8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تسهيل التشكيل عامل أساسي للتعامل مع الخطر الأمني

هل دخل لبنان الحلقة التي يستهدفها الإرهاب في المنطقة؟ وهل من معالجة لوقفه وتحييد لبنان عن استهدافاته؟ وهل لتشكيل الحكومة الجديدة علاقة فعلية بوقف هذا المسلسل؟
تفيد مصادر سياسية بارزة أنّ ما من أحد يتوهّم أنّ أي حكومة جديدة ستملك حلاً سحرياً يعالج مسلسل الإرهاب. إنّما الوضع الأمني الراهن، يحتاج إلى سلطة قرار تكون وراء دور الأجهزة الأمنية في البلاد، لأنّه لا يعقل أن تستمر الأمور من دون سلطة قرار يمكنها أن تتعامل مع تطوّرات الموضوع الأمني الذي بات يهدّد كل اللبنانيين. وانعدام سلطة القرار تترافق مع حكومة مشلولة ومجلس نواب مشلول، وبالتالي من شأن وجود حكومة العودة إلى التعامل مع العالم انطلاقاً من وجود السلطة. الآن لا يوجد تغطية سياسية للأجهزة وفقاً للمصادر، والحكومة الجامعة تعني أنّ كل الأطراف تغطي الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجباتها. لذلك انّ الوحدة الوطنية والاعتدال المنشودين هما الاساس لمواجهة هذا الجو من الأخطار، فضلاً عن العمل لتفويت أي فرصة أمام وجود بيئة حاضنة للإرهاب، ومهمة الحكومة هي إعطاء الرسالة الصحيحة في هذا المجال.
وتشير المصادر إلى أنّ رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يغرقان في البحث عن كيفية حماية بلديهما من ارتدادات الإرهاب التكفيري ومنع عودة التكفيريين الذين قصدوا سوريا من بلديهما للمحاربة هناك، إلى باريس ولندن لا سيما عبر قرار اتخذ بسحب الجنسية منهم. والمملكة العربية السعودية قرّرت مقاضاة مَن ينتسب إلى التيارات المتطرّفة عبر السجن. كل الدول حالياً تفكر في سبل حماية نفسها من الإرهاب، وبالتالي يفترض بالأطراف السياسيين كافة تسهيل قيام الحكومة كأحد العوامل الأساسية للتعامل مع الموضوع الأمني كما يجب، واتخاذ خطوات تضبط الوضع، ما يعني أنّ تشكيل حكومة هو بداية الصحوة، للعمل على إجراءات سريعة لأنّ البلد يحتاج إلى قرارات.
مصادر وزارية تقول إنّ الوضع الأمني لا علاقة له بالحكومة لناحية أنّها لن توقف الإرهاب، لكنها تضفي أجواء ارتياح في الداخل لا سيما إذا كانت حكومة إجماع وطني، وليست حكومة أمر واقع، لأنّها تتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال في سياق من الصراع السياسي السياسي، بينما الوضع الأمني يحتاج إلى تماسك حكومي لمواجهته.
والإرهاب لا يعرف حدوداً، ولا يتوقف عند منطقة أو فئة معينة، ولبنان مهدّد بأن يدخل في حلقة مخيفة، الأمر الذي يجعل من الضروري والملحّ بحث موضوع الإرهاب الذي أصبح خطراً يضرب أكثر من دولة، والعمل في اطار التنسيق بين الدول المتضررة منه لتبادل الخبرات والمعلومات، ووضع خطط فاعلة لشلّ قدراته.
تشكيل الحكومة يمكن أن يحسّن الجو السياسي بشكل عام، لكنه لن يوقف التفجيرات. الإرهاب مرتبط بالحرب في سوريا، وفق مصادر ديبلوماسية في بيروت. والدولة السورية ليست ممسكة بالبلاد، وطالما الوضع باقٍ هكذا سيستمر تدفق السيارات المفخخة والانتحاريين بأحزمة ناسفة من سوريا. إذا توافق السوريون من خلال مؤتمر جنيف2 على تسوية وعلى ضبط الإرهاب ومكافحته، سيتوقف الإرهاب في سوريا، وسيتوقف تدفقه إلى لبنان. وإلاّ فإنّ لبنان سيبقى عرضة لهذا النزف. المشكلة ليست فقط في مكافحة السيارة أو الانتحاري الذي يصل إلى لبنان، إنّما المشكلة في مكافحة المصدر، لأنّه إذا تم اكتشاف السيارة والانتحاري في لبنان سيفجّر نفسه فوراً، وإن لم يتم الاكتشاف سيفجّر نفسه لاحقاً، أي ضرورة مكافحة مَن يحرّض على الانتحار والتفجير، ومَن يشجع ومَن يُعدّ للتفجير. المعالجة يجب أن تكون متعدّدة الجوانب، لأنّ الموضوع متشعّب ويحمل أوجهاً عدّة.
يجب على الدول المتضررة من الإرهاب التنسيق معاً لمكافحته عبر التعاون الأمني الاستخباراتي. حالياً التعاون والتنسيق اللبناني السوري في المجال الأمني في حدوده الدنيا وفي أوقات كثيرة لا تعاون، وهذا يحصل نتيجة الظروف المحيطة بالعلاقات الرسمية اللبنانية السورية، وكذلك نتيجة ان في سوريا، الحكومة لا تمسك زمام الامور في البلاد. هناك مناطق لم تعد خاضعة للنظام، وهناك مناطق ليست خاضعة لأي طرف، ومناطق خاضعة للجيش الحر، وأخرى موزّعة بين المجموعات المتطرّفة حيث يتحرّك فيها الإرهاب بحرّية تامة، وكلما طال الوضع السوري على هذه الحال كلما تعقّدت عملية مكافحة الإرهاب في لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00