8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحوار المطروح يفتح باب العودة إلى الحوار الوطني

تتّجه الأنظار إلى الحوار الذي سينعقد بين تيّار المستقبل وحزب الله، وسط بداية تواصل بين حزب الكتائب وحزب الله أيضاً، فيما حزب القوّات اللبنانية ينتظر ليرى نتائج الحوار الأول وما الذي يمكن أن ينتجه، من أجل اتخاذ موقف من إمكان مدّ خيوط الحوار مع الحزب، والأمر حتى الآن لا يزال سابقاً لأوانه، وفقاً لمصادر قواتية.
وتفيد أوساط مطّلعة أنّ هناك محاولة من المستقبل للنظر في إمكان توفير حد أدنى من التفاهم على المواضيع التي يمكن طرحها وبحثها مع الحزب. يبدو أنّ معظم الأطراف اللبنانية تريد إراحة البلد، وحزب الله ليس بعيداً عن هذا الجو بسبب وضعه غير المريح داخلياً وإقليمياً.
موضوع مشاركة الحزب في الحرب السورية لا يمكن إيجاد قاسم مشترك حوله، لكن في موضوع انتخاب رئيس جمهورية سيكون هناك مسعى جدّي مع الحزب من أجل إقناعه بالتخلّي عن ترشيحه لرئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، لأنّ انتخابه صعب، ومن غير المقبول ترك البلد أمام التعطيل المستمر للانتخاب. لذا سيكون هناك طلب إلى الحزب بضرورة التفاهم حول شخصية توافقية.
فإذا تمّ التفاهم على ذلك يكون أمراً جيداً، وإذا لم يتم فإنّ هناك مسعى للتفاهم على الأمن والاستقرار، وعلى تسيير أمور الدولة. وتشير الأوساط إلى أنّه يمكن للأفرقاء اللبنانيين اختراق الجمود السلبي الحاصل على مستوى العلاقات الإقليمية، بحيث أنّ التوافق على رئيس توافقي لا يزعج أي طرف من الأطراف الخارجية، لا سيما وأنّ وظيفة مثل هذا النوع من الرؤساء ستبقى إدارة الأزمة، وعدم تغيير أي أمر في المعادلة. الأطراف الإقليمية قد تأخذ في الاعتبار إذا ما أبلغها الأطراف الداخليون مصلحتهم، لا سيما إذا ما أبلغ حلفاء إيران أنّ مصلحتهم هي في وجود رئيس خصوصاً أنّ الأزمة تطال الجميع. الأطراف الداخلية لديها هامش معيّن من التحرّك وعلى مستوى معيّن انطلاقاً من المصلحة الوطنية، فالدول الإقليمية لا تعارض مبدأ الحوار.
المشكلة الكبيرة في الموضوع الرئاسي هي، وفقاً للأوساط، أنّ الحزب يخشى من تداعيات تسميته مرشحاً توافقياً للرئاسة بدلاً من النائب عون. بالتالي إنّ الاتفاق في الحوار على الرئاسة ليس أمراً سهلاً، إنّما في حال لم يحصل الاتفاق، يستطيع تيّار المستقبل أن يقول للتاريخ إنّه حاول بكل جرأة ولم يتمكّن من إنهاء موضوع الرئاسة. إنّها محاولة كبيرة في ظلّ المسار الذي تتّجه إليه المحكمة الخاصة بلبنان، حيث أنّه كلما تقدّم التحقيق جرى كشف تورّط عناصر من الحزب في العملية. أي أنّه ليس سهلاً تحمُّل وزر الحوار تجاه الرأي العام لدى المستقبل و14 آذار.
التضحية من أجل الاستقرار، ومن أجل إيجاد حل لعملية انتخاب الرئيس، لأنّ هناك إدراكاً أنّه في بقية الملفات لا سيما في موضوع السلاح ومشاركة الحزب في سوريا، لن يتراجع. فالسعي الآن، والأمل بتحريك ملف الرئاسة على الرغم من صعوبته.
وتشير مصادر المستقبل إلى أهمية إجراء محاولة لحماية لبنان من كل ما يجري حوله. وبالتالي الحوار ضروري للذهاب في اتجاه، أولاً تفعيل عمل المؤسسات ومن ضمنها معالجة ملف رئاسة الجمهورية، والتوصّل إلى قانون للانتخابات النيابية، وتخفيف الاحتقان السنّي الشيعي، والأهم أن ينتج الحوار تقدّماً جوهرياً. إلاّ أنّ هذا الحوار ليس بديلاً للحوار الوطني الذي يحتاج إلى وجود رئيس للجمهورية يرأسه. إنّما على العكس هذا الحوار هو مدخل للوصول إلى رئاسة الجمهورية ولاستعادة الحوار الوطني الشامل.
وتلفت إلى أنّ المواقف الخارجية ليست إشكالية حقيقية، وهي لا تمنع الأطراف اللبنانية من أن تنأى بنفسها عن السعي إلى تقديم ما هو أساسي وملموس للبنانيين. الآن على حزب الله أن يثبت أنّه يريد الحوار وأنّه راغب في تقديم شيء للبنانيين، وأي فشل للحوار سيُعقِّد الأمور أكثر ممّا هي معقَّدة الآن. مع الإشارة إلى أنّه سُجلت دلالات معاكسة للحوار من الحزب أبرزها في دعوة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في هذا التوقيت، ودعوات من طهران لسياسيين ورجال دين لزيارتها.
أمّا في ما خصّ الكتائب، فإنّه لا يمكن القول إنّ هناك حواراً فعلياً مع الحزب، إنّما هناك تواصل لم يرقَ إلى مستوى الحوار، على حدّ قول النائب إيلي ماروني، الذي يتواصل مع النائب علي فياض عن الحزب، فالحوار يحتاج إلى جدول أعمال ونقاط مشتركة. لكن هناك أملاً في أن يتطوّر التواصل إلى حوار بنّاء ينعكس إيجاباً على الساحة اللبنانية.
ما يحصل الآن هو قراءة للوضع من كِلا الطرفين في المواضيع المهمّة لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية. هناك تشجيع للحزب على أخذ المبادرة وتأمين النصاب لانتخاب الرئيس. حزب الكتائب يعبّر عن رأيه في موضوع سلاح الحزب ومشاركته في الحرب السورية. الحوار هو لتقريب وجهات النظر وفتح المجال لبناء تفاهمات حول كل الثوابت والأسس الوطنية، مع الأمل لدى الكتائب بالتلاقي حول القواسم المشتركة الوطنية. قرارا الحرب والسلم يجب أن يكونا في يد الدولة وليس في يد حزب الله، وهذا ما يتمسّك به حزب الكتائب. لكن في النتيجة لا يمكن تجاهل أي فريق لبناني، والتركيز على الحوار أساسي. ولا أحد يمكنه أن يستغني عن المكوِّن الآخر أو يتجاهل وجوده. فالمصلحة الوطنية تتغلب على كل ما عداها، على الرغم من التمسّك بالثوابت.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00