على الرغم من أنّ الاتفاق الأوّلي بين الغرب وإيران يختصّ فقط بالبرنامج النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على إيران، إلاّ أنّ هناك مراقبة دولية للأداء الإيراني في ملفات المنطقة، بالتوازي مع مراقبة الأداء الإيراني في تنفيذ الاتفاق.
الرئيس الإيراني حسن روحاني يسعى إلى إعطاء صورة معتدلة ومنفتحة على الغرب والعرب. والوقائع تدلّ على أنّ إيران في مرحلة تفاهم كبير مع الغرب. إنّما السؤال يبقى لدى أوساط ديبلوماسية هل أنّ إيران قادرة على السير بالاتفاق حتى النهاية، والتفاهم مع الغرب ووضع حد لسلاحها النووي، أم أنّها تعمل على كسب الوقت للحصول على نَفَس اقتصادي ومن ثم تعيد النظر بتفاهمها هذا في منتصف الطريق؟.
المنطق الغربي في ما يسمّى بتقديمات لإيران ينطوي على فكرة أساسية هي، وفقاً لمصادر ديبلوماسية دولية، بما أنّه يتم العمل حالياً على البرنامج النووي، في المقابل انّ الاعتراف بدور إيران يعني أنّها لم تعد معزولة وأنّها باتت دولة عادية لديها انفتاح على العالم. وطالما هي تسير في الحل وفق الاتفاق فهي تتّجه أكثر إلى انفتاح سياسي واقتصادي. إيران دائماً تطلب أن يكون لها دور في المنطقة، لكن الغرب يريد منها أن تلعب دوراً إيجابياً في الملفات المفتوحة، من أجل أن تتم دعوتها إلى الحوارات والمؤتمرات حول مشاكل المنطقة، لكي تصبح أكبر مساهمة في الحلول لها. ويعتبر الغرب بما أنّه قام بالاتفاق معها، ولو أوّلياً، ما يعني أنّ هناك انفتاحاً عليها ويجب عليها لعب دور إيجابي أكثر ويختلف تماماً عمّا تعتقده إيران من أنّ أي دور إيجابي يفترض أن يكون له ثمن إضافي.
كل من الطرفين الغربي والإيراني إيجابي طالما أنّ الطرف الآخر كذلك، مع الاعتقاد الغربي أنّ إيران تخربط على الملفات إذا لم يكن هناك اعتراف بدورها، انطلاقاً ممّا تراه هي مصلحتها.
واعتبر الغرب أنّ إرسال الدعوة إليها للمشاركة في الأعمال الافتتاحية لمؤتمر جنيف2، سيكون المقابل اعترافها بـجنيف1، ولما لم يحصل ذلك سحبت الدعوة. إذاً الدور الإيجابي مطلوب لدعوتها وليس أي دور. عملياً طهران تقول للغرب إنّ لديها مصالح، ومصلحتها لا تقتصر فقط على المشاركة وأنّه ليس من الضروري أن تكون إيجابية لمجرّد دعوتها. وهي لن تتخلى عن مصالحها وقضايا استراتيجية لديها لأنّها، مثل الغرب، لا تسهّل أو تعطي إلاّ مقابل ثمن واضح. لذلك يأتي موقفها في عدم التخلي عن دعم النظام السوري، وبالتالي عدم الاعتراف بـجنيف1 والسلطة الانتقالية.
صحيح أنّ التفاوض مع إيران لم يصل إلى القضايا الاقليمية، لكن الغرب وعبر دعوتها إلى جنيف2 يعمل على جسّ النبض الإيراني حيال الموضوع السوري بعد التفاهم معها أوّلياً على برنامجها. أعطت إيران الغرب الاطمئنان إلى البرنامج في حدود معينة، وأعطوها في المقابل رفعاً جزئياً للعقوبات الاحادية.
في اعتقاد إيران، بحسب المصادر، أنّه مقابل ماذا يتم التخلي عن دعم النظام، وعن التحالف معه؟ فالبرنامج النووي يتم التفاوض عليه في مسار منفصل وتقني، ويأتي ثمنه من ضمنه وليس له علاقة بالمنطقة وقضاياها. لذلك ليس هناك تخلٍ عن حزب الله مثلاً، الذي يعدّ قضية استراتيجية إيرانية وجزءاً لا يتجزأ من الحرس الثوري، كل ذلك يشير إلى أنّ التسويات في المنطقة غير ناضجة بعد.
وتفيد المصادر انّ أي تراجع من إيران في شأن تنفيذ الاتفاق، أو التراخي منتصف الطريق بعد وضع الاتفاق النهائي المرتقب، سيجعل الغرب يعود عن القرارات المتخذة أو التي ستُّتخذ لاحقاً حول إزالة العقوبات. واللحظة التي تغيّر إيران في وعودها، سيتغيّر الغرب أيضاً في التزاماته، وسيقوم في هذه الحالة بإعادة العمل بالعقوبات فوراً، لا سيما وأنّ الغرب في رفعها لا يقوم بوضع نصوص قانونية جديدة، ما يسهّل العودة إليها، ويمكنه أن يقول في هذه الحالة أوقفنا تعليق العقوبات ونعود إليها.
الاتفاق الأوّلي مع إيران لم يتطرّق فعلاً إلى قضايا المنطقة. لكن هناك قناعة أنّ إيران نووية تضرّ بالخليج كلّه، وإذا لم يكن لديها النووي فهي مسألة استراتيجية بالنسبة إليها، وفي الأساس لا تزال قضايا المنطقة خارج البحث، والعلاقات الإيرانية بدول الخليج غير واضحة بالنسبة إلى مستقبلها وما إذا كانت ستتطور إيجاباً أم لا.
ويبدو بحسب أوساط أخرى، أنّ التفاهم الغربي الإيراني بدأ يعطي نتائج في العراق لكن في لبنان لا تزال الأمور غير واضحة، وتشكيل الحكومة وتفاصيل الأمر ستوضح حقيقة الموقف الإيراني حيال الغرب في هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة بين الغرب وإيران.
ويبدو أنّ معالم الصفقة الدولية الإيرانية تكون قد ظهرت من الآن وحتى شهر أيار المقبل موعد الانتخابات الرئاسية اللبنانية.
الغرب الآن في مرحلة تقديرات لما يمكن اعطاؤه لإيران، وما لا يمكن إعطاؤه لها. إذا ما حصلت الصفقة سيكون هدفها إزالة النظام وستكون مع كل من إيران وروسيا، بعد الصعوبات التي تواجهانها في دعمه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.