8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بحث دولي حول مصير الرئاسة السورية

تنشط الديبلوماسيتان الأميركية والروسية في هذه المرحلة من الاهتمام بالملف السوري، في بحث مصير الانتخابات الرئاسية السورية. وبات هذا الموضوع ضاغطاً جداً عليهما كما على مؤتمر جنيف2، بحيث أنّه في المبدأ كان يفترض بالمؤتمر أن يتوصل إلى حل للمرحلة الانتقالية، ريثما تحصل انتخابات رئاسية جديدة، وهو الأمر الذي لم يحصل ولا يتوقع أن يحصل قبل أيار المقبل موعد الانتخابات.
وموضوع الانتخابات الرئاسية وفقاً لمصادر ديبلوماسية، بات أساسياً وضاغطاً لأنّ موعده بدأ يقترب، ولأنّ المعارضة السورية ومن ورائها واشنطن والعرب وتركيا وأطراف دولية واقليمية أخرى، تصرّ على بحث بند الهيئة الانتقالية كأولوية في جنيف2. في حين أنّ النظام ومن ورائه روسيا يعتبران أنّ الهيئة الانتقالية ليست أولوية، إذ يريدان أن يبقى الموضوع ورقة في يدهما. الولايات المتحدة لا تريد أن يترشح الرئيس السوري بشار الأسد لولاية جديدة، والغرب أيضاً لديه الموقف نفسه. أما إيران فتقول إنّه يجب عدم وضع شرط على أي شخصية، ويحق للأسد الترشح والشعب السوري يقرّر. وروسيا تقول إنّه لا يستطيع أي طرف منع أي شخصية من الترشح، وقرار الانتخاب يعود إلى الشعب السوري. أمّا السعودية فموقفها متطابق مع موقف الغرب. إذاً هناك تباين في المواقف، في حين أنّ النظام يعلن أنّ الأسد سيترشح.
في سوريا الآن هناك تدخّل دولي في مصير الانتخابات الرئاسية، مع أنّ من حق الشعب السوري في المبدأ أن ينظم انتخاباته كونها استحقاقاً دستورياً مهماً. والدول الآن أمام خيارين، إمّا الذهاب إلى مواجهة دولية دولية، واقليمية - اقليمية، وسورية سورية، او من خلال السعي إلى انتخابات رئاسية بالقوّة، إذا ما رغب الأميركيون في ذلك. والأمر متعلق بمدى وجود قرار أميركي بالذهاب إلى مواجهة مع النظام ومع الأطراف التي تسانده. والأطراف المتنازعة عمودياً إن دولياً أو أقليمياً أو سورياً تتدخّل كلها في العملية السياسية التي باتت معقّدة وطويلة. إذا ما تحدّد موعد الانتخابات الرئاسية في موعدها بناء على توافق دولي، فالوضع شيء، وإذا كانت ستجري في موعدها في اطار خلاف دولي فشيء آخر. وفي الحالة الثانية، لن يكون ذلك عاملاً مساعداً للتفاوض في جنيف2، إنّما أي توافق حول الإبقاء على موعد الانتخابات أو تأجيله يساعد في حلحلة الأمور في التفاوض.
باتت الاستحقاقات السورية لا سيما الرئاسة، جزءاً أساسياً من المحادثات غير المعلنة بين الغرب وروسيا. واحدى الأفكار المطروحة وإن لم تكن مقبولة هي تمديد ولاية الأسد حتى تتم بلورة اتفاق دولي على الوضع السوري، ما يشكّل أحد المخارج السياسية، وذلك تحت عنوان الوضع الأمني المتدهور وصعوبة تنظيم الانتخابات الرئاسية، ما يحتّم تأجيلها. في الدستور السوري، وفقاً للمصادر، هناك ما ينص على أنّه في حال لم تجر الانتخابات يبقى الرئيس في منصبه.
مؤتمر جنيف2 لم يفشل، إنّما لا يزال الطرفان السوريان يناقشان أولوية التفاوض، وهما في البداية، ولا يوجد حل غداً. توجد عملية تفاوض، وقد تتحقق عبرها حلول للقضايا العالقة، وتتطور إلى وقائع على الأرض. الطرفان السوريان معنيان، فضلاً عن الأطراف الاقليمية ثم الأطراف الدولية في الدائرة الأوسع. الأزمة السورية معقّدة والعملية السياسية ليست سريعة بل بطيئة جداً، والطرفان يتخذان المواقف القصوى. فضلاً عن ذلك ليس هناك من معارضة واحدة، والائتلاف على الأرض تنافسه مجموعات مسلحة لا تعترف به، ولا تريد الحوار مع النظام. ووفد النظام يقول بضرورة تضافر الجهود لوقف العمليات الإرهابية على أن يتم البحث في السلطة الانتقالية في وقت لاحق. المؤتمر ليس فاشلاً، ولكن يجب عدم الاستغراب أنّ حلاً لم يحصل بسرعة.
مؤتمر جنيف2 عملية سياسية طويلة، وقد يستغرق توصّله إلى نتائج سنة أو سنتين. إنّها مسألة تطال النظام السياسي والأمني والدفاعي والعدلي، والإرهاب. الآن تتوقع المصادر أن تأتي مرحلة معينة لاحقاً، يحدّد فيها البند الذي سيتم البدء بمناقشته في جنيف2، وسيصار إلى التفاهم حوله بين الأطراف الدولية في الأساس. الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية لن تسمحا بانهيار العملية السياسية، وسيتم في مرحلة اخرى، اقتراح تسوية حول المواضيع التي يجب البدء ببحثها.
وتدور معارك طاحنة داخل سوريا على وقع كل هذه الحركة الديبلوماسية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00