في التاسع من شباط الجاري سينعقد مجلس الشراكة اللبناني الأوروبي على مستوى وزراء الخارجية. ويُجري لبنان استعداداته لهذا المؤتمر كونه سيناقش الوضع اللبناني من جوانبه كافة، وكذلك العلاقات اللبنانية الأوروبية سياسياً واقتصادياً، لا سيما وأنّ هناك خطة عمل موضوعة يفترض أن يلتزم بها لبنان، لتطوير اقتصاده وإدارته.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أنّ مجلس الشراكة في الأساس، يجتمع مرّة كل سنتين، وهو دوري تقليدي، إنّما تكمن أهميته في أنّه لا يشكّل فقط محطة لمراجعة الاتفاقية الموقّعة بين الطرفين في 2002، والتي دخلت حيّز التنفيذ في 2006، لكن محطة لمراجعة أوروبية لبنانية مشتركة للواقع اللبناني على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية. فضلاً عن أنّه سيناقش الوضع السوري وتطوّراته، ومكافحة الإرهاب المتأتّي من داعش ثم عملية السلام في الشرق الأوسط.
وسيُصار إلى التشديد على استقرار لبنان، وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، وتقوية قدرات الجيش اللبناني وتعزيزها، لا سيما وأنّ لبنان يكافح الإرهاب، وأنّه من بين أوائل الدول التي كافحته سابقاً. الاتحاد الأوروبي يعتبر أنّ لبنان العريق في الديموقراطية يجب أن يجري الانتخابات الرئاسية وأن يوفّر قانوناً جديداً للانتخابات النيابية. والاتحاد الأوروبي سينتقد التمديد للمجلس النيابي، وسيدعو إلى بقاء لبنان دولة ديموقراطية.
والوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية سيكون محور تقويم أوروبي لبناني. ولاحظت المصادر تحميل الأوروبيين حزب الله مسؤولية تدهور الوضع أخيراً، وسيدعون مجدّداً إلى احترام القرار 1701. والأجواء الدولية الحالية تشير إلى أن لا نيّة من كل الأطراف في المنطقة بتصعيد أكبر، فـحزب الله لم يكن يستطيع عدم الرد، بعدما تعرّض لضربة كبيرة، إنّما هدفه الرد عبر ضربة محدودة لا تؤدي إلى حرب، فحفظ ماء الوجه، على الرغم من كلام أمينه العام حسن نصرالله الأخير، لا سيما وأنّه لا يمكنه أن يقاتل على جبهتين، أي الجبهة السورية والجبهة الإسرائيلية في آن معاً. ومن جهة أخرى، إسرائيل لم تكن تريد الدخول في ما يؤدي إلى حرب وانزلاق للوضع الأمني على عتبة الانتخابات في آذار المقبل. وبالتالي، ليست في وارد اتخاذ قرارات أمنية كبيرة للدخول في حرب. لذلك، لم تتغير المعادلات في قواعد اللعبة على الأرض، كما أنّ الستاتيكو الحالي لا يزال قائماً في ما يتصل بالتوازنات، وهذا كان مطلوباً من طرفَي الاشتباك.
فضلاً عن أنّ لا ضوء أخضر دولياً لحصول حرب في المنطقة، بالتزامن مع التفاوض الغربي مع إيران حول برنامجها النووي، ورغبة المجتمع الدولي في التشدّد حيال الاستقرار في لبنان، في اطار العنوانين الأساسيين اللذين يتمسّك بهما، وهما: احتواء الأزمة السورية، والحفاظ على استقرار لبنان. والتشدّد هدفه تلافي التدخل القوي والمباشر في تغيير وقائع الأزمة السورية ، والأفضل الإبقاء على محيط هذه الأزمة مستقراً. وتبعاً لذلك، ليس هناك من طرف اقليمي أو دولي يؤيد التدهور وصولاً إلى الحرب مع إسرائيل.
والمجلس سيعرض ما آلت إليه الأوضاع اللبنانية لناحية مدى تقدمه في خطة العمل الموضوعة كل 3 سنوات لتطبيق الاتفاقية، وسياسة الجوار. ولبنان بسبب ظروفه العامة السياسية والدستورية لم يستطع القيام بالاصلاحات المطلوبة، لذلك ليس هناك من انجازات جوهرية نتجت عن خطة العمل منذ انعقاد المجلس آخر مرة في 2012، على الرغم من تأخر انعقاده حالياً لأكثر من سنتين. وتقول المصادر، لبنان ليس لديه ورشة اصلاحية وتقدمه بطيء في التنفيذ، لأن الأمر مرتبط بوضعه السياسي وانعكاسات أزمات الخارج عليه.
في كل الأحوال انعقاد المجلس هو إشارة سياسية واضحة إلى أن الاهتمام الأوروبي بلبنان كبير، والأوروبيون في الوقت نفسه يتفهمون الوضع الاستثنائي اللبناني الذي يحول دون التنفيذ، لكن ذلك لن يثني الأوروبيين عن متابعة الوضع اللبناني من المستويات كافة، وحضه على الاستفادة من كل ما هو مطروح أوروبياً لتقدمه.
وأوضحت المصادر ان موضوع اللاجئين السوريين في لبنان سيناقش. وسيسأل الأوروبيون عن الإجراءات الجديدة التي اتخذها لبنان، وسيشرح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اسباب هذه الإجراءات وانعكاسات هذا الأمر على الوضع اللبناني. والأوروبيون سيطالبون باستمرار لبنان في التقيد بالدواعي الانسانية التي تفرضها القوانين الدولية، بحيث انه إذا ما لجأ إليه سوريون هاربون من الموت والحرب، فعليه أن يقوم باستقبالهم إذا دعت الحاجة وأن لا يقوم بعملية إقفال للحدود مع سوريا، وسيطالب لبنان مجدداً بمساعدته اقتصادياً للتمكن من تحمّل أعباء السوريين الموجودين على أراضيه قسراً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.