أخبار لبنان

"الانزلاق إلى الهاوية".. 55% من سكان لبنان فقراء!

تم النشر في 2 آب 2021 | 00:00

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، في تقرير أصدره اليوم بعنوان ‏‏"لبنان. الانزلاق إلى الهاوية"، أن "الأزمات المتفاقمة في لبنان وعجز الحكومة عن التعامل معها ‏أوصل الأوضاع في البلاد إلى مستوى غير مسبوق من التدهور بمعدلات فقر تجاوزت 55%، ‏فيما بات أكثر من 50% من العمال المهاجرين عاطلين عن العمل"، محذرا من "التبعات ‏الخطيرة على عيش وسلامة ملايين السكان‎".‎

واستعرض المرصد في تقريره، الجوانب المختلفة للأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ ‏نحو عامين، ومدى انعكاسها على الأوضاع الإنسانية والمعيشية للبنانيين، في ظل عدم وجود ‏بوادر جادة للتخفيف من حدة الأزمات المتلاحقة في وقت قريب‎.‎

وارتكز التقرير، إلى جانب جهود البحث إلى عشرات المقابلات التي أجراها الفريق الميداني ‏للمرصد الأورومتوسطي في لبنان، وشملت مسؤولين نقابيين، ومدراء تنفيذيين، وأطباء، وطلاب ‏في الخارج وذويهم، وأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، حيث استعرض من خلالها أسباب ‏الأزمات ومدى تأثيرها على اللبنانيين من الناحية المعيشية، وكذلك سياسات الدولة في مواجهة ‏هذه الأزمات التي باتت تتفاقم يوما بعد يوم بشكل متسارع‎.‎

وأوضح أنه على الرغم من أن لبنان يعاني أزمات عدة بخلاف الأزمة الاقتصادية، مثل جائحة ‏كورونا وتوابع انفجار مرفأ بيروت، إلا أن الأزمة الاقتصادية كان لها الأثر السلبي الأكبر على ‏حياة اللبنانيين، إذ عانت الدولة خلال عام العام الماضي من كساد اقتصادي كان سببه انكماش ‏النمو في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 20.3%، بالإضافة إلى وصول معدلات التضخم لأكثر من ‏‏100%، فضلا عن أن سعر صرف الليرة اللبنانية يشهد تدهورا غير مسبوق، ومعدلات الفقر ‏تتزايد بشكل حاد‎.‎

وأبرز أزمة الارتفاع الحاد في أسعار السلع والخدمات الأساسية في لبنان بصفتها إحدى أكبر ‏الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون، إذ قفزت أسعار نحو 17 سلعة أساسية شملت الخضار ‏والفواكه والحبوب واللحوم والزيوت ومشتقات الحليب والألبان بنسب وصلت إلى 350%، ‏بسبب تدهور سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، والتي فقدت ما نسبته 100% من قيمتها ‏خلال أقل من عامين‎.‎

وذكر أن العمال المهاجرين في لبنان تضرروا أيضا من الأزمة الاقتصادية بشكل حاد، إذ بات ‏أكثر من نصف العمال المهاجرين عاطلين عن العمل وغير قادرين على تلبية حاجاتهم الغذائية ‏ويقيمون في ظروف غير آمنة ودون المستوى المطلوب، بسبب عدم ملاءمة المساكن، وارتفاع ‏الإيجارات والتهديد بالإخلاء‎.‎

وسلط الضوء على تداعيات انفجار مرفأ بيروت والمستجدات المتعلقة بمسار التحقيقات، حيث ‏أصدر المحقق العدلي طارق بيطار مطلع الشهر الماضي، قرارا بالادعاء على عدد من ‏المسؤولين العسكريين والأمنيين في القضية، إلا أن السلطات المعنية لم تتعاون حتى الآن مع ‏طلبات المحقق العدلي، ما يثير الشكوك حول جديتها في عدم عرقلة مسار العدالة في قضية ‏انفجار مرفأ بيروت، والتي تحظى باهتمام محلي ودولي واسع‎.‎

وتناول الأزمات اليومية التي يعاني منها اللبنانيون كأزمة المحروقات والكهرباء والتحويلات ‏المالية إلى الطلاب في الخارج، وأزمة الخبز الذي ارتفع سعره 8 مرات خلال العام الحالي فقط، ‏ليصل سعر ربطة الخبز (876 غراما) إلى 4500 ليرة لبنانية (3 دولارات أمريكية)، ما جعل ‏جزءا كبيرا من اللبنانيين يواجهون صعوبة بتوفير ما يكفي من خبز لعائلاتهم‎.‎

وأشار إلى أزمة القطاع الصحي، "والتي أضحت تهدد حياة مئات المرضى الذين أصبحوا غير ‏قادرين على تأمين ما يلزمهم من الأدوية الرئيسة الشحيحة أصلا، خاصة تلك المتعلقة بالأمراض ‏المزمنة كالضغط والسكري، والخطيرة كالسرطان، فضلا عن عدم توفر المستلزمات الطبية في ‏المستشفيات الحكومية بشكل كاف، على النحو الذي أثر بشكل كبير على الخدمات الصحية ‏المقدمة للبنانيين، بما في ذلك الفحوصات التشخيصية والعمليات الجراحية‎".‎

وقال المستشار القانوني في المرصد الأورومتوسطي طارق حجار، إن "الحكومة اللبنانية ملزمة ‏وفق الدستور المحلي واتفاقيات حقوق الإنسان التي صدقت عليها، بتوفير سبل العيش الكريم ‏لمواطنيها، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تمتع اللبنانيين بحقوقهم، بما في ذلك الغذاء ‏والصحة والأمن والعمل والمعاملات المالية وغيرها من الحقوق الأساسية‎".‎

وأوصى المرصد الأورومتوسطي، "السلطات اللبنانية بضرورة وضع خطة عمل عاجلة لمعالجة ‏الأزمات الرئيسية، للحيلولة دون تدهورها بشكل أكبر، على أن تشمل الخطة إجراءات متوازية ‏في مختلف القطاعات لضمان إحداث تغيير إيجابي فعلي في حياة اللبنانيين". كما حث السلطات ‏‏"على تنفيذ عمليات إصلاح إداري واقتصادي شاملة لمواجهة احتمالية انهيار أمني كبير نتيجة ‏الفقر وغياب الحاجات الأساسية والفساد المستشري في مختلف مفاصل الدولة‎".‎

ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي، إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة للضغط على ‏السلطات اللبنانية لمنع تفاقم الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون وضمان توفير الحاجات الأساسية ‏لهم، بما في ذلك مراقبة أداء السلطات اللبنانية في ما يتعلق بتوجيه المساعدات المقدمة للبنان، ‏ومراقبة أداء مؤسسات الدولة بهدف مكافحة الفساد وتعزيز دور السلطة القضائية‎".‎