أخبار لبنان

الطريق عبر إدلب

تم النشر في 21 تموز 2025 | 00:00

مازن عبود

2015‎‏) اعتبر أنّ الصراع في سوريا هو المحفّز الأبرز ‏للمشاعر الجهادية بعد أفغانستان. فما "يحدث هناك يُشكّل الجيل الآتي ‏من الحركات الجهادية العالمية". ‏

موجات الإسلام السياسي التي انطلقت مع الثورة الإيرانية تستكمل ‏تدمير النسيج المتبقي. وترددات العنف الزلزالية للنظام السابق لا ‏تتوقف، بل تتزايد. والأزمة تكمن في أنّ طريق بيروت وعمان ‏وحتى باريس ولندن تمر بالرقة.‏

فشل التعامل مع ملف الثورة السورية يسطر مصائرنا. نعم، "ليحكم ‏الإسلاميون" ومع حكمهم فلتستبدل التنمية بالأيدولوجيا! هم يقدمون ‏بديلا مشوها عما يجب ان تكون عليه الدولة بعد الأسد. البروفسور ‏فوّاز جرجس (2016) اعتبر أنّ رؤية المتطرفين للعالم أبوكاليبسية. ‏يمدون الناس بإيدولوجيات بدل الرغد والتنمية. فالأفكار أقوى ‏الوسائل لأنها تصنع الخطاب الذي يقنع جماعة ما بالسير حتى عكس ‏مصالحها الاقتصادية. فالمصالح بناء اجتماعي دينامي، غير ‏اقتصادي غالبا، ويرتكز على هوية الجماعة ورؤيتها للآخر. ‏المصلحة غالبا فكرة (‏Dani Rodrik,2025‎‏). والأفكار التي تتداول ‏هناك تجعل البشر قنابل بيولوجية. ‏

ما يجري في سوريا لا ينتج تنمية وازدهارا بل هو نموذج أفغاني ‏على شواطئ المتوسط الجنوبية. ليستر (2015) اعتبر الصراع ‏السوري غير محليّ، لأنه تحوّل إلى حاضنة عالمية جهادية. السويداء ‏ومعبر داود وصراع السرديات الأبوكاليبسية هناك كوابيس. ‏

نتحسر على المشرق. وMansel (2010‎‏) حدده فضاء حضاريا ‏تفاعليا لا يُختزل في الجغرافيا. اعتبره "حالة ذهنية" و"منظومة ‏ثقافية" تقوم على التداخل والتنوع والانفتاح. وصّفه كنموذج حيّ عن ‏الكوزموبوليتية، حيث تتلاقى الإمبراطوريات، وتتجاور اللغات، ‏وتتعايش الأديان، وتتشابك المصالح الاقتصادية في نسيج حضاري ‏غني ومعقّد. بالنسبة إليه مرافئنا التجارية هي فسح حضارية يتصل ‏فيها الشرق بالغرب، والإسلام بأوروبا وفكرها الحداثي. فهو ‏‏"حضارة مشتركة وتعايش عملي وتواصل ثقافي". فالتعددية اللغوية ‏والدينية كانت رافعة للنجاح والتكامل. وإتقان لغات عدة كان جواز ‏عبور إلى شبكات التجارة والتأثير الاجتماعي.‏

بقايا الكوزموبوليتية اليوم تزول بالتطهير الديني. خسارة تفكيك ‏الفسيفساء الحضارية وتحويلها إلى فسحات نزاع وتجانس قسري لا ‏تعوّض. تدمر المنطقة بواسطة "إيديولوجيات الطهارة". ثمة نموذج ‏يتلاشى ودرس تاريخي يتصدع كان يمكن استلهامه لبناء عالم أفضل. ‏فهل ما زال ممكنا التدخل؟ وكيف؟