ربط النائب مروان حمادة، في حديث إلى "صوت لبنان"، بين مضمون تصريح الموفد الأميركي توم براك الأخير، الذي ألمح فيه إلى "العودة إلى بلاد الشام"، وبين مسار محو "حدود سايكس – بيكو" وإرساء وقائع متحرّكة جديدة في كل من سوريا والعراق ولبنان، مشيراً إلى أنّ فتح "صندوق باندورا" هذا يدفع للتساؤل عن مصير توازنات الحرب العالمية الأولى وجهود البطريرك الياس الحويك في تكريس الكيان اللبناني.
ولفت حمادة إلى ضرورة أن يستفيد العهد الجديد من "المحطة الإقليمية السانحة" للتأكيد على سيادة لبنان وطمأنة أبناء الطائفة الشيعية بصفتهم شركاء كاملي الحقوق في الوطن، منبّهاً إلى أهمية استخلاص العبر من توجه دول الإقليم نحو الاتفاقيات الإبراهيمية والتطبيع مع تل أبيب.
وكشف حمادة عن انتقال الحكم في لبنان إلى ما أسماه "غرف أوضاع"، محذراً من خطورة تهميش المؤسسات الرسمية و"زوربة" الملفات الشائكة، ولافتاً إلى بطء وتيرة عمل المعنيين في إدارة مقدرات الدولة. وأكد أنّ المطلوب اليوم هو تطبيق اتفاق الطائف بجميع مندرجاته، رافضًا أي "حكم موازٍ" للشرعي والدستوري، وانتقادًا لمنح المستشارين صلاحيات تقريرية واستشارية تتجاوز مبدأ فصل السلطات، معارضاً منطق اختزال المؤسسات بالرئاسات الثلاث، عائدا الى الوراء ابان كان الرئيس السوري الاسبق حافظ الاسد الحاكم الفعلي على لبنان.
وفي السياق، صنّف حمادة تصريحات قياديّي حزب الله الأخيرة ضمن خانة "المصطلحات غير المقبولة والمهددة بالقتل"، والتي تنسف أسس العيش المشترك. وأبدى استغرابه من "خجل" بعض المسؤولين في وضع النقاط على الحروف، داعياً إلى خطوات تشريعية وتنفيذية لحصر سلاح الحزب بيد الدولة اللبنانية، وحل جناحه العسكري المرتبط بالحرس الثوري الإيراني، وانضواء جناحه السياسي تحت سقف الشرعية اللبنانية.
واتهم حمادة حزب الله بعدم السعي إلى بناء دولة قوية وقادرة، مشيرًا إلى أنّ "زمن المغامرات المسلحة" قد ولّى، في إشارة إلى أحداث 7 أيار، مستبعدًا قدرة الحزب على تكرار التجربة بسبب تماسك الجيش اللبناني ورفض بيئته الحاضنة الانجرار إلى صدام داخلي.
وسأل حمادة القائمين على العهد عن موقفهم من تصاعد الضغط الدولي على لبنان، والتدهور السياسي والاقتصادي والمالي، في ظل انكفاء دول الإقليم عن تقديم الدعم والمساعدات، وسلط الضوء على السياسة السعودية التي وصفها بـ"الدبلوماسية الهادئة والقسوة الاقتصادية الصامتة"، في وقت لم تُفعّل فيه الاتفاقيات الموقّعة مع الرياض، وسط انعدام حركة التصدير إلى الخليج.
وأشار إلى وجود "جفاء عربي" تجاه لبنان الواقف على حافة خطر الحرب، مستعيدًا القرار 1559 الذي دعا إلى انسحاب الجيوش الأجنبية وحل الميليشيات، وما تبعه من انقسام عامودي واغتيالات طالت شخصيات استقلالية. وذكّر بمواقف البطريرك صفير ورجال الدين من السنة والدروز، ورفضهم الهيمنة على الدولة.
وفي ما خص إسرائيل، أكد حمادة أن تل أبيب لا تطرح مسألة التطبيع بقدر ما تسعى إلى إزالة تهديد "الميليشيات المرتبطة بإيران" التي ترفع شعار "تحرير القدس" من دون تحقيق أي نتائج ملموسة. وسجّل إيجابية في اعتبار الإدارة الأميركية حزب الله كياناً سياسياً، داعياً الحزب إلى العودة إلى الكنف اللبناني قبل فوات الأوان، ووقف الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
وأشاد حمادة بالأنظمة العربية "العاقلة والمتكيفة مع الواقع العالمي"، مشددًا على ضرورة أن ينخرط لبنان في مشروع شرق أوسطي جديد قائم على الحداثة والذكاء الاصطناعي والتنمية، والعمل فورًا على تطوير علاقاته مع سوريا في مجال التبادل التجاري، وضبط الحدود، وتحرير رأس المال، وإيجاد حل لملف الموقوفين السوريين والودائع المصرفية بما يخدم مصلحة البلدين.
وختم بالتأكيد على موقف "اللقاء الديمقراطي" الداعم لإشراك المغتربين في الانتخابات النيابية المقبلة في أيار، وانتخابهم لـ128 نائبًا، رافضًا اختزالهم بـ"نواب القارات الست". وأكد ضرورة اعتماد الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة، وإنجاز سلة الإصلاحات، وتوزيع المسؤوليات المالية، وتطبيق اتفاق الطائف، تفاديًا للمزيد من الانهيار والانقسام أو العودة إلى "بلاد الشام" كما جاء في تصريح الموفد الأميركي توم براك