هل يضع أي تطور إيجابي أو اتفاق أولي بين الغرب وإيران فعلياً، حدّاً لمشكلات المنطقة وحلفائها العالقة سياسياً وأمنياً والتهديدات التي تطال الاستقرار فيها؟ أو أنّ الأمر ينعكس إيجاباً على تلك الملفات لكن تأثيره يبقى محدوداً بالنظر إلى عوامل عدّة تحيط بتلك الملفات؟
ليس هناك أي شك في أنّه إذا حصل تقدّم فعلي على مستوى الحل بالنسبة إلى الملف النووي الإيراني، فسينعكس ذلك إيجاباً على ملفات المنطقة. وهناك ملفات عدّة مفتوحة بدءاً من لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق، فضلاً عن النووي الذي هو أحدها. إنّما هناك لاعبون أساسيون اقليميون مؤثرون جداً في قضايا المنطقة واتجاهات الأوضاع فيها، في مقدّمهم الدول الخليجية النافذة. وتلك الدول مؤثرة في سوريا ولبنان وبقية الملفات، وأي حل على مستوى الغرب، أي الولايات المتحدة وإيران، لا يعني أنّ بقية الملفات قد حُلَّت. والدول الخليجية النافذة لها دور في الحل إذا انضمت إلى أي تفاهم سياسي في مرحلة ما بعد الاتفاق على النووي بين واشنطن وطهران، على اعتبار أنّ هناك فصلاً دولياً في النقاش مع إيران بين برنامجها النووي الذي يشكّل حلّه أولوية دولية، وبين سائر ملفات المنطقة العالقة ومصيرها ما زال غامضاً، والبحث فيها يأتي في المرحلة الثانية بعد النووي، وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة. الدول التي لها دور يمكنها أن تسهّل الحلول كما يمكنها عرقلة هذه الحلول في حال لم تناسبها وتناسب مصالحها. وهذا ما حصل في العراق قبل فترة حيث شعرت بعض الدول النافذة في المنطقة بتهديد، وأنّ مَن له النفوذ، ومَن وصل إلى السلطة لا يتناسب وسياستها.
وبالتالي، انّ الانقسامات الاقليمية لا تساعد في حلحلة الملفات في المنطقة والانقسامات الداخلية حيث هناك تنوّع مذهبي وطائفي وسياسي.
وينطبق ذلك على الملف اللبناني، حيث إنه إذا لم يتوافر توافق إقليمية تبقى الأمور مثلما هي، وإن كان هناك اتفاق أميركي إيراني، يفترض أن يتوافر اتفاق بين المعنيين لكي تسير الأمور في لبنان. مع الإشارة إلى أنّه لم يعد لدى سوريا التأثير على لبنان مثلما كان الوضع قبل الأزمة السورية. فالتفاهم الاقليمي الإيراني أساسي في لبنان، كما أنه أساسي في ملفات عالقة تكبر في المنطقة. لذلك إنّ تعدّد اللاعبين الأساسيين في قضايا المنطقة لا يحتّم حلولاً في مسائلها من جراء أي تفاهم دولي اقليمي.
فضلاً عن ذلك هناك اللاعب، أو العامل الإسرائيلي، والذي لا يمكن إغفاله، والذي يرتاح جيداً إلى تناقضات المنطقة واستمرار مشكلاتها وتشنّجاتها، وهو يلعب دوراً على الدوام في زيادة الانقسام الاقليمي، وليس مستبعداً أن تكون بعض التفجيرات وراءها إسرائيل التي يمكن أن تستخدم الانتحاريين في المنطقة لإظهار النزاع الخليجي الإيراني وتعميقه. إيران في العراق نفوذها قوي لكنها ليست ممسكة بالأرض، وهناك تفجيرات مستمرة ومتنقّلة والوضع غير مستقر.
هناك أطراف عدة يمكنها استخدام الانتحاريين في المنطقة مخابراتياً. الوسيط مع الانتحاريين هو الذي يفترض أن يُكشف ويُلقى القبض عليه لمعرفة جهة استخدامه والهدف من جراء ما يقوم به. مع الإشارة إلى أنّ المجموعات الانتحارية في المنطقة مشتّتة، ولا قيادة واحدة لها، أو رأساً واحداً، وكل خلية منها قد تكون مكوّنة على الأكثر من 20 شخصاً، ولكن كلها لديها فكر واحد إنّما التنظيم متشعّب. وأي طرف يرغب في زيادة الانقسام في المنطقة بين الأطراف الداخلية يتمكّن من استخدامها لتحقيق أهدافه. وهذه المجموعات معرضة للاختراق، والمال يلعب دوراً فاعلاً في هذا المجال. وفي سياق الفرضيات فإنّ إسرائيل لديها مصلحة في الخلاف العربي الإيراني، ووضع سوريا يناسبها مثلما هو حالياً، وكذلك التخبّط الداخلي اللبناني، فضلاً عن النزاع بين حماس وفتح في الأراضي الفلسطينية.
وتفيد المصادر ان أي اتفاق أميركي مع إيران، مرتبط تحقيقه بمدى قدرة الرئيس الأميركي