تعتبر مصادر ديبلوماسية أنّ تحديد الثاني والعشرين من كانون الثاني موعداً لانعقاد مؤتمر جنيف2 هو إنجاز في حد ذاته، لأنّه تم العمل لتحديد هذا الموعد على الرغم من الصعوبات والعراقيل أمامه.
من بين أبرز العراقيل تشكيل وفد موحّد للمعارضة السورية نظراً إلى تشتتها، وإلى رفض كل الجهات الدولية أن تتمثّل المنظمات الجهادية التكفيرية به وان ليس هناك من طرف دولي يقبل التفاوض معها.
ثم هناك العراقيل المتصلة بالتفاهم على تحديد الدول التي ستشارك في المؤتمر لا سيما مشاركة إيران تحديداً. ذلك أنّ الولايات المتحدة لا تزال عند معارضتها لمشاركة إيران فيه، على الرغم من الاتفاق الأولي بين الدول الست وإيران حول البرنامج النووي، والذي سبقته مفاوضات أميركية إيرانية سرّية.
روسيا الاتحادية لديها تقديراتها حول سبب استمرار الرفض الأميركي لمشاركة إيران. ويتصل ذلك بمسألة داخلية أميركية، حيث أنّ الرأي العام الأميركي لا يستسيغ تقديم واشنطن مزيداً من التنازلات كما يعتبر من خلال ما حصل مع إيران في المرحلة الأخيرة. وهو يعتبر ايضاً انّ الرئيس الأميركي باراك اوباما بات يسجّل تراجعات كثيرة، أهمها التراجع عن ضربة سوريا، وفي الملف النووي اضطر الغرب لتقديم تنازلات، مع الإشارة إلى أنّ إيران قدمت تنازلات أكبر كونها مخنوقة اقتصادياً من جراء العقوبات والسياسات التي واجهت فيها تلك العقوبات، وهي في حاجة ماسة إلى الاتفاق. الآن تتم معارضة مشاركة إيران وترى واشنطن انها صعبة، لأنّها لن تسجّل تراجعاً جديداً وتوافق على المشاركة، وهذا ما يجعل الموقف الأميركي متصلباً.
في العشرين من كانون الأول الحالي، سينعقد اجتماع تحضيري لـجنيف2 في جنيف لدراسة كل التفاصيل التي لا يزال هناك عدم توافق حولها. وهو الاجتماع الأخير قبل المؤتمر وهدفه حلحلة كل الأمور العالقة، لذلك ينطوي الاجتماع على أهمية كبيرة، وينقسم إلى قسمين؛ الأوّل اجتماع بين الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة. والثاني بعد الظهر ويضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والدول الأربع المحيطة بسوريا، وهي لبنان والاردن وتركيا والعراق. لبنان يدعم الحل السياسي للأزمة السورية، ويرحّب به، ويعتبر ان هذا الحل ينعكس إيجاباً على الوضع اللبناني وعلى النازحين السوريين في لبنان لناحية عودتهم إلى بلادهم. كما أنّ لبنان يتخوّف من الإرهاب في سوريا وكذلك من التطرف ويطالب بإنهاء هذه التحركات.
وليس لدى موسكو توقعات عالية بالنسبة إلى نتائج المؤتمر، لكنها تعتبر أنّ انعقاده يشكّل خطوة على طريق الحل السياسي، إذ أنّ الحل العسكري مستحيل، ويمثّل المؤتمر الخطوة الأولى في انطلاقة الحل السياسي. موسكو تعتبر أن لا خلاف على جنيف1 وهو واضح، وتفاصيله يتم الاتفاق حولها بين السوريين في جنيف2، أي ما يتعلق بشكل الحكومة الانتقالية وصلاحياتها. ولا يجوز بالنسبة إلى موسكو، وفقاً للمصادر الذهاب إلى المؤتمر بشروط مسبقة مهما كان نوعها، وجنيف2 يبحث في كيفية تطبيق جنيف1.
واستبعدت المصادر وجود ضمانات روسية قدمت إلى المعارضة حول عدم وجود دور للرئيس السوري بشار الاسد في المرحلة الانتقالية، مؤكدة ان انعقاد المؤتمر هو إنجاز ديبلوماسي لروسيا أكثر من غيرها، ولذلك تريد موسكو أن ينعقد من دون شروط مسبقة، وأنّ أي ضمانات لن تُعطى لأي فريق، بل على السوريين أن يذهبوا إلى جنيف2 لتحديد مستقبل سوريا، وصلاحيات الحكومة الانتقالية. ولن تُعطي روسيا ضمانات لأي طرف لأنها لن تتخلى عن أوراقها ببساطة، لا بل أنّها ستستفيد من المؤتمر سياسياً.
مصادر ديبلوماسية أخرى، أشارت إلى أنّ الإرهاب والتطرّف سيكونا بنداً أساسياً أمام المؤتمر، على أساس أنّ هذين المسألتين طرأتا بعد مؤتمر جنيف1. رسمياً كل الدول ضدّ الإرهاب، إنّما هناك دول تدعم مجموعات إرهابية بالمال والسلاح، ويوجد أيضاً لوائح أوروبية وأميركية للإرهاب. أمّا الجماعات الأخرى ملتزمة بالعملية السياسية، لكن ليس واضحاً ما إذا سيتم تجاهل المجموعات الإرهابية، وما إذا بات الائتلاف الوطني السوري يمون على كل الجماعات.
هناك تفاوض قائم بين واشنطن وموسكو والموفد العربي والدولي لحل الأزمة السورية قبل الاجتماع التحضيري، وسيتم عرض بعض الاقتراحات. وإذا ما تم التوافق حولها، ستعرض في جنيف2، وقبله بالطبع في الاجتماع التحضيري. ويتوقع أن تعرض مسألة الإرهاب والتطرّف والخطف والتعديات التي تحمل طابعاً دينياً التي يجب التوافق حول عرضها. وبالتالي سيتضمن مؤتمر جنيف2 في جدول أعماله عنواناً متصلاً بالإرهاب والتطرّف، وسيتم وضع صيغة لمقررات حول الموضوع بعدما بدأ بحثه على الخط الأميركي الروسي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.