برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام ممثلاً بنائب رئيس الحكومة طارق متري، نظمت الهيئات الإقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير حفلاً تكريمياً لرئيس مجلس الإنماء والإعمار السابق المهندس نبيل الجسر، اليوم في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان.
وحضر الحفل الرئيس فؤاد السنيورة الوزيرة السابقة بهية الحريري ممثلة دولة الرئيس سعد الحريري، وزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار وزير المالية ياسين جابر، وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور عامر البساط، النائب ستريدا جعجع ممثلة رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع، النائب محمد خواجة، النائب فيصل الصايغ، النائب وضاح الصادق، سفير مصر علاء موسى، سفير قطر الشيخ سعود بن عبدالرحمن بن فيصل ثاني آل ثاني، سفير الاردن وليد الحديد، سفير تركيا مراد لوتيم، القائم بالاعمال في السفارة الكويتية المستشار ياسين محمد الماجد، ومحافظ بيروت القاضي مروان عبود، رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد، والوزراء السابقين نهاد المشنوق ونقولا نحاس وسمير الجسر، والنواب السابقون غازي يوسف وطلال المرعبي وسليم دياب جوزف اسحاق.
شقير
بدايةً، القى شقير كلمة قال فيها "أهلاً وسهلاً بكم جميعًا في غرفة بيروت وجبل لبنان، بيت الاقتصاد اللبناني. ويسرّنا أن نخصّ بالترحيب ممثل دولة الرئيس نواف سلام نائب رئيس الحكومة طارق متري، الذي شرّفنا برعايته هذا الحفل، في خطوة تعبّر عن حسّه الوطني العالي، وإيمانه العميق بأهمية الشراكة مع القطاع الخاص اللبناني التي تشكّل ركيزة أساسية في مسيرة تعافي البلاد ونهوضها".
أضاف شقير "أردنا من خلال هذه المناسبة المميّزة والجامعة، أن نكرم رجلاً وطنياً إستثنائياً، أعطى بحبٍّ وصمتٍ ووفاءٍ لبلده، هو رئيس مجلس الإنماء والإعمار السابق، المهندس نبيل الجسر، الذي شكّل على مدى سنواتٍ طويلة مثالًا يُحتذى به في العمل العام، والإدارة الحكيمة، والالتزام الصادق في خدمة الوطن. لقد كان المهندس نبيل الجسر أكثر من مجرد مسؤولٍ في الدولة؛ كان ركيزةً من ركائز العمل المؤسساتي، ورمزًا للجدية والنزاهة والاحتراف. قاد مجلس الإنماء والإعمار بحرفيةٍ عالية في ظروفٍ بالغة الدقة والتعقيد، ونجح في ترجمة الرؤية الإنمائية للدولة إلى مشاريع ملموسة، شملت مختلف المناطق اللبنانية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، مرورًا بالبقاع والجبل والعاصمة بيروت.ما ميّز مسيرته لم يكن فقط حجم المشاريع التي أشرف عليها، بل نوعيتها، واستدامتها، والأثر العميق الذي تركته في حياة الناس، وفي تنافسية الاقتصاد الوطني، لا سيما في مجالات: شبكات الطرق، البنى التحتية، المشاريع البيئية والتنموية، الكهرباء، الصرف الصحي، مياه الشفة، الصحة، التعليم، وغير ذلك الكثير. وهي كلها مشاريع تابعها بشكلٍ مُنتَظَم ومُتّقَن، ووازن بين إدارة المشاريع والتعاطي مع الجهات المانحة، حفاظًا على الثقة الدولية بمجلس الإنماء والإعمار كمؤسسةٍ فاعلةٍ وموثوقة. ولأنه من طينة الرجال الذين يعملون بصمتٍ ومن دون ضجيج، كان حضوره دائمًا رصينًا، وفعله كبيرًا، وأثره عميقًا. كما كان للمهندس نبيل الجسر دورٌ ريادي في عملية إعادة الإعمار بعد حرب تموز، فإننا نتطلّع اليوم بكثيرٍ من الأمل إلى أن تبدأ سريعاً عملية إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي خلال العام الماضي، وكذلك إعادة تطوير البنية التحتية في لبنان، متمنياً أن يستمر مجلس الإنماء والإعمار بدوره الطليعي مع رئيسه الجديد، المهندس محمد علي قبّاني، الذي نهنّئه مرةً جديدة، ونتمنى له التوفيق والنجاح في مهامه.
وقال شقير "في هذه اللحظة التاريخية، كلّنا أملٌ بأن تنتهي الحرب الدائرة حاليًا بسرعة، وأن يسود الاستقرار في منطقتنا، وأن ينعم لبنان بالسلام والأمن، ويعود إلى طريق التعافي والنهوض، مشدداً على موقف الهيئات الاقتصادية الراسخ والثابت، بأن لا خيار للبنانيين سوى الدولة، وعلى جميع القوى السياسية التكاتف والتعاون لبناء دولةٍ قادرةٍ، قويةٍ، وعصريةٍ، لأن في ذلك وحده مصلحة الجميع، من دون استثناء.
