على الرغم من أنّ الاتفاق الأولي بين إيران والدول الست تنتهي مدّته في 20 تموز المقبل، ويمكن تجديده لستة أشهر جديدة، إلاّ أنّ الطرفين، وكما يتبيّن من خلال الجولة الأخيرة للتفاوض بينهما، لديهما إصرار على أن يكون 20 تموز تاريخاً مفصلياً بحيث يكونا قد انتهيا من وضع الاتفاق النهائي بينهما، وهما وضعا التاريخ حافزاً أمامهما توصلاً إلى هذا الهدف.
مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع على التفاوض، أكدت أنّ الطرفين الغربي والإيراني باشرا بالفعل إعداد الأفكار الخاصة بمشروع الاتفاق النهائي. لم يوضع نص بعد، إنّما أفكار. وتخلل ذلك بحث في المواضيع التي سيتم التداول بها في الجولة. الآن بدأ العمل الجدّي لوضع الاتفاق النهائي. الطرفان يريدان الاتفاق وبسرعة. هناك ضغوط في الكونغرس الأميركي حول ذلك. كما أنّ إيران في منحى المتشدّدين فيها، يمارسون ضغوطاً لمعرفة إلى أين سيوصل الانفتاح الإيراني على الغرب.
لا تزال هناك نقاط خلاف متنوّعة ومتشعّبة، وتواجه صعوبات. إيران، وفقاً للمصادر، لا تريد أن يختلط البحث بين النووي وملفات المنطقة العالقة. ويُعتبر ذلك فكرة ذكيّة وأنّها تعالج الأمر بدهاء. إذ عندما تُزال عنها العقوبات بالكامل، وتُبطل عزلتها الدولية، وفي هذا الوقت تكون وجدت حلاً للبرنامج النووي، ستصبح أقوى، وعندها ستتعامل في المرحلة اللاحقة للنووي مع الغرب من منطلق أقوى. لذلك لا تريد بحث ملفات المنطقة، وهي تعاني عقوبات وعزلة، إذ لماذا تقدم تنازلات في ملفات المنطقة من أجل النووي؟ وهذا لن تتبعه، لذلك هي فصلت بين الإثنين، وكذلك الغرب فصل بينهما، لأنه يرى فعلاً تعقيدات النووي، وصعوبة الخلط بينهما.
حتى أنّ المفاوض الإيراني في انتدابه لهذه المهمة، والمعطاة من المرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني، حصر التفاوض بالنووي فقط. كما أنّ الأمر مفصول عن الأزمة السورية، ولا يقدر المفاوض التحدّث عنها.
إيران تعتبر أنّه عندما يتم سداد أموالها وإبطال عزلتها، تتفاوض من موقع قوّة، في حين أنّ الغرب يعتبر أنّه بعد إزالة عزلتها ستكون هناك مراقبة لأدائها في الملفات السياسية. ثم عندما تتم دعوتها إلى المؤتمرات واللقاءات حول المنطقة ستصبح لاحقاً مرنة أكثر لأنه يهمها عندها موقعها الدولي. وخلافاً لهذه التوقعات، فإنّ الخليج من جهته، فضلاً عن إسرائيل، يتوقعان تشدّداً إيرانياً في مسائل المنطقة بعد إزالة عزلتها. مع الإشارة إلى أنّ العلاقات بين الدول الخليجية البارزة وإيران حالياً في أسوأ مراحلها، نظراً إلى الخلاف الكبير حول أزمتَي سوريا والبحرين، حتى ولو حصلت زيارات متبادلة، فإنّ هناك تشاؤماً من مدى استعداد أي طرف لتقديم تنازلات للآخر. إنّما إذا تحسّنت العلاقة الخليجية الإيرانية فإنّ الأمر سينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني، الذي لا يزال عالقاً بسبب تباعد الطرفين الاقليميين والأطراف الداخلية، وانعدام وجود راعٍ مباشر. وإذا تفاهم الطرفان على البحرين واليمن، يصبح وضع لبنان أسهل، ويمكن ترقب تفاهم حوله، ما ينعكس على كل ملفات المنطقة.
وإذا ما سارت الأمور بجدّية مستمرة، فإنّ الغرب سيصل إلى وقت يبحث فيه تفاصيل ملفات المنطقة مع إيران بعيد توقيع الاتفاق النهائي. لكن من الآن وحتى التوصل إلى تلك المرحلة يطلب الغرب من طهران تغيير سلوكها في المنطقة. وما يظهر حتى الآن، أنّ إيران لم تعمد بعد إلى تغيير جوهري في سلوكها في المنطقة بالتزامن مع انفتاحها على الغرب، ما يعني أنّ الطرفين لا يزالان غير متفقين على هذه المسألة.
الزيارات الرسمية الغربية إلى إيران تسجل بحثاً في كل قضايا المنطقة، كونها زيارات ليست في اطار النووي، وأي بحث فيها لم يأتِ في سياق بحث النووي خلالها. التفاوض مسار منفصل، ولكن لا يمنع أن تتناول الزيارات الرسمية مواضيع المنطقة. إنّما التفاوض لا ينعكس على مواقف كل من الغرب وإيران حولها.
ويهم إيران لاحقاً أن تتم دعوتها إلى مؤتمرات دولية حول المنطقة. الغرب يرغب في دعوتها منذ الآن، ولكن يطلب أن يكون دورها إيجابياً، وليس أن تدعم الأطراف التي لا تحظى بدعم غربي في المنطقة.
الغرب يقول إنّه سيراقب اداء إيران في المنطقة بعد تنفيذ الاتفاق النهائي. فإذا ما رأى تشدّداً وسلبية سيتخذ إجراءات، لكن دولاً أخرى تشير إلى أنّ المحاسبة تبقى رهن عوامل عديدة في ضوء أنّ البرنامج النووي له الأولوية دولياً.
والغرب يقول إنّ هناك مراقبة لحسن تطبيق الاتفاق النهائي، وأي خلل في إيران سيعيدها إلى زمن العقوبات مجدداً. ولن يكون ذلك صعباً، إذ يعاد العمل بكل القوانين والعقوبات والإجراءات التي تكون قد توقفت، ولن يكون الإفلات منها مسألة سهلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.