يتبيّن من خلال اجتماعَي اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري للحكومة، أنّ عقبات عدّة تواجه التفاهم حول النقاط العالقة وأبرزها ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، وإعلان بعبدا وحياد لبنان.
وتكشف أوساط سياسية أنّ اتصالات حثيثة تُجرى لتأمين توافق على البيان بحيث لا يستغرق صدوره أكثر من أسبوع، ويتم تحييد المطالب التي تشكّل بنوداً خلافية، ويتم التركيز على أولويات عمل الحكومة ومهمّتها.
من بين الأفكار المطروحة ألا يتم ذكر لا إعلان بعبدا في البيان الوزاري، ولا الثلاثية، لكي لا يصار إلى تأزيم الوضع، انطلاقاً من أنّ الجميع تفاهموا وسهّلوا التأليف، ما يعني أنّ هناك تفاهماً مع رئيسَي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة تمام سلام على بيان مقتضب لا يتم فيه ذكر أي منحى بوضوح. إنّما أن يتضمّن مبادئ عامة لا يعترض أحد عليها ما يجعل منحها الثقة أمراً محسوماً. عندها يقبل حزب الله بألاّ تُذكر الثلاثية، وتقبل 14 آذار بألاّ يُذكر إعلان بعبدا ويصبح هناك اتفاق.
وتشير الأوساط إلى أنّ الاتفاق على الحكومة، لن يؤدي إلى الاختلاف على البيان الوزاري، الآن كل الأطراف تتحدّث مع بعضها، وهذا الأمر عامل مساعد فضلاً عن دور كل من الرئيس سليمان ورئيس جبهة النضال الوطني النيابي النائب وليد جنبلاط. الحكومة عمرها ثلاثة أشهر، ولن يكون هناك أشهر لوضع بيانها الوزاري، ومن المتوقع أن يعدّ البيان بجلسات قليلة معدودة. ولا تستبعد المصادر أن تكون المواقف المتصلّبة لدى بعض الشخصيات في قوى 14 آذار وبعض وزرائها حول استقالتهم إذا لم يتم الأخذ بموقفهم في البيان الوزاري، هي غمز في اتجاه حزب القوّات اللبنانية الذي قاطع المشاركة في الحكومة.
أوساط نيابية قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، تقول إنّ المهم هو أنّه بات للبنان حكومة، لكي لا تستمر حالة الفراغ. والمهم أيضاً هو التقارب السياسي بين الأطراف والذي تجسّد من خلال هذه الحكومة، وطالما وصلت الأمور إلى هذا المنحى الإيجابي، في مسألة تدوير الزوايا، فإنّه من المنتظر إكمال المسار، وعبور الحاجز الآخر وهو البيان الوزاري للحكومة. ومن المتوقع أن يكون مختصراً مفيداً يسهّل أمور البلاد، ويتناول القضايا الحاسمة ويبتعد عن خلق تعقيدات وعقبات، ما يعني أنّ مَن عمل على تدوير الزوايا حتى وصلت الأمور إلى هنا، يفترض أن يكمل. وهذا افضل من أن يكون هناك حكومة تصبح حكومة تصريف أعمال. والصدمة الإيجابية التي خلفّها تشكيل الحكومة يجب أن تستمر عبر العمل لخدمة اللبنانيين عبر مواقف غير متصلّبة.
في كل الأحوال ليس هناك من بيان وزاري تم تنفيذه، بحسب الأوساط، لذلك يجب التركيز على مهمّة هذه الحكومة، حيث إنّ أمامها ثلاثة ملفات أساسية مستعجلة. مع الإشارة إلى أنّها لن تكون قادرة على أن تصنع المعجزات، وتركيبتها لناحية الاختصاصات ليست متطابقة مع الوزارات، إنّما هي حكومة سياسية، وتم تركيبها في مجموعة معاً وكل وزير سيسعى لتدبير أمره في حقيبته. الجميع تجاوز موضوع تطابق الاختصاصات، والملف الأول العاجل هو أنّه منذ مدّة كانت القوى الأمنية متروكة ومكشوفة سياسياً. أوّل استحقاق هو أن تجتمع لتؤكد وحدتها في دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية في التصدّي للإرهاب والذي بات ناشطاً أكثر. إنّها عملية تحتاج إلى حسم، وما دامت الحكومة موحّدة وتمثّل كل الأطراف، يمكن للقوى والأجهزة الأمنية أن تنسّق مع بعضها، من خلال التنسيق الأمني بين وزارَتي الداخلية والدفاع. ذلك أنّ الأمن بات أولوية، وأن لا استقرار من دون أمن، ولا اقتصاد وسياحة من دون أمن أيضاً.
الملف الثاني العاجل، هو معالجة موضوع النازحين السوريين، لأنّ المجتمع الدولي ينادي منذ فترة بضرورة وجود شريك في لبنان للتعاطي معه، وهذا مهم من خلال تلقي المساعدات المرسلة إليهم، كما دراسة الأفكار المتّصلة بتنظيم أوضاعهم في لبنان.
والملف الثالث، هو الملف الاقتصادي المالي الإداري. وفي الطليعة الملف النفطي ويجب ألاّ يبقى الجمود مسيطراً وأنّ السير بمراسيم النفط والمناقصات رسالة إيجابية من الحكومة الجديدة.
هذا هو دور الحكومة في التأكيد على كل هذه الملفات مجتمعة، بعد مرحلة البيان الوزاري وتسهيل صدوره.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.