سُجِّل ارتياح دولي كبير لخطوة تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس تمام سلام، وبدأت تظهر اهتمامات غربية أميركية وأوروبية بالوضع اللبناني بالتزامن مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية.
الجو العام الغربي الذي تبلّغه لبنان عبر القنوات الديبلوماسية يركّز وفق معطيات ديبلوماسية على أمرين:
الأول، أنّ المجتمع الدولي يرى أنّ وجود حكومة جديدة يؤدي إلى استقرار داخلي أو ربما أحد العوامل الأساسية لهذا الاستقرار. كما أنّ وجودها يؤدي إلى تحسين المناخات الضرورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. لذلك برز خلال السعي إلى التشكيل في المرحلة الماضية إجماع دولي على ضرورة وجود حكومة في أقرب وقت.
والثاني، أنّ سبب الارتياح يعود إلى أنّ المساعدات الأمنية للبنان من الخارج، فضلاً عن المساعدات الإنسانية للاجئين، يحتاج استقبالها إلى حكومة فاعلة.
إضافة إلى التركيز على أنّ ليس هناك من دخول في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي لا أميركياً ولا أوروبياً، إنّما تشديد على ضرورة حصوله في موعده.
ويبقى الاساس في الموقف الدولي الراهن، التركيز على الاستقرار في لبنان والحفاظ عليه، حيث بات هذا الموقف شبه شعار غربي حيال لبنان في ظلّ الأزمة السورية، لكي يتمكن من تمرير مرحلتها. ويشكّل التخوّف من الإرهاب والتفجيرات أحد أهم الأسباب وراء الدعوة إلى الاستقرار، وكذلك القلق الكبير من الانزلاق شيئاً فشيئاً نحو عدم الاستقرار.
ويؤيّد الأوروبيون حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده في ظلّ حكومة متفق عليها بين الأفرقاء اللبنانيين، وليس في ظلّ حكومة تصريف الأعمال السابقة. والأوروبيون، كما الأميركيون، ساهموا في الجهود من أجل أن تدفع الدول المهتمة في اتجاه تشكيل الحكومة، نظراً إلى وجوب وجود إدارة للوضع في البلاد، فضلاً عن دعم ومساعدة اللاجئين السوريين.
وتفيد أوساط سياسية بارزة في 14 آذار، أنّ إنجاز تشكيل الحكومة أمس هو حدث في حد ذاته. إذ إنّه منذ ثلاث سنوات كانت هناك حكومة طرف واحد وتسبّبت بخلل وطني كبير. هذه الحكومة تُعيد التوازن إلى الحياة السياسية وتعيد الثقة ولو في الحد الأدنى بالبلد، فضلاً عن أنّها تساهم في تخفيف التوتر. كما أنّه يعوّل على هذه الحكومة في استعادة الخدمات للناس ورعاية مصالحهم وشؤونهم، إذ لم يُسجّل خلال 11 شهراً من استقالة الحكومة ووجودها في مرحلة تصريف الأعمال أي اقتراب من مصالح الناس، ثم انها توفر الغطاء السياسي للأجهزة الأمنية لتقوم بدورها كاملاً في حفظ الاستقرار.
لا بد، وفقاً للأوساط، أن يكون الجو الاقليمي ساعد على إعلان الحكومة بالنظر إلى حجم المخاطر المحيطة بلبنان والتي دفعت بعض الأطراف في اتجاه التشكيل. ولا بد أن يكون هناك دور كبير لواشنطن في إحراز تقدم جوهري، والإصرار على الحكومة، فضلاً عن أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري أدّت دوراً أساسياً ومحورياً في التوصّل إلى تفاهم حول التشكيل.
قد يكون لبعض الأطراف الداخليين حسابات معينة بالنسبة إلى انتظار الحسم في سوريا من أجل تمرير الحكومة. لكن هؤلاء عادة ووجدوا أنّ الحسم صعب، كما وجدوا ضرورة للحكومة في ظل الفلتان الأمني الحاصل وخطر الانتحاريين.
مجرّد وجود حكومة يعطي أملاً في الاستقرار والهدوء، إنّما الخطورة الأمنية المتأتية من التفجيرات لا تنتهي إلاّ بانسحاب حزب الله من سوريا. الحكومة والتوافق الحاصل يضغطان في اتجاه الارتياح الأمني، ومضايقة الإرهابيين. لكن الحل الأساسي وليس النهائي هو بخروج الحزب من سوريا.
لا شك في أنّ تشكيل الحكومة هو محطة مفصلية في إفشال أي مخطط سياسي لتعميم الفراغ على المؤسسات الدستورية لتسهيل تهديد البعض بالمؤتمر التأسيسي تمهيداً للمثالثة.
فضلاً عن ذلك، من خلال هذه الحكومة تصبح 14 آذار شريكة في السلطة، بحيث لا تترك البلد في أيدي فريق معين.
وتؤكد الأوساط أن 14 آذار متمسّكة بثوابتها بالنسبة إلى البيان الوزاري للحكومة الجديدة، أي بإعلان بعبدا، ورفض ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة. ولفتت إلى ما يمكن أن يتبلور من خلال العلاقة بين تيّار المستقبل والتيّار الوطني الحر، حول التفاهم على إعلان بعبدا، وعلى إبعاد الثلاثية عن البيان. والضوء مسلّط على كيفية ترجمة التيار الوطني الحر لموقفه المؤيّد لمذكرة بكركي الوطنية الأخيرة والتي تنص على إعلان بعبدا، وهذا سيظهر من خلال الاتصالات واللقاءات التي ستقوم بها اللجنة الوزارية لإعداد البيان الوزاري المتوقع. وتبعاً لذلك، الأنظار متجهة إلى العلاقة بين التيّار الوطني الحر وحزب الله في هذا المجال.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.