8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الفراغ الرئاسي ينعكس شغوراً خطيراً في التمثيل الديبلوماسي

من القضايا الأساسية التي انعكس عليها غياب رئيس للجمهورية ولأشهر متتالية، التمثيل الديبلوماسي بين لبنان والخارج على مستوى سفير. واستمرار الغياب سيزيد حتماً من التأثيرات على هذا الموضوع.
عدم وجود رئيس، يعني، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، أنّ لبنان من دون رأس. في وقت أنّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لا يريد أن يلعب دور رئيس الجمهورية لاعتبارات عدّة سياسية وطائفية. والعلاقات الديبلوماسية بين لبنان والخارج تنقسم إلى قسمين؛ الأول: التمثيل اللبناني في الخارج، والثاني التمثيل الأجنبي في لبنان.
في ما خص تمثيل لبنان في الخارج، فإنّه لدى لبنان 71 سفارة، لكن مركز السفير شاغر في 40 في المئة منها. وبحسب القانون، فإنّ رئيس الجمهورية هو الذي يعيِّن السفراء. وفي مثل الوضع اللبناني الراهن، فإنّه حتى لو اجتمع مجلس الوزراء، ووقّع جميع الوزراء مرسوم التشكيلات الديبلوماسية للسفراء، فإنّ ما يلزمهم هو كتب الاعتماد التي يحملونها إلى رؤساء الدول. وهذه الكتب هي كناية عن رسالة يوجّهها رئيس الدولة إلى الرئيس في البلد الذي سيتم فيه تقديمها.
ثم انّ السفراء اللبنانيين الذين عُيِّنوا سابقاً في الخارج وهم من خارج ملاك وزارة الخارجية، يُفترض أن يقدموا استقالاتهم عندما يتغيّر الرئيس. على أن يبت الرئيس الجديد خلال شهر بهذه الاستقالات، فإمّا أن يبقيهم جميعاً في مراكزهم، أو يُبقي على قسم منهم أو أن لا يُبقي أحداً منهم. والرئيس هو الذي عيَّنهم في مراكزهم كسفراء نظراً إلى أنّ القانون يسمح بذلك.
الآن للبنان سفراء في الخارج، وهم أساساً من خارج الملاك، ويجب أن يقدّموا استقالاتهم لدى انتخاب رئيس جديد.
الدول حيث لا سفير للبنان حالياً لدى كل منها، تبدي بحسب المصادر، انزعاجها من عدم وجود تمثيل للبنان على مستوى سفير أسوة بما هو عليه مستوى تمثيل كل منها في بيروت. هذا الانزعاج موجود، على الرغم من أنّها تدرك تماماً أن غياب الرئيس هو السبب، وأنّ لبنان لا يمكنه إجراء تشكيلات أو تعيينات للسفراء في ظلّ هذا الواقع الدستوري. كما أنّها تدرك أنّ لبنان أصلاً لا يريد أن يبقى كل هذا الوقت من دون سفراء لدى هذه الدول. وفي الوقت نفسه تتفهّم الدول الواقع وهي تدرك الأمر أكثر من غيرها.
في الأساس انّ خفض مستوى التمثيل يأتي بسبب انزعاج من مسألة ما، ويؤدي إلى استدعاء السفير والإبقاء على التمثيل في مستوى قائم بالأعمال، كما يؤدي إلى نوع من الجفاء في العلاقات الثنائية.
القائم بالأعمال لا يمكنه وفق الأعراف الديبلوماسية أن يلتقي بالمسؤولين الكبار في الدولة، كما هي الحال بالنسبة إلى السفير. من هذه الناحية هناك تأثيرات على العلاقات اللبنانية مع الدول حيث لا سفير للبنان لديها. الشغور على مستوى السفراء 40 في المئة يعني أنّ لبنان يمثل بقائمَين بالأعمال بهذه النسبة. حتى لو أنّ الدول تدرك السبب وتتفهّمه إلاّ أنّ الأمر ليس لمصلحة لبنان، لأنّه يُعطي انطباعاً أنّ تمثيل لبنان في الخارج ضعيف.
لكن الدول كما لبنان أولاً، تأمل في انتخاب رئيس في أقرب فرصة فتُزال كل هذه الظروف المستجدّة.
أمّا لناحية الدول، فهي تفضّل أن يكون تمثيلها في لبنان على مستوى سفير، لذلك هي تعمد إلى إجراءات محدّدة. وفي طليعتها الإبقاء على سفيرها معتمداً في بيروت والتمديد له وعدم استبداله بسفير آخر إذا انتهت ولايته. إذ إنّ أي سفير جديد لا يستطيع تقديم أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية وسيُعتبر قائماً بالأعمال. لذلك الإبقاء على السفير ممدّداً له افضل من وجود قائم بالأعمال. وبالتالي، هناك دول تؤخّر نقل سفرائها من بيروت إلى حين وجود رئيس للجمهورية. إلاّ أنّ هناك دولاً أخرى تعمد إلى تعيين سفير ولو وصل إلى بيروت لكن من دون أن يقدم أوراق اعتماده، فقط يقدّمون نسخة عن أوراق اعتمادهم إلى وزير الخارجية والمغتربين وينتظرون إلى أن يتم انتخاب الرئيس.
لبنان لا يقصد التقليل من مستوى العلاقات. في الدول الأوروبية مثلاً ليس هناك من سفير ماروني من داخل الملاك حالياً بسبب التقاعد في كل من اسبانيا وفرنسا وايطاليا والنمسا، فلبنان لديه تمثيل فيها على مستوى قائم بالأعمال، والسفيران في كل من الاونيسكو والفاتيكان المارونيان هما من خارج الملاك. حتى السفراء السُنَّة في أوروبا هم من خارج الملاك. فقط السفراء الشيعة في أوروبا كلهم من داخل الملاك.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00