يبدي أكثر من وزير خارجية عربي شكوكاً في إمكان عقد مؤتمر جنيف 2 للحل في سوريا في موعده المقرر في 22 كانون الثاني الحالي.
لبنان يُعِدّ للمشاركة في المؤتمر وكأنه حاصل في موعده. ويعتبر مصدر ديبلوماسي رفيع أن مشاركة لبنان ضرورية نظراً إلى اعتبارات عدة, هي:
ـ إظهار تعاون لبنان في إطار تعاون الدول المجاورة لسوريا في بلورة حلّ للموضوع السوري، كدليل على أن الحل هو سياسي وليس عسكرياً.
ـ إن هناك تداعيات للأزمة السورية على الوضع اللبناني وخصوصاً تأثير الوضع السوري على الوضع الأمني اللبناني وزعزعة الاستقرار، ما يعني أن أي حل سياسي في سوريا يؤيده لبنان لوقف تداعيات الأزمة عليه.
ـ هناك مسألة اللاجئين السوريين في لبنان وهي تؤثر على الوضع الداخلي لناحية الأعداد والأعباء وتداعيات ذلك اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية شاركت في الاجتماع التحضيري لـجنيف 2، أنه يفترض عندما يُعقد المؤتمر أن يتم وقف القتال في سوريا لأنه يستحيل استمراره في هذا الشكل المميت. وأول بند في المؤتمر سيكون وقف النار والقتال. ولبنان يتمنى وقف القتال لما لذلك من انعكاسات إيجابية على وضعه. هناك انعكاسات الأزمة وما قد يتأتى من أخطار أمنية واقتصادية واجتماعية فضلاً عن أن الاقتتال السوري يقترب من لبنان وحدوده. لذا يؤيد لبنان وضع حد للقتال وقتل الأبرياء في سوريا، ومنع تصعيد العنف الذي لا يولد إلا العنف، وهي باتت حرباً عبثية. من الآن وحتى عقد المؤتمر هناك ضغوط وضغوط مضادة، وكباش سياسي لتأكيد السلطة والنفوذ.
موعد المؤتمر حُدّد دولياً، وكان واضحاً أن لا تردد من أية دولة حيال ذلك. الآن يفترض عقده في مونترو قرب جنيف, وحُدّدت الدول التي ستشارك وتمت دعوتها. ويفترض أن تسمي المعارضة السورية وفداً موحداً، وهو استحقاق مهم، لأنه من دون مشاركتها لن يكون هناك مؤتمر، لذا يعوّل على تأليف المعارضة لوفدها.
لبنان من بين الدول التي دعيت الى المؤتمر. حتى الآن لم تُدعَ إيران إليه، ودعوتها لا تزال قيد الدرس في إطار المشاورات القائمة بين الولايات المتحدة وروسيا والموفد العربي والدولي لحل الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي.
لم يُوضع جدول أعمال للمؤتمر بعد، لكنه حوار سياسي بين السوريين سيبدأ حول مستقبل سوريا، ووقف العنف، والتفاوض السياسي على مستقبل سوريا ووضع سوريا دستورياً وديمقراطياً وسياسياً وأمنياً. إنه بداية مرحلة من البحث السياسي يفترض أن يتزامن مع بداية مرحلة من وقف القتال. وجدول الأعمال لا يزال يحتاج إلى مشاورات دولية، والحوار يحتاج إلى جهد.
لبنان سيكون أول المؤيدين لما سيتفق حوله السوريون في المؤتمر. ومشاركته هي جزء من مشاركة دول الجوار. ولبنان ارتبط بالأزمة السورية، وهناك تفاعل لبناني بكل وجوهه مع المسألة السورية.
هناك إجماع دولي على الاستقرار في لبنان، لكن السؤال هو: كيف يمكن أن يترجم ذلك؟، ولعل هذا الاجتماع هو الذي يوفر خريطة عارمة للاستقرار حتى الآن. إنما لبنان يتأثر بكل مسائله بظروف تزيد من عدم الاستقرار. عدد اللاجئين السوريين في ازدياد. أمنياً ازدياد لظروف التدهور، لا توجد حكومة، وهناك خوف من عدم حصول الانتخابات الرئاسية في أيار المقبل. الوضع السوري مرشح للاستمرار على هذا النحو سنوات طويلة. وكيف يمكن للبنان أن يحمي استقراره؟ إن تسليح الجيش اللبناني عبر الهبة السعودية مسألة بالغة الأهمية لأن المطلوب دعم الدولة وعدم إفراغ المؤسسات. ويأتي تضافر الجهد السعودي الفرنسي للحفاظ على الاستقرار وانطلاقاً من أن الأمن في لبنان خط أحمر.
حتى إن روسيا الاتحادية تشدّد على استقرار لبنان، وذلك كله يشكل عنصراً ضابطاً للوضع. لكن الوضع يقترب شيئاً فشيئاً من عدم الاستقرار، ويتطلّب جهوداً لضمان الاستقرار. التصعيد في الداخل السوري ينعكس سلباً على الوضع اللبناني، كما ينعكس عراقياً وتركياً، إنما في الأردن بدرجة أقل.
كل الدول الإقليمية تتموضع في أماكن تناسبها. لكن ما يناسب لبنان هو العودة إلى الحوار لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فضلاً عن تشكيل حكومة واحترام المواعيد الدستورية.
وما يحصل على الحدود اللبنانية السورية من تصعيد، يدل بدوره على انعكاس الوضع داخل سوريا على لبنان. أي حل سياسي للوضع السوري يؤيده لبنان، لأن ذلك يؤدي إلى عودة النازحين الى ديارهم، وتراجع الضغوط الأمنية على الوضع الداخلي في لبنان, فضلاً عن الضغوط السياسية التي تطال الاستحقاقات المنتظرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.