8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لا حلّ روسيّاً في سوريا.. إلاّ بمباركة أميركية وخليجية

بدا التحرّك الروسي لافتاً، في وقت استطاع الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا الحصول على دعم أوروبي ودولي لخطته.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية أنّ سبب التحرُّك الروسي يعود إلى وجود قلق لدى موسكو حيال الواقع السوري، وهي ترى أنّ الوضع لم يعد مقبولاً ويجب وضع حدّ له، ويفترض السعي إلى فعل شيء ما. وإزاء التحرُّك الروسي لم تظهر هناك أي معارضة له من الولايات المتحدة، لا بل تطلب واشنطن من الروس النظر في ما يمكن أن يتوصُّلوا إليه في تحرّكهم، ويتم لاحقاً بحثه معها. في النهاية لن تمر أية تسوية إلاّ بموافقة الولايات المتحدة حتى أنّه يمكنها التحكُّم بالكثير من العوامل التي تشرّع أو تؤخّر التسوية.
وبحسب الروس، واشنطن هي التي عرقلت جنيف2، فيما الغرب يعتبر أنّ النظام هو الذي عرقله. ولدى واشنطن أجندة موسّعة وجملة أهداف. لكن في النهاية أي حل روسي يجب أن يحظى بمباركة أميركية وخليجية. إنّما روسيا، وفقاً للمصادر، تريد أن يكون لها دور في الشرق الأوسط انطلاقاً من نفوذها في سوريا، ومحاولتها للحل تأتي في هذا الاطار.
تهدف المبادرة الروسية إلى جمع أكبر عدد من أطياف المعارضة الداخلية والخارجية في مرحلة أولى، ومن ثمّ جمع المعارضة مع النظام. فالروس يشدِّدون على أنّ مبادرتهم كلها تعتمد على وثيقة جنيف1 الصادرة في 30 حزيران 2012 بشكل أساسي. وتعتمد على فكرة أنّ المشاركة في المؤتمر المزمع انعقاده بين الطرفَين يجب أن تكون من دون شروط مسبقة. مع الإشارة إلى أنّ لوثيقة جنيف1 تفسيرات عدّة لعلّ أبرزها إثنان، التفسير الغربي الذي يقول إنّ الرئيس بشار الأسد ليس له أي دور في المرحلة الانتقالية، أمّا الموقف الروسي فيقول إنّه لا يمكن استثناء أحد، وأنّه يجب العمل لأن يعبِّر السوريون عمّا يريدون وكذلك وجوب العمل لجمعهم من دون شروط مسبقة.
الروس الآن يدعمون خطوات دي ميستورا ويعتبرون أنّ تحرُّكه يأتي متوازناً وهو يثبت ذلك، حيث زار دمشق وطهران والمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان وهو الآن يقوم بجولة أخرى على تلك الدول لشرح تفاصيل خطته، فضلاً عن أنّ الروس يدعمونه لتجميد القتال في حلب. في هذه الأثناء لا تزال موسكو تدعم النظام السوري. الأسد أجرى تكريماً إضافياً للموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي زار لبنان وسوريا في النصف الأول من هذا الشهر عندما أجلسه إلى يمينه. عادة يُفترض أن يجلس في هذا الموقع رئيس دولة، في إشارة سياسية أراد إظهارها للروس بوضوح.
التحرُّك الروسي يظهر في وقت تحاول واشنطن ضرب الإرهاب في سوريا. الاستراتيجية الأميركية، وفقاً للمصادر، يبدو أنّها أبعد من سوريا، إلى العراق ومستقبله وتقسيماته، والثروات الطبيعية النفطية فيه، وليس من استعجال أميركي على حلّ معين في سوريا. مثلاً تدريب الولايات المتحدة للمعارضة السورية المعتدلة سيستغرق سنوات ووضعت خطط حول ذلك. والكونغرس يدرس تمويل العمليات الجوية وغير الجوية ضدّ تنظيم داعش على مدى ثلاث سنوات، وفقاً لما طلبه وزير الدفاع.
الإدارة الأميركية ليست لديها حلول سريعة وجاهزة، لذا نشطت روسيا في حراك يؤكد دورها وفاعلية هذا الدور في هذا الوقت، في ظل الحصار الأوروبي والعقوبات الاقتصادية الغربية عليها. يهم روسيا أن تبقى لاعباً فاعلاً على المسرح الدولي، وهي تعتقد أنّ بإمكانها ذلك، وهي تدخل من باب الحكومة السورية التي يهمّها الدور الروسي.
هناك مرحلة من الضغوط والضغوط المضادّة بين واشنطن وموسكو ما ينعكس إلى حدٍّ كبير على قضايا المنطقة. أبرز الأسباب الوضع الاوكراني. لكن مهما كانت العقوبات، يبدو أنّ روسيا لن تتخلّى عن سياستها حيال اوكرانيا، لأنّها تعتبرها قضية استراتيجية تمسّ الأمن القومي. وروسيا حتى الآن خسرت 60 في المئة من قيمة عملتها، بسبب العقوبات الغربية، إلاّ أنّها لن تغيِّر موقفها.
واشنطن تترك روسيا تعمل، ودي ميستورا استطاع إقناع العالم بخطته، لكن الأهم القدرة على تنفيذها على الأرض وسط تعقيدات كبيرة أبرزها وجود داعش، والقلق من عدم تعاون النظام.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00