تشهد العلاقات اللبنانية - السورية حراكًا دبلوماسيًا وقضائيًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، في إطار مساعٍ حثيثة للتوصل إلى حل عملي لملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، والذي بات يُشكّل عبئًا إنسانيًا وقانونيًا وأمنيًا متزايدًا على الدولة اللبنانية.
وبحسب مصادر "الجديد"، فإن هناك تواصلًا متقدمًا بين وزارتي العدل في بيروت ودمشق، يهدف إلى التوصل لمعاهدة قضائية ثنائية تسمح بإمكانية نقل عدد من السجناء السوريين المحكومين في لبنان إلى بلدهم، ليكملوا فترة محكوميتهم في السجون السورية، باستثناء المحكومين بقضايا إرهاب أو جرائم اغتصاب، الذين سيُستثنون من هذا التفاهم حفاظًا على مقتضيات الأمن الوطني والعدالة الجنائية.
التحرّك اللبناني يأتي استجابةً لضغوط متعددة، منها الازدحام داخل السجون اللبنانية التي تعاني أصلًا من اكتظاظ شديد وظروف معيشية صعبة، فضلًا عن كلفة رعاية النزلاء السوريين، والتي تشكل عبئًا ماليًا إضافيًا على كاهل الدولة في ظل أزمتها الاقتصادية المتفاقمة.
من جهة أخرى، فإن الجانب السوري يُبدي استعدادًا لاستيعاب عدد من هؤلاء المحكومين ضمن آلية قضائية واضحة، تضمن احترام حقوقهم واستكمال العقوبة بموجب أحكام المحاكم اللبنانية، ما يشير إلى رغبة متبادلة في معالجة هذا الملف الشائك بروحية التعاون والمؤسساتية.
رغم التقدم في المحادثات، فقد أكدت الجهات اللبنانية المعنية أن الملف لن يشمل كل الموقوفين، بل سيتم استثناء المتورطين في قضايا إرهاب وجرائم ذات طابع جنسي مثل الاغتصاب، وذلك انطلاقًا من دواعٍ أمنية، ولضمان عدم إفلات هؤلاء من العقاب أو حصولهم على ظروف سجن أخف قد تُثير الجدل.
المعاهدة القضائية لا تزال قيد الإعداد، لكن مصادر رسمية أشارت إلى أن التوقيع قد يتم خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، بعد الانتهاء من التفاصيل الفنية، ومصادقة الحكومتين على بنود الاتفاق. ومن المتوقع أن يترافق ذلك مع تشكيل لجان مشتركة لمتابعة عملية النقل وتوثيق الأحكام لضمان مطابقتها للمعايير القضائية الدولية.