وقال شقير "نحن اليوم مع العهد الجديد ومع حكومة الرئيس نواف سلام، أمام فرصة حقيقية لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، من هنا فإن المسؤولية تقتضي من الجميع أن يتعاطوا بإيجابية وانفتاح مع هذه الفرصة لأن الفرص لن تتكرر كثيراً".
وختم قائلاً "انه في زمنٍ أكثر ما نحتاج فيه الى النُبّلِ والقدوات، يأتي تكريمنا اليوم للمهندس نبيل الجسر ليؤكد أن العطاء لا يضيع، وأن الكفاءة لا تُنسى، وأن هناك رجالاً، حين يرحلون عن مواقعهم، يتركون خلفهم أثرًا لا يُمحى، واحترامًا لا يُشترى".
شحرور
وبعد ذلك القى نائب رئيس مجلس الإنماء الاعمار ابراهيم شحرور كلمة قال أشاد فيها بمزايا نبيل الجسر الشخصية وبأخلاقه الحميدة وحضوره المميز وبقيادته الحكيمة وبالإنجازات التي حققها في مجلس الإنماء والإعمار على مستوى لبنان.
نبيل الجسر
ثم القى الجسر كلمة جاء فيها "عندما قرر مجلس الوزراء مؤخراً تعيين رئيس جديد لمجلس الإنماء والإعمار، انتباني شعور ملتبس: لا أدري إذا كان ارتياحاً، كون إعفائي من مهامي كان مطلباً شخصياً لي منذ سنوات، كررته على مسمع أكثر من رئيس حكومة، ولا أدري إذا كان هذا الشعور حزناً كوني سأفارق مكاناً قضيت فيه أكثر من ربع عمري. وتذكرت بيت المتنبي الشهير:
خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا
لفارقت شيبي موجع القلب باكياً
وعادت بي ذاكرتي بي ذاكرتي إلى العام 1995، عندما فاتحني رجل عظيم من لبنان رغبته بأن أتولى رئاسة مجلس الإنماء والإعمار.
كانت مرحلة رفيق الحريري هي العصر الذهبي للتنمية في لبنان. كان لا يسعده شيء أكثر من رؤية الخرائط تتحول إلى مشاريع: فكانت الأتوسترادات والمطار والمدينة الجامعية وشبكات الاتصالات ومعامل الكهرباء وغيرها. وفي بضع سنوات أنجزنا بإشراف الرئيس الحريري،استثمارات وصلت في إحدى السنوات إلى حدود 7 في المئة من الناتج القومي. وبدلاً من أن تستمر مسيرة الإنماء، جرى إطلاق النار عليها وجرى إدخالها في متاهات النكايات التافهة. كان الإعمار عملاً نبيلاً فأصبح موضوعاً للتناتش والإستخدام في النزاعات الصغيرة.
ثم جاء إغتيال الرئيس الحريري ليضع نقطة حمراء على آخر سطر الإنماء والإعمار. ومع احترامي وتقديري لكل الرؤساء والمسؤولين، أعتقد أن الإنماء أصبح يتيماً مع غياب الرجل الذي كان يتفقد سير العمل في المشاريع فجراً قبل أن يصيح ديك على أحد سطوح المدينة.
ثم ذهبت بي ذاكرتي إلى العام 2006 عندما طلب مني دولة الرئيس فؤاد السنيورة العودة إلى قيادة عملية إعادة الإعمار بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان. ولا بد من الإشارة إلى أن تجربة إعادة الإعمار بين 2006 و2009 كانت تجربة ناجحة سواء على مستوى تأهيل وإصلاح البنى التحتية أو على مستوى إعادة بناء المساكن والمؤسسات الخاصة. وقد نجحت هذه التجربة بفضل القيادة السياسية وتضافر جهود القطاعين العام والخاص، ومؤازرة المجتمع الدولي وخاصة الأشقاء العرب.
وأكثر ما أعتزّ به في مسيرتي المهنية، هو أنني عملت سنوات على تأمين التمويل الميسر لمشاريع وطنية كبرى، بعضها وصل إلى مرحلة بدء التنفيذ أو توقيع العقد، ولكنها أُجهضت لسبب أو لآخر، وهنا أتحدث عن مشاريع بمئات الملايين من الدولارات مثل إنشاء سد بسري، ومشروع النقل العام في بيروت الكبرى (BRT)، وتوسعة أوتوستراد الجنوب، والصرف الصحي في كسروان، وتطوير مرفأ طرابلس، والطريق الدائري لطرابلس، والأوتوستراد العربي بين طرابلس والحدود السورية، وغيرها من المشاريع الحيوية.
ولا تنقصني الجرأة لأعترف أن بعض المراحل شهدت ترهّلاً في مسيرة الإنماء والإعمار بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرّة وغياب الموازنات العامة وعدم تنفيذ الاستملاكات المطلوبة. هذا الترهّل ازداد مع الأزمة المالية والنقدية التي كان لها تداعيات هائلة على المشاريع القائمة، والتي كانت قيد التحضير… وقد زاد الطين بلّة تخلف الدولة عن سداد مستحقاتها عن القروض التنموية... فتوقف العمل في بعض المشاريع وجرى إلغاء بعض القروض وتهاوت الثقة بمؤسسات الدولة وأكاد أقول بالدولة نفسها.
وها أنا أقف اليوم أمامكم لابساً ثوب التقاعد الذي اشتريته قبل عشر سنوات. أقف في حضرة أصدقاء وأحباء كان لي شرف العمل معهم أو متعة أن يكونوا من أصدقائي. أقف أمامكم راضياً عن معظم ما أنجزته ومتحسراً على ما لم أستطع إنجازه.
أقف أمامكم وكلي أمل بأن هذا الوطن يستطيع النهوض من جديد شرط أن نحبه أكثر وأن نعطيه أكثر.
شكراً لصاحب فكرة هذا اللقاء الصديق الوزير محمد شقير.. شكراً لصاحب الرعاية دولة الرئيس نواف سلام .. وشكراً لكم جميعاً
متري
والقى نائب رئيس الحكومة طارق متري كلمة جاء فيها:
كلفني دولة رئيس مجلس الوزراء أن أمثله في هذا الاحتفال وشرفني بذلك وحملني تحياته قبيل سفره إلى الدوحة.
وخاطب الجسر قائلاً: لقد أخذت على عاتقك الكثير حين كنت رئيساً لمجلس الإنماء والإعمار وأذكر شخصياً بصفة خاصة ما قمت به بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. كنت من قلة من الوزراء الذين شاركنا الرئيس فؤاد السنيورة إقامته في السرايا وكانت إقامةً إضطرارية ولم تكن إختيارية يومها كنت تأتي إلينا بتواتر كبير ونناقشك فيما تسعى إليه من أجل تنفيذ خطة إعمار أو إعادة إعمار منصفة لكل الضحايا والمتضررين.
وأذكر يوماً وأن نواف سلام كان سفيراً معيناً يزورنا بانتظام في السرايا ويتبادل معك المزاح الذي عرفتما بحسن تعاطيه.
أيها العزيز نبيل قام مجلس الإنماء والإعمار في أيام خدمتك الطويلة بمهام جليلة كثيرة وهي محط تقدير اللبنانيين أياً كان من الكلام يقال هنا بلا اعتبار ولا معرفة ولا احترام. كنت ومعك صفوة من المعاونين مثل العزيز د. إبراهيم شحرور وسواه تقومون بعمل كبير وتبنون للبنان صدقية في الخارج، ولولا هذه الصدقية التي بنيتموها خلال أعوام طويلة لما شهدنا هذا العام حين قررنا تعيين مجلس جديد ووفقنا الله باختيار العزيز محمد علي قباني والعزيز ابراهيم شحرور وسواهم.
وأضاف متري: لو لم تترك لنا مجلس إنماء وإعمار يتمتع بصدقية عالية لما ترشح هذا العدد الكبير 645 مرشح لكي يعملوا في مجلس الإنماء والإعمار ولا أثار تعيين المجلس الجديد اهتماماً بين اللبنانيين وأشقاء لبنان وأصدقائه. في حياتي وقد اختبرت الحياة الحكومية سابقاً وحالياً وفي مجلس الوزراء نقول الواحد للآخر لم نرى في حياتنا اهتماماً على هذا القدر من اللبنانيين ومحبي لبنان وأصدقائه بالشخصيات التي سوف نختارها. وقد اخترنا كوكبة طيبة بعد عملية احترمنا فيها بدقة ما اتفقنا عليه وما اقترح على تسميته آلية تعيين موظفي الفئة الأولى.
واشار متري الى أنها العملية كانت تقوم على الكفاءة وعلى حسن الاختيار من قبل مجلس الوزراء من لوائح أعدتها اللجنة المختصة بذلك فهذا هو إرثك يا نبيل وقد حافظت عليه ونما طيلة خدمتك وكنت استثنائياً في قيادتك لمجلس الإنماء والإعمار. لن أعدد الميزات فهي كثيرة فقد عددها الزملاء يكفي أن أقول أنك كنت في سلوكك تؤلف بينما يبدو للبعض صعب التأليف، تؤلف بين الصلابة والمرونة، بين الجدية روح الدعابة، وهذه القدرة على التأليف إمتزت بها طوال حياتك المهنية.
وختم متري قائلاً: هنيئاً لك تكريمك الذي طال انتظاره فأنا أعرف أنك تنتظره منذ سنوات عسى أن تمضي جزءاً كبيراً من تقاعدك في طرابلس الحبيبة.
ميدالية
بعد الإنتهاء من الكلمات قدم شقير للجسر ميدالية الهيئات الإقتصادية تقديراً لعطاءاته وإسهاماته الكبيرة في مجال إعادة الإعمار وتطوير البنى التحتية على مستوى لبنان والذي يخدم كل الشعب اللبناني والإقتصاد الوطني.