداً إلى أرقام المجلس الوطني، قائلة "في سنة 2023 سجّلنا 4264 حريقاً، وفي عام 2024 وصلنا إلى 6365 حريقاً، وحتى منتصف تموز هذه السنة تخطينا 466 حريقاً، لذلك "من الضروري ترسيخ الوعي حول هذه الملف واعتباره من الاولويات على الصعيد الحكومي، ووجود الجميع هنا دليل على التعاطي بجدية مع هذا الموضوع، ولدينا هذه السنة تحديات اضافية يجب أخذها بعين الاعتبار، فعدا الاضطراب المناخي لدينا مشكلة الشح في المتساقطات، وقد رفعنا يدنا أنا ووزير الزراعة في ثاني جلسة لمجلس الوزراء وطالبنا التفكير بخطة لمواجهة شح المياه لأن أثره لا يقتصر فقط على الزراعة بل على البيئة وزيادة مخاطر الحرائق اضافة إلى أثره على السياحة وعلى رفاهية الانسان وحياته، ما يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا في مواجهة هذا التحدي".
وانتقدت وزيرة البيئة "بعض الممارسات الخاطئة في تشحيل الغابات وفي اعادة التشجير من دون مراعاة واقع التنوع البيولوجي لبعض المناطق التي يمكن أن تكون حساسة بيئياً ما يؤدي إلى جفاف سريع في التربة، وهذا الجفاف بدوره يمكن أن يؤدي إلى ازدياد مخاطر الحرائق"، لكنها قالت "وزارة الزراعة تتابع طبعاً هذا الامر وترسل مشكورة الارشادات اللازمة".
وخلصت إلى الدعوة "إلى الوعي والتنبه من الأحداث المُناخية المتطرفة التي تضعنا امام مخاطر حرائق مقلقة"، مجددة التأكيد أن "التدخل مكلف ولكن كما نقول إن الاستثمار بدولار واحد في الوقاية يوفر علينا ما بين 4 إلى 7 دولارات في عمليات الإغاثة والتعافي"، مثمّنة "الدور الذي يضطلع به الدفاع المدني وأمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية شادي عبدالله"، وختمت كلمتها بشعار "ما تلعب بالنار".
وفي الختام، جرى عرض ملخص الحملة الوطنية من قبل مديرة جمعية الثروة الحرجية والتنمية AFDC سوسن بو فخر الدين.