8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لهذه الأسباب رفضت سوريا ترسيم حدودها مع لبنان

في كل مرّة تتطوّر الأمور أمنياً في لبنان متأثرة بالوضع السوري، يُعاد إلى الواجهة موضوع الحدود اللبنانية السورية وأهمية ضبطها، فضلاً عن موضوع ترسيمها الذي لو تم لكانت أوضاع الحدود أفضل حالاً مما هي الآن.
كل المطلوب من سوريا كان تعيين الأعضاء السوريين في اللجنة المشتركة اللبنانية السورية للحدود، ولو وجد القرار السياسي لكان تم تعيينها.
كان لبنان عيّن بمرسوم الأعضاء، اللبنانيين فيها، وذلك قبل 5 سنوات من الآن، أي في 23 كانون الأول 2008. آنذاك صدر المرسوم 1040 تاريخ 23/12/2008 والذي ألغى المرسوم رقم 4539 تاريخ 25/11/63، وألّف وفد لبنان عندما كان هناك استقرار في الوضع السوري كان هناك رفض سوري لتعيين الأعضاء في اللجنة. فلن تلجأ سوريا إلى التعيين الآن، إذ لا مصلحة لدى النظام في ذلك، بحسب مصادر ديبلوماسية. وعدم الترسيم يعني ان لدى النظام نيّة لإبقاء الوضع على الحدود على ما هو عليه، من حيث اللا رقابة والتهريب للمسلحين والاسلحة. وتشهد الحدود اللبنانية السورية تصعيداً، وقد يصل الوضع فيها إلى مستوى أكبر من التصعيد الحالي، فضلاً عن المخاطر الأمنية في الداخل اللبناني.
كل الدول الفاعلة أبلغت لبنان رسائل واضحة مفادها أنّ الاستقرار خط أحمر ليس فقط الولايات المتحدة، إنّما ايضاً فرنسا والمملكة العربية السعودية، والاتحاد الأوروبي وروسيا. إنّما على الأفرقاء اللبنانيين أن يسعوا في هذا الاتجاه عبر الحوار لتشكيل حكومة والتمسك بالاستقرار بشكل لا يقل مستوى وأهمية عن تمسك الغرب والعرب به. كل المواقف الدولية المعروفة من الاستقرار توازيها أيضاً ملاحظات إلى مواطني هذه الدول بعدم التوجه إلى لبنان وللمرة الاولى عدم التوجه إلى اماكن عامة أو فنادق، لا سيما خلال الاسبوعين المقبلين، وكأنّ لديها معطيات حول ان الوضع ليس آمناً.
الآن، لن يطالب لبنان سوريا بترسيم الحدود في ظل أوضاعها الراهنة، ويمكن لسوريا أن تقول إذا ما طالبها، ان لديها اهتمامات واولويات اخرى. ثم ان التعاطي بين الدولة والنظام في سوريا هو حالياً في حدوده الدنيا، ولم تعد الحكومة السورية تسيطر على كل أراضيها، وثمة اشكالية بالنسبة إلى دستوريتها لناحية انها دولة تتخبط بنزاعات داخلية، إذ هناك ثورة قائمة في كل المدن، ودولة تقصف شعبها، وبالتالي من الصعوبة التفاوض معها حول أي اتفاقية حدود جديدة. أي انه إذا ما وقع عليها النظام الحالي، قد ينقضها أي نظام سيسيطر على سوريا مستقبلاً. لذلك ثمة انتظار لبناني لوجود دولة تمسك بيدها البلاد فعلياً وتحظى بإجماع وشرعية دوليتين للتفاهم معها حول مسألة ترسيم الحدود. فالدولة التي ينتفض ثلاثة أرباع شعبها ضدها لا قيمة لأي اتفاقية معها، هذا إذا تم التسليم أنّ هناك إرادة سورية بالترسيم.
إذاً لن يطالب لبنان بالترسيم حالياً، على اعتبار انه يدرك أنه إذا ما طالب فإنّ المسألة ليست أولوية لدى الطرف السوري. مع ان المصادر تشير إلى أنّه ليس من مصلحة النظام عدم ترسيم الحدود. إذ لو كانت الحدود مرسمة بشكل ثابت لكان لبنان استطاع أن يضبط حدوده ويمنع تبادل دخول المسلحين والسلاح، وهذا لمصلحة سوريا، وفي ظل مثل هذا الانضباط لو حصل، لكانت هناك مشكلة بالنسبة إلى حزب الله في كيفية دخوله إلى سوريا ومساعدة النظام.
وتشير المصادر إلى أنّ تدخل الحزب في سوريا يطرح اشكالية في موضوع ترسيم الحدود، لأنه بات غير معترف بالحدود بين البلدين، فعندما يدخل إلى القصير، بحجة الدفاع عن القرى الشيعية السورية وكأنّه بات وصياً عليها، وعندما يدخل إلى سوريا تحت حجّة منع المتطرفين، كل ذلك أدّى إلى اشكالية في أنه جاء بالمشكلة إلى نفسه ومنطقته وإلى البلد، بحيث أنّ ما يحصل من تفجيرات في الضاحية ستؤدي إلى توتير للجو العام وإلى عدم استقرار، وخطورة الموقف ان أطرافاً متطرفة تحاول أن تظهر للطرف الثاني أنّها تنتقم له. وهذا يعني خطر الانتقال إلى دوامة من الفعل ورد الفعل أمنياً، فكيف سيؤثر الأمر امنياً واقتصادياً وسياسياً.
فضلاً عن ذلك، أعطت سوريا لنفسها حق التدخل عسكرياً في الأراضي اللبنانية عبر قصف على بعض القرى الحدودية، وهي أراض لبنانية ليس متنازعاً عليها، أو ثمة اشكالية حدودية حولها. وهذا لا يمكن وفقاً للمصادر أن يبرره وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، حتى ان الاتفاقيات الامنية بين البلدين والتي وقّعت تحت الوصاية السورية، لا تعطي الحق لسوريا التدخل في الأراضي اللبنانية. وكان من الأفضل صياغة الموقف بصيغ أكثر اعتدالاً خصوصاً وأنه ديبلوماسي عريق. مع الإشارة إلى أنّ أهمية ردّ الجيش اللبناني في رمزيته، على الرغم من أن تسليحه بالهبة السعودية لم يعجب أطرافاً عديدة. وموضوع تسليحه وارد في القرار 1701 عبر فقرة الجهود الدولية لبناء قدرات الجيش، والتي كانت إسرائيل تضربها عبر الاشتراط بتغيير عقيدته وغير ذلك، وهي حالت مراراً دون تقديم مساعدة دولية فاعلة له.
لكن المستغرب لدى المصادر، ان تكون مواقف أطراف لبنانية بالنسبة إلى دعم الجيش وبناء قدراته مثل موقف إسرائيل.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00