أخبار لبنان

آمال وقلق وصندوق وانتخابات ‏

تم النشر في 12 نيسان 2022 | 00:00

مازن عبّود (النهار – اوكسيجين)‏

‏ ‏



يقول ماكس ويبير في "العطية السياسة" انّ الدولة مثل أي مؤسسة سبقتها ‏تقوم على علاقات بشر يتحكمون ببشر بوسائل القوة المقوننة. لكن لماذا ‏ومتى يطيع الناس وعلى أي تبريرات داخلية وخارجية تبنى هذه ‏السيطرة؟‎ ‎

الطاعة بحسبه هي نتيجة الخوف والامل، الخوف من العقاب او من انتقام ‏من هم في السلطة والامل بالتعويض او الخيرات. وتكون الطاعة عادة ‏هي لما هو متوارث او قيادي (الأنبياء والزعماء والقادة) او للقانون‎. ‎

يعتبر بانّ السياسة تتطلب رؤية وعشقا. تتطلب ابطالا وقادة. تتطلب من ‏يقف كي يقول في وسط الخراب بالرغم من كل شيء سنقوم‎. ‎

اما عند ارسطو فالاخلاق والسياسة لا ينفصلان، وعدالة الدولة هي نفسها ‏عدالة الفرد عنده. "نجيبي" جارتنا تنتظر موسم اللا اخلاقيات. وتتكلم ‏عن اقتصاد الانتخابات. تتوقع خيرا من وصول السفراء وتربط بذلك ‏بتدفق الأموال. وغير ذلك "لا يحشو الكوسا رزا". ويؤيدها "زكور" ‏الذي يعتبر بانّ قدرة السياسي الماكر هي في بيع الوعود ونشر المخاوف ‏وفي اتساع رفوف السوبر ماركت. "كلوديا" أبلغت الجيران بانّ الجنرال ‏له دالة كبيرة لدى البابا القادم بشفاعته الينا كي يفتقدنا‎. ‎

‎ ‎ثمة ما يدفع في لبنان الى التفاؤل الحذر. عودة سفراء خليجيين، اتفاقية ‏مع صندوق النقد بالحروف الأولى، وانتخابات على الأبواب، وزيارة ‏للبابا أضحت واقعا مع نهاية الربيع‎. ‎

تفاؤل لا يلغي الانهيار. فالناس تعاني والجامعات تعاني وقد بدأت تفتح ‏نوافذ وابواب في الخارج لتامين سيولة تمكنها من الاستمرار. قطاعات ‏تتهاوى. ومرضى السرطان يتعالجون بآمال ومخاوف. قطاع كقطاع ‏الاتصالات ينهار، لانه يبيع الخدمة تماما كقطاع الكهرباء بأقل من ‏كلفتها. صار يلزمك عجيبة إذا ما انقطع الانترنيت عن بيتك. فصيانة ‏الخطوط تحتاج الى بضاعة ودولارات والدولارات مفقودة والناس ‏موجودة لكن بالليرات. وتعرفة "الواتز اب" والاتصالات لا يدنى منها، ‏الناس عندنا تعشق الكلام والتواصل حتى اكثر من الطعام. الرغيف طابة ‏في ساحة الحاكم والمحكوم والمدعي والمدعى عليه. اتفاقية مع صندوق ‏النقد الدولي ابرمت على مستوى الخبراء في السابع من الشهر الحالي. ‏فشكرا سيد ارنستو ريغو وكل الاحترام لدولة الشامي والرئيس ميقاتي. ‏اتفاقية ستضمن إعادة هيكلة دين خارجي وإعادة ثقة مفقودة ان تمكنت ‏العاقر ان تلد وتنجز إصلاحات في موسم العجائب والانتخابات وفق ما ‏نصت عليه الاتفاقية‎. ‎

بعضهم يفاخر بأنه تمكن من جعلنا نعيش في رخاء ما كنّا نمتلكه لعشرين ‏سنة. ويعتبرها إنجازا بانه جعلنا ننفق ما لم نكن نمتلكه. المهم انّ الساسة ‏كانوا فرحين وبانّ الناس راضون. الازمات الإقليمية والدولية والرشد ‏المحلي وسياسات العجز المالي المستدامة انهت الكذبة. انهت استهلاكنا ‏لموارد المستقبل. الزمن زمن مواجهة تحديات الحاضر. عين على البحر ‏وعين على اوكرنيا. تدفق ثلاثة مليارات دولار على ستة وأربعين شهرا ‏صار انجازا‎. ‎

يتكلم نعوم تشومسكي عن استثمار القلة في قلق وخوف الناس. ويقول ‏‏"العمال الخائفون لا يطالبون برواتبهم، ولا يضربون. بل يخدمون ‏اسيادهم برضى...الأقوياء يقومون بما يحلو لهم لانّ الناس تحولوا الى ‏مستهلكون". ونحن في لبنان نعيش الاستهلاك والقلق. قتلوا ديمقراطيتنا ‏بالديون. استسلمنا للخوف او للتعويض. اعتقد بعضنا بانه يتحوّج ما ‏يلزمه من ساسة ورشوة ومصالح. واعتقدنا باننا استهلكناهم الا انهم ‏استهلكوا البلد‎. ‎

قال دايفيد بروك الخميس الفائت في النيويورك تايمز بأنّ العولمة انتهت ‏وحروب الثقافات بدأت، فأي ساسة سننتج كي نواجه المرحلة؟