أخبار لبنان

واشنطن تدفع لحل الملفات العالقة بين لبنان وسوريا

تم النشر في 28 حزيران 2025 | 00:00

مجموعة من الملفات كان يأمل لبنان أن يتم بتها مع السلطات السورية الجديدة بعدما عرقل النظام السابق لسنوات طويلة حلها، إلا أن الأحداث المتسارعة في البلدين، كما في المنطقة ككل، في الأشهر والأسابيع القليلة الماضية، أعادت خلط الأوراق والأولويات.

ولم يُحدد موعد رسمي لزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، التي كان قد تردد أنها ستحصل نهاية الشهر الحالي، ويُعوّل عليها لتنشيط التواصل السياسي والدبلوماسي بين البلدين بعدما سلك التواصل على الصعيد الأمني طريقه قبل فترة.

وأشارت مصادر دبلوماسية لبنانية إلى أنه «لا الحكومة ولا وزارة الخارجية في لبنان تبلغتا بموعد محدد لهذه الزيارة»، معتبرة أن التطورات الأمنية في سوريا وآخرها تفجير الكنيسة في دمشق كما الحرب الإيرانية-الإسرائيلية كلها استدعت ترتيبات جديدة.

واستبعدت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يتم حل أي من الملفات العالقة وعلى رأسها إعادة النازحين وترسيم الحدود قبل انتهاء النظام السوري في دمشق من حل ملفاته الداخلية.

دفع أميركي

وتسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تعزيز العلاقات اللبنانية-السورية، وهو ما أكده بوضوح الموفد الأميركي توم برّاك، خلال زيارته الأخيرة لبيروت ولقائه المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية جوزيف عون. وحسب المعلومات، استفسر مطولاً ممن التقاهم عن التفاصيل التي لا تزال تحول دون تقدم العمل على عدد من الملفات المشتركة، ومن أبرزها ترسيم الحدود البرية والبحرية. وقد سمع من لبنان تركيزاً على وجوب حل ملف اللاجئين السوريين الذي أنهك اللبنانيين من دون أن يعطي أي وعود في هذا المجال.

الملفات العالقة

وتعدّد الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة بريجيت خير، لـ«الشرق الأوسط»، الملفات التي لا تزال عالقة بين البلدين وتحتاج إلى حسم، وهي: «ترسيم الحدود البرية والبحرية مع سوريا لضمان حقنا بالبترول والغاز، ملف اللاجئين السوريين، ملف المفقودين اللبنانيين في سوريا، مصير المجلس اللبناني السوري الأعلى والمعاهدات التي تصب لمصلحة سوريا كما مسألة ودائع السوريين في المصارف اللبنانية والتعويضات التي يفترض أن يطالب بها لبنان نتيجة الحرب والهيمنة السورية على لبنان».

ولا تتوقع السياسية السورية-الأميركية، مرح البقاعي، حلولاً قريبة للملفات التي لا تزال عالقة بين البلدين، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الصعب في الوقت الراهن عودة االلاجئين السوريين من لبنان، لأن الأوضاع في سوريا لم تستقر بعد. كما أن عملية إعادة الإعمار، التي تُعد شرطاً أساسياً لعودتهم إلى مناطقهم الأصلية، لم تبدأ فعلياً حتى الآن»، مضيفة: «هذا التأخر يرتبط أيضاً بعدم رفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا، وهو أمر سيستغرق وقتاً طويلاً. فإزالة العقوبات، وبدء حركة الإعمار، وتوفير الأموال اللازمة، وتحديد الجهات الممولة، كلها مسائل معقدة جداً، تجعل من عودة النازحين أمراً مؤجلاً في الوقت الراهن».

كذلك ترى مرح البقاعي أن «مسألة ترسيم الحدود مؤجلة أيضاً إلى حين استقرار الوضع في الشرق الأوسط، خصوصاً مع استمرار الحروب المتنقلة، وآخرها الحرب بين إسرائيل وإيران»، مشددةً على أن «الشرق الأوسط الجديد سيكون مختلفاً جذرياً عن المشهد الحالي، وهذا ما أشار إليه توم برّاك في عدة مناسبات. ولكن هذا التحول يحتاج إلى سنوات حتى يستقر المشهد السياسي والأمني في المنطقة، ولن يتحقق قبل أن تبدأ فعلياً عملية الإنماء والتنمية».

وتضيف: «نحن الآن في مرحلة حروب تليها حالة من الاستقرار الهش، ثم لاحقاً استقرار أكثر رسوخاً، وبعد ذلك تبدأ عملية ترسيم الحدود، والنظر في ملفات مثل عودة النازحين واللاجئين. للأسف، الوضع السوري ما زال غير واضح، ويزداد تعقيداً بفعل التطورات المتسارعة، خصوصاً التصعيد بين إسرائيل وإيران. وكلما تعقدت هذه الأوضاع، تأخر اتخاذ القرارات الكبرى ورسم السياسات المستقبلية».

ضبط الحدود أولوية أميركية

وتواكب بيروت منذ فترة ومن كثب تطور العلاقات السورية-الأميركية ودعوات واشنطن المتكررة عبر موفديها لـ«التعلم والاستفادة» من تجربة الرئيس السوري أحمد الشرع، ما جعل الكثير من المراقبين يخشون دفعاً أميركياً لكي تلعب دمشق دوراً مشابهاً لما كان عليه دورها سابقاً، بعد التفاهم الشهير بين وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنغر والرئيس السوري السابق حافظ الأسد على أن يكون لسوريا دور الوصاية على لبنان.

ويوضح مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاهتمام الأميركي ينصب راهناً على «ضبط الحدود مع سوريا فهذا الأمر جزء أساسي من اتفاق وقف إطلاق النار لأنه يمنع تهريب الأسلحة إلى لبنان ويضع حداً لكل ما هو مرتبط بالاقتصاد النقدي، وهذا يتطلب حسم مسألة حصرية السلاح بحيث إن الدولة اللبنانية لا تزال تماطل بشأنها».

بولا أسطيح - "الشرق الأوسط"