تؤكد مصادر ديبلوماسية، أنّ تطوّر الموقف في المنطقة ومستقبلها لا يزال غير واضح وهذا ما ينسحب على مستقبل الوضع اللبناني.
ذلك أنّ مرحلة من الغموض غير البنّاء بكل أسف تلفّ الوضع الاقليمي ومن ضمنه اللبناني، وتوضيح صورة الموقف مرتبطة إلى حد كبير، باتضاح صورة الحل في سوريا من خلال مؤتمر جنيف2 الذي لا يزال موعده قائماً في 22 كانون الثاني الجاري. إنّها مرحلة غير سهلة، تشدّد المصادر، على أهمية استمرار المظلة الدولية التي تحمي لبنان من الانفجار الكبير، وإلاّ لكانت الأوضاع تفجّرت بشكل أوسع منذ أشهر. والمظلة مستمرة على الرغم من عمليات التفجير التي طالت أكثر من منطقة في الآونة الأخيرة. لكن ذلك يبقى محدوداً نسبة إلى خطورة الموقف في المنطقة وانعكاسات الأمر على لبنان.
ولفتت المصادر إلى أنّ التأثير الاقليمي له الدور الأكبر على الاستحقاقات اللبنانية، التي لن تمر بسلام إلاّ إذا جرى توافق اقليمي دولي، تظهر بوادره من خلال تشكيل الحكومة في وقت قريب، وتالياً ينسحب على استحقاق الانتخابات الرئاسية. لكن إذا تعذّر حصول الاستحقاقين يعني أنّ الوضع صعب.
الدور السعودي أساسي، وفقاً للمصادر، وهناك مساعٍ متعددة تُبذل من أجل حصول حلحلة على مستوى العلاقة مع طهران. حتى الآن لم تثمر هذه المساعي، لكن الجهود مستمرة ومن غير الواضح موعد حصول انفراج في العلاقة هو محور اهتمام غربي في مرحلة ما بعد التفاهم مع طهران المبدئي على البرنامج النووي الإيراني.
على المستوى المرحلي اللبناني، هناك بحث بمخرج للموضوع الحكومي، وهناك مناخ ايجابي قائم لكن يلزمه العمل عليه لتحقيق نتائج فعلية، وهذا المخرج يساعد في تثبيت المظلة التي تحمي الاستقرار ما ينعكس ارتياحاً على الساحة الداخلية أولاً، ثم تجنيب لبنان مزيداً من انعكاسات الوضع السوري خصوصاً على المستوى الأمني.
اقليمياً مؤتمر جنيف2 يعد مؤشراً لمصير الغموض الحاصل في المنطقة. ثمّة توجه لاستبعاد إيران وعدم دعوتها، وهذا يتضح في لقاء الغد بين وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف. واشنطن لا تريد إعطاء إيران دوراً في الحل كلاعب أساسي، إنّما روسيا يهمها مشاركتها لأنّها تعتبر أنًها فاعلة في الوضع السوري، وإذا ما كانت جزءاً من المشكلة فيجب أن تكون جزءاً من الحل، وإلاّ كيف يطلب منها الالتزام بمقررات جنيف1 قبل المشاركة في جنيف2، وموسكو تعتبر أنّه لو لم تدع إيران إلى المؤتمر فهذا لا يعني أنّها خارج الحل والتأثير بإيجاده.
إنّما ما يزيد الوضع غموضاً في المنطقة، وتالياً في لبنان، هو أنّ كل المعطيات تشير إلى أن جنيف2 لن يخرج بنتائج فعلية في مسار تنفيذ وثيقة جنيف1، ولن يخرج بمقررات محددة، بل سيصار إلى الاتفاق على موعد جديد لانعقاده لمتابعة البحث في الحل السلمي للأزمة السورية، ويتبين أنه لن تكون هناك بوادر حلول خلال الأشهر القليلة المقبلة، وانّ الوضع السوري مرشّح للاستمرار على ما هو عليه.
وثمّة مسألة أخرى ستسهم في توضيح صورة الموقف في المنطقة، وهي مستقبل التفاوض حول إزالة البرنامج النووي الإيراني. المرحلة الحالية هي لاجتماعات على مستوى الخبراء لبحث تنفيذ الاتفاق الأولي الذي وقع في 24 تشرين الثاني الماضي، والعبور من خلاله نحو الاتفاق النهائي الذي سيعمل على بحثه بالتزامن، من أجل إنهاء البرنامج والعقوبات على إيران بالتوازي.
اتفاق النووي، وفقاً للمصادر، مفتوح على مساحة واسعة من الصفقات التي لا تنتهي، إذ تبدأ بالنووي وستمتد إلى ملفات المنطقة المتشعّبة في مرحلة ثانية بعد الانتهاء من إزالة النووي، وقد لا تنفصل عن المرحلة الأولى، الغرب يريد الفصل بين المراحل، والبوادر بدأت من خلال طريقة التعامل مع ضرورة عدم دعوة إيران إلى جنيف2 لتلافي إعطائها دوراً أو ثمناً للتخلي عن النووي. إنّما ما هو مطلوب منها هو المساعدة في حل مسائل المنطقة العالقة دون أن يكون لها دور اقليمي معترف به، وهذه المسألة بدورها ستستغرق وقتاً، تطول معها مرحلة الغموض في المنطقة، فضلاً عن ما يتصل بالوضع اللبناني، فهل يمكن اختراقها بتفاهمات مرحلية اقليمية دولية؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.