8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

هل ينجح أوباما حيث فشل كيري؟

تُعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم للمملكة العربية السعودية مفصلية، حيث أن أولوية البحث فيها ستركز على العلاقات الأميركية السعودية، فضلاً عن مواضيع المنطقة وملفاتها المطروحة وتنسيق مواقف البلدين منها.
وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن تطمينات أميركية ستُعطى الى المملكة حيال مواقف واشنطن في الملفات المطروحة، لكن طبيعة هذه التطمينات تبقى في إطار التفاهم الثنائي بينهما، وإن كانت ستلحظ ضمانات وتطمينات أمنية لمنطقة الخليج حول عدم سحب القوات الأميركية من المنطقة، أو التخلي عن أمنها، حتى ولو جرى تفاهم نهائي غربي مع إيران في وقت لاحق. إذ إن هناك قلقاً من إمكان سحبها في حال حصول التفاهم النهائي.
الملف السوري أساسي في المحادثات وكذلك الموضوع الإيراني. إنما في خضم هذين الملفين هناك تطمينات للمملكة وللخليج بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الحلف التاريخي مع الرياض، وأنه تستحيل أي تسوية على حسابها وحساب الخليج. وسيتم تأكيد النقاط المشتركة التي يتمسك بها الطرفان: أي أنهما ضد استمرارية النظام السوري وضرورة رحيله، وأن القتل والدمار يستمران ويتزايدان نتيجة استمراره، والتفاصيل في كيفية التخلص منه تحتاج الى تضافر الجهود.
هناك انزعاج سعودي، ليس من السعي الغربي الى إزالة البرنامج النووي الإيراني وإنما من احتمال وجود تقوية لإيران نتيجة إزالته أو التفاهم معها على ذلك. مع أن إزالته هي مطلب خليجي، لكن التخوف من أن تزداد قوة إيران ونفوذها نتيجة الانفتاح العالمي عليها، من دون أن تكون قد حُلت مشكلات المنطقة، ومن دون أن تكون هناك أي تسوية غربية مع إيران على حساب الخليج، وأنه إذا تعزز التقارب الأميركي الإيراني، وتم رفع العقوبات عنها، لا تبقى إيران بذلك معزولة، في ظل الإمكانات الكثيرة التي تمتلكها. كما أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة يعتبر أنه إذا دخلت إيران الى المجتمع الدولي فستصبح مسؤولة أكثر وتصبح شريكة في الدور الإيجابي المطلوب وتستطيع المساهمة فيه، وهذا ما يأمله الغرب. في حين أن الخليج يعتبر أن ذلك كله يجعل من إيران أكثر قوة.
كما أن هناك انزعاجاً من الموقف الأميركي حيال الأزمة السورية، لا سيما بعدما ألغيت الضربة العسكرية في نهاية الصيف الماضي، وقرار عدم التدخل عسكرياً في سوريا، وعدم دعم المعارضة بالشكل المطلوب، وعدم وجود قرار أميركي بفعل شيء حاسم في سوريا، وعدم وجود ما يؤشر الى تدخل قوي حيال سوريا وتغيير جذري. الأنظار متجهة الى موقف أوباما في الرياض، إذ كيف سيقنع السعودية بالموقف، وبعدم وجود نيّة لديه لفعل شيء ما، أو تدخل واسع؟ وكذلك بأن قرار الإفراج عن مساعدات عسكرية للمعارضة لن يطال السلاح النوعي؟ منذ مدة جرى البحث بضربات مماثلة لما تقوم به واشنطن في اليمن والباكستان مستهدفة الإرهاب، بحيث يستطيع هذا المنحى أن يشمل أي موقع في العالم، بما فيه سوريا. وقد اتخذ حينها قرار أميركي في هذا المجال، إنما ما يواجه الأمر، هو أن كل المنظمات الإرهابية تعمل تحت عنوان المعارضة في سوريا.
المملكة العربية السعودية ونتيجة هذه الأجواء كلها، حددت فرنسا، الدولة التي ستنفذ صفقة الثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني، الأمر الذي أثار انزعاج واشنطن القوي، لا سيما وأن واشنطن لطالما كانت هي التي تمد الجيش اللبناني بالسلاح، وكان منطقياً بالنسبة اليها أن تُنفذ الصفقة عبرها هي وليس عبر فرنسا. الرياض راضية عن مواقف فرنسا في الملفات الإقليمية لا سيما في ما خص الموضوع السوري، إذ إن باريس ترغب بقوة في توجيه ضربة الى النظام السوري من جانب الولايات المتحدة مع تحالف غربي، لأن فرنسا لا يمكنها القيام بذلك وحدها، ولديها اندفاعة في ذلك.
وذكرت المصادر، أن هناك انزعاجاً أميركياً أيضاً من نتيجة توجه القائد العام للقوات المسلحة المصرية ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الوطني لهذه القوات وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، الى موسكو قبل أسابيع، حيث جرى البحث في تسليح الجيش المصري، ما يعني أن هناك رسائل عربية مختلفة الى واشنطن حول أنه إذا لم تغير في أدائها حيال الملف السوري، فإن لدى هذه الأطراف خيارات أخرى.
يبدو أن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمملكة قبل أشهر قليلة لم تكن كافية في تبديد المخاوف السعودية على مستوى التعاطي مع الملفين السوري والإيراني، إذ إن الأداء الأميركي حيال سوريا مستمر على حاله، والمفاوضات الغربية مع إيران مستمرة، وسياسة إيران في المنطقة لم تتغير، كما أنه لم تستجد أمور بصورة ملموسة تطمئن المملكة، لذلك زيارة كيري لم تحسم الوضع، الأمر الذي يستدعي زيارة من أوباما لعله يحمل ما يطمئن ويضمن ويقنع.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00