تؤكد أوساط سياسية بارزة، وجود معطيات قاتمة حول المرحلة التي يمر بها لبنان بالتوازي مع المسعى الغربي الإيراني لإنجاز اتفاق جدّي حول البرنامج النووي الإيراني.
وتشير هذه الأوساط إلى أن حزب الله و8 آذار يريدان تغيير اتفاق الطائف، وقبل ذلك يسعيان إلى تحقيق أي مكسب أو مطلب من ثلث معطل أو مداورة بالرئاسة الأولى أو غير ذلك. إذ إن مهمة السلاح هي لفرض رأي هذه القوى على الآخرين، وتحسين ظروفهم السياسية في لبنان، وتالياً في المنطقة. وتدخّل الحزب في سوريا انعكس إيجاباً على النظام السوري، والقرار بالتدخل لن يتأثر بمثل الأعمال الإرهابية التي طالت أخيراً محيط السفارة الإيرانية. وعندما يتوصل الحزب إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي ينسحب من سوريا أي بعد معركة القلمون وبعد نشر الجيش السوري على طول الحدود مع لبنان. إذ إنّ الحزب يعمل من خلال أجندة إيرانية سورية لا تتأثر بأي حدث مهما كان كبيراً.
ويُفترض أمام هذا الواقع أن تستمر قوى 14 آذار بالصمود في موقفها، والدفاع عن مبادئها وعدم الحياد عنها. كما أنه يُفترض التركيز على موقف إيران من تشكيل الحكومة ومن الاستحقاق الرئاسي، حيث تشير الأوساط إلى مسعى لديها للفراغ لتحسين وضع الحزب في لبنان لا سيما قبل بدء التفاوض الدولي الإيراني حول ملفات المنطقة.
فالمعرقل الأول لتشكيل الحكومة هو إيران نتيجة إعطائها أوامر إلى الحزب بالدخول إلى سوريا ومساندة النظام، ثم بفرض شروط الحزب في التأليف على بقية الأطراف اللبنانية. العقدة إذاً في طهران وليست في أي مكان إقليمي آخر، ومفتاح الشروط والتدخّل في طهران. لذلك فإنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي تحدث قبل أيام عن أهمية الخارج بالنسبة إلى الحل، يزور طهران. والتوجّه إلى طهران يدلّ على أنّ مفتاح الحل فيها، وهو موقف واضح وصريح من الرئيس برّي. في إيران العقدة، وفيها الحل.
وإيران تريد تسليم سلاحها النووي من أجل أن تتحكم بالمنطقة عبر توقعها، وفقاً للأوساط، حصول ضوء أخضر أميركي لها لحكم المنطقة. وإذا ما تحقق ذلك، ثمة أسئلة مطروحة إذ ذاك حول أنّه كيف تتعامل الولايات المتحدة مع حلفائها، وإلى أي مدى يهمها دعم الحريات والأنظمة الديموقراطية، وهل تهمها الديموقراطية من حيث العدد، وعندها هل تقبل بطائفة ما أن تحكم لبنان؟ كقوى 14 آذار، وبعكس ما يحاول فريق 8 آذار تصويره، لم يتم الاعتماد أبداً على دعم الغرب، إنما على دعم الشعب والتمسك بالمبادئ حيث أنّ لبنان لا يمكن إلاّ أن يكون مستقلاً. والمهم أن تكون لدى هذا الفريق القدرة على الصمود، ومما لا شك فيه أن المهمة باتت أصعب، ولذلك فإنّ الصمود مهم.
إن ما يرشح بحسب الأوساط من معنيين، أن هناك ما لا يطمئن، بمعنى أن الولايات المتحدة تسعى لتأمين أمن إسرائيل، وهي تراه عبر نزع السلاحين الكيماوي السوري والنووي الإيراني. لكن التخوف هو عندما تحصل واشنطن على هذين المسألتين، فإنه لن تكون لديها مشكلة مع إيران، إذ لن تتعاطى بالأمور التفصيلية في المنطقة. وعندها لن يكون هناك من خلاف إقليمي مع إسرائيل، ولا إسرائيل ستعتبر أن سلاح الحزب خطراً عليها ولا الولايات المتحدة ستعتبره خطراً عليها أيضاً. وأوساط ديبلوماسية كثيرة تعتقد أن إسرائيل قامت بحرب تموز بالتفاهم مع النظام السوري وإيران. الموقف الوحيد الذي يضع ضوابط لمثل هذا المنحى هو الموقف السعودي، ومن الواضح أن لولاه لكان الأمر بدأ تنفيذه. ومن الواضح أيضاً أنه لم يُسمح لواشنطن أن تدخل في هذا المنحى حتى النهاية. ويمكن القول إن القوة الإقليمية الوحيدة التي تدعم سيادة لبنان واستقلاله هي المملكة العربية السعودية، والخليج عموماً.
المحور السوري الإيراني تمكن من أن يُظهر للغرب خطر التطرف، وهو الذي بدأ عندما تلقت الولايات المتحدة ضربة للبنتاغون ولبرج التجارة في نيويورك قبل نحو 11 عاماً. والآن هناك جبهة النصرة وداعش في سوريا، ثم أن وضع المعارضة السورية التي لم تتمكن بعد من تعزيز قواها وهيكليتها ومركزية القرار فيها والكلمة، ما زالت معارضة مشتتة وأثّرت سلباً على تقدم الثورة السورية، والتعاطي الدولي معها، انطلاقاً من ذلك كله، وتراجع الغرب عن قرار تسليحها، هذا الجو أثر على ما يمكن أن تحققه القوى السيادية اللبنانية في المعادلة الداخلية فضلاً عن تراجع إيران في موقفها ورضوخها للضغوط الغربية اقتصادياً، والدخول في تفاوض مع الغرب.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.