هايد بارك

كم نفتقدك! - ماجدة شاهين

تم النشر في 12 شباط 2025 | 00:00

كتبت ماجدة شاهين:

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.

كَمْ نَفْتَقِدُكَ الْيَوْمَ يَا حَبِيبَ الرُّوحِ، هَا قَدْ مَرَّتِ الْكَثِيرُ مِنَ الْأَعْوَامِ، عِشْرُونَ عَامًا كَأَنَّهُ الْبَارِحَةُ.

أَيْنَ أَنْتَ، أَبَا بَهَاءٍ؟! عُدْ إِلَيْنَا، فَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْكَ. فَلَا تَقْلَقْ، أَبَا بَهَاءٍ، بَعْدَ رَحِيلِكَ أَصْبَحَتِ الدُّنْيَا تَقْسُو عَلَيْنَا ظُلْمًا، إِنَّمَا لَيْسَ لِرَحِيلِكَ، بَلْ لِإِكْمَالِ الْمَسِيرَةِ بِدُونِكَ. عُدْ، يَا أَبَا الْفُقَرَاءِ! عُدْ، يَا شَمْسَ الْحُرِّيَّةِ، كَيْ تَرْفْرِفَ الطُّيُورُ بِحُرِّيَّةٍ فَوْقَ سَمَاءِ بَيْرُوتَ! فَبَعْضُ الْحُبِّ لَا يَمُوتُ وَإِنْ مَاتَ الْأَحِبَّةُ!

عُدْ، أَبَا بَهَاءٍ، فَقَدِ اخْتَلَطَتِ الْأُمُورُ بِبَعْضِهَا الْبَعْضَ، بَلْ قُلِ اخْتَلَطَ حَابِلُهَا بِنَابِلِهَا! عُدْ وَعَلِّمْهُمْ كَيْفَ تُبْنَى الْأَوْطَانُ، بَلْ كَيْفَ تُبْنَى الْإِنْسَانِيَّةُ.

فَبَعْدَ مُرُورِ الْكَثِيرِ مِنَ السِّنِينَ، فَاللَّهُ لَا يُخَيِّبُ ظَنَّ أَحَدٍ. الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ، فَبِالرَّغْمِ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، مَا زَالَ سَعْدُنَا مُكَمِّلًا، سَاعِيًا، مُجَاهِدًا، مُحَافِظًا عَلَى الطَّرِيقِ، وَيَكْفِيهِ شَرَفُ الْمُحَاوَلَةِ وَالْمُثَابَرَةِ فِي زَمَنٍ أَصْبَحَ فِيهِ حُبُّ الذَّاتِ وَالْأَنَانِيَّةُ أَهَمَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

فَلَا تَضْعُفْ عَزَائِمُهُ، وَلَا تَكِلَّ أَقْدَامُهُ، وَيُثَابِرُ عَلَى تَلَمُّسِ السَّبِيلِ فِي حَالِكِ الظُّلُمَاتِ، وَيَسِيرُ إِلَى الْأَمَامِ حَامِلًا مَعَهُ غَنِيمَةَ الْجُهُودِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَالثِّقَةَ بِتَحْقِيقِ الْآمَالِ الَّتِي تَعَلَّمْنَاهَا مِنْ مَبَادِئِ الشَّهِيدِ. فَلَا بُدَّ لَنَا أَنْ نَنْسَى أَنَّ كُلَّ ارْتِفَاعٍ ثَمَنُهُ هُبُوطٌ! فَمَا أَعْظَمَ الْإِنْتِصَارَ حِينَ يَكُونُ الْحَقُّ بِجَانِبِكَ!

نَفْسِي يَا نَفْسِي فَاصْبِرِي

فَإِنَّ بِالصَّبْرِ مَنْ صَبَرَ

فَبِالصَّبْرِ يُفْتَحُ مِنْهَا

كُلُّ مَا ارْتُجِي وَانْتَظَرَ

فَبِاللَّهِ عَلَيْكَ، يَا أَبَا حُسَامٍ، ابْحَثْ عَنِ الْقِلَّةِ الصَّادِقَةِ، لَا الْأَعْدَادِ الْمُزَيَّفَةِ. الدُّنْيَا كُلُّهَا مَعَارِكُ، فَأَحْسِنِ اخْتِيَارَ جُنُودِكَ. فَوَالِدُكَ فِيهِ مِنْ حِكْمَةِ الْمُفَكِّرِ الْمُتَأَمِّلِ، وَرَصَانَةِ النَّاقِدِ، وَإِيحَاءِ الرَّمْزِ.

فَفِي النِّهَايَةِ، هَذِهِ دَارُ امْتِحَانٍ، لَيْسَ إِلَّا! وَيَكْفِينَا أَنْ نُؤْمِنَ بِعَدْلِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ.

فَالْحُرُّ حُرٌّ حَتَّى وَإِنْ مَسَّهُ الضُّرُّ

وَفِي الْبِدَايَةِ وَالْخِتَامِ وَاللَّانِهَايَةِ أَقُولُ:

قَدْ تَلَاقَيْنَا لِلْمَعَالِي

وَاتَّحَدْنَا لِلْخُطُوبِ

نَحْنُ رُهْبَانُ اللَّيَالِي

نَحْنُ فُرْسَانُ الْحُرُوبِ