يرأس وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمراً للسفراء اللبنانيين في الخارج في 30 الجاري. وتجرى التحضيرات اللازمة له، خصوصاً أنه سيمتد لأيام وسيناقش سياسة لبنان الخارجية ودور السفارات في بلورتها مع الدول، فضلاً عن تعزيز العلاقات الثنائية ولا سيما الاقتصادية، ثم التحضير للمؤتمر الاغترابي الذي يزمع الوزير عقده في نهاية أيار المقبل.
فرنسا تقوم بمثل هذه الخطوة مرة في السنة، حيث يرأس وزير خارجيتها اجتماعات تشاورية لكل سفرائها المعتمدين في الخارج، تكون عادة في شهر أيلول حيث افتتاح العمل بعد عطلة الصيف. وتعقد طاولات مستديرة حول مختلف المواضيع، ذات العلاقة بالسياسة الفرنسية. الولايات المتحدة تقوم بجمع سفرائها مناطقياً، مثلاً السفراء في الشرق الأوسط، إما في احدى الدول في المنطقة أو في الادارة بواشنطن.
ويجب ألا تجرى متابعة السياسة الخارجية في الدول الكبرى حيث المصالح القوية في العالم. إنّما للدول الأخرى مثل لبنان، ضرورات محتومة في ذلك نظراً إلى أهمية تحصين الداخل ودرء المخاطر.
وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان هذه الخطوة تعتبر تجربة أولى للبنان، وهي خطوة معتمدة من العديد من وزارات الخارجية في العالم، وكذلك بعض الدول العربية، وهدفها إبقاء التشاور المباشر قائماً بين الادارة المركزية والسفراء المعتمدين في الخارج، وتبادل الأفكار حول سياسة لبنان المطروحة، وحول سياسة الدول سواء كانت حيال لبنان، أو حيال المشاكل والأزمات والملفات الاقليمية والدولية. إذ ان لدى السفراء اطلاعاً كافياً على السياسات المطروحة أو الأفكار والتوجهات الني قد تعمل الدول لاعتمادها، ومن المهم للبنان الاطلاع عليها وتنسيق الأمر مع وزارة الخارجية والرئاسة اللبنانية حيالها. انها عملية تواصل وتنسيق ضرورية حول السياسة الخارجية، لم تكن متبعة من قبل لدى الادارة اللبنانية، لكن نتائجها تبقى رهن عوامل عديدة، وهي تمكّن السفراء من الاطلاع مباشرة وبصورة واضحة على التوجهات الرسمية.
بالنسبة إلى السياسة الخارجية، فإن الخطاب يختلف وكذلك التوجهات بين وزير وآخر، وإن كان ذلك بشكل محدود، حيث لا تغيير جذرياً أو جوهرياً، انما تحصل بعض التعديلات، ليس للبنان دور في الدول أو المسائل الدولية أو الاقليمية، ودائماً يلتزم الحياد. لكن في ثوابته يتمسك بالعديد من المواقف ذات الطابع الخارجي، انما في الوقت نفسه هناك العديد من الوسائل لا تحظى بتوافق داخلي حولها. فهناك الموقف من الازمة السورية، والدور الخارجي لـحزب الله، حيث عملياً هناك تفاوت بين الأفرقاء في المواقف تجاه العناوين المتصلة بها، لا سيما النأي بلبنان عن الوضع السوري، وتحديد ذلك أو أي سياسة جديدة متصلة به، لن تكون وزارة الخارجية وحدها معنية به.
هناك قضايا خلافية داخل البلد حول السياسة الخارجية، وهذا لطالما انعكس على الأداء الرسمي اللبناني في الخارج. وهناك قضايا منها حظيت بتفاهم في الخطاب أو النص، من دون أن تحظى عملياً بالتزام به.
كذلك عملياً كانت هناك خلافات حول ذكر القرارات الدولية حول لبنان في الخطابات الرسمية. القرار 1559 لم يعد يذكر على الاطلاق، وحلّ محله ذكر القرار 1701 الذي يشمله، والـ1701 هو بدوره موضع خلاف داخلي، إذ لا يريد حزب الله تنفيذه لناحية نزع السلاح، فضلاً عن القرارات ذات الصلة بالمحكمة، الخاصة بلبنان، والتي لم يكن الحزب مع تضمين ثوابت لها، ولم يرد الالتزام والتعاون معها.
حتى مسألة المقاومة للعدو الإسرائيلي التي في المبدأ يتوافق حولها الجميع، لكن بعد مشاركة الحزب في القتال في سوريا، وبعد ادائه في لبنان وبعد 7 أيار، بات لفريق كبير من اللبنانيين شكوك حول مقاومته هذه.
فقط موضوع السلام في الشرق الاوسط هو محور تفاهم داخلي في حدود معقولة، فضلاً عن رفض التوطين وهو يحظى بتوافق كامل. هناك تخوف من التوطين إذا تخلى الفلسطينيون عن حق العودة خلال تفاوضهم الحالي مع إسرائيل. لذا جرى تأكيد لبنان على هذا الحق وضرورة تمسك العرب والفلسطينيين به في أي تفاوض. لدى لبنان تخوف من موضوع اللاجئين عموماً، إن على المستوى الفلسطيني أو على مستوى النزوح السوري، حيث لا حل عملياً في الافق، على الرغم من المواقف الرسمية الأخيرة البالغة الأهمية. من المهم ان يعرف لبنان ماذا يُخطط له على كل الاصعدة. والتشاور الديبلوماسي مهم انطلاقاً من ذلك. مع الإشارة الى ان المجتمع الدولي رفض اقامة مخيمات للاجئين داخل الأراضي السورية، وان كلاً من تركيا والاردن والعراق أوقفت استقبالهم، وان المخيمات تحتاج إلى حماية أمنية، لبنان لم يتخذ بعد قراراً بإقفال الحدود.
وينعكس التشاور إيجاباً على الديبلوماسية الاقتصادية، إذ للسفارات دور في تعزيز الاقتصاد اللبناني وتسويق انتاجه. كما ينعكس على دور لبنان الاغترابي وتواصل المغتربين مع وطنهم الأم عبر السفارات والقنصليات العامة، فضلاً عن تفعيل تسجيلهم لديها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.