أطلق الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الخميس، الهوية البصرية الجديدة للدولة السورية، في خطوة تحمل أبعاداً رمزية وسياسية وثقافية، تمثل انطلاقة نحو مرحلة وصفها بـ”التاريخية”، تؤسس لهوية جامعة تنبثق من خصوصية سوريا ووحدتها الوطنية. خلال حفل رسمي خصص لإطلاق الهوية الجديدة، قدّم الرئيس الشرع شرحاً مفصّلاً عن الرموز البصرية التي يتضمنها الشعار الجديد لسوريا، والذي جاء على شكل طائر جارح، يعكس مفاهيم القوة والتوازن والسرعة والدقة والابتكار، وهي صفات قال إنها تعبّر عن ملامح الدولة السورية الحديثة وأدائها المرتقب.
في أعلى الشعار، تظهر ثلاث نجمات، ترمز إلى العلم السوري، وتحمل دلالة على الاستمرارية الوطنية. أما جناحا الطائر، فاحتويا على 14 ريشة، في إشارة إلى محافظات سوريا الأربع عشرة، تأكيداً على وحدة الأرض والشعب.
يُختتم الشعار بذيل مُقسّم إلى خمسة أجزاء، تمثّل المناطق الجغرافية الكبرى في البلاد (الجنوب، الوسط، الساحل، الشمال، والشرق)، في تأكيد على وحدة الجغرافيا السورية رغم التحديات والانقسامات التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضية.
الشرع: “سوريا الموحدة لا تقبل القسمة”
وفي كلمته خلال الحفل، شدد الرئيس الشرع على أن الهوية الجديدة تمثّل “سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحدة”، وأضاف: “نُطلق اليوم هوية تعبّر عن سوريا بكل أبنائها، هوية وطنية شاملة تستمد عناصرها من التنوع الثقافي والعرقي الذي لطالما كان مصدراً للإغناء، لا للتنازع”.
قال: “إن احتفالنا اليوم ليس مجرد عرض لشعار جديد، بل هو عنوان لمرحلة جديدة في حياة السوريين، عنوان لإعادة البناء، وبث الروح في مؤسسات الدولة والمجتمع”.
رسالة إلى السوريين: حان زمن النهوض
ووجّه الشرع رسالة مباشرة إلى الشعب السوري، قال فيها:
“أيها الشعب السوري، إن حكاية الشام تستمر بكم. التاريخ يشهد أن زمن أفولكم قد ولى، وأن زمن النهوض قد حان. دماؤكم لم تذهب سدى، عذاباتكم سُمعت، هجرتكم انقطعت، وسجونكم فُتحت، وصبركم أورثكم نصراً جديداً”.
في هذه الرسالة، حاول الشرع أن يخاطب مشاعر السوريين الذين عانوا خلال السنوات الماضية من ويلات الحرب والانقسام واللجوء والتهجير، مؤكداً أن المرحلة القادمة ستشهد استعادة للكرامة والدور.
إعادة ترميم الإنسان السوري
واعتبر الرئيس السوري أن الهوية البصرية الجديدة ليست مجرّد تغيير شكلي، بل هي جزء من مشروع أوسع لإعادة ترميم الهوية السورية، قائلاً:
“نريد أن نعيد للإنسان السوري ثقته بنفسه، بموقعه، بوطنه. نريد أن نستعيد تلك الروح التي هجّرتها الحرب والقلق والخوف. هذه الهوية هي محاولة لتجديد العلاقة بين الدولة والمواطن، بين الجغرافيا والتاريخ”.
ختم الشرع بالقول: “إننا من خلال هذه الهوية نؤكد أن سوريا تدخل مرحلة جديدة، تعتمد على مؤسسات أكثر كفاءة، وأداء أكثر ابتكاراً، وهوية أكثر رسوخاً في وجدان مواطنيها”.
دلالات سياسية
يرى مراقبون أن إطلاق هوية بصرية جديدة للدولة يحمل أيضاً رسائل سياسية إلى الداخل والخارج، في توقيت تحاول فيه دمشق إعادة تموضعها إقليمياً ودولياً، والانخراط في مسار إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين.
فالهوية الجديدة قد تُفهم على أنها إعلان عن نهاية مرحلة ما بعد الحرب، وبداية لمرحلة إعادة صياغة الدولة والمجتمع السوري، برؤية جديدة تستند إلى خطاب الوحدة والانفتاح والهوية الجامعة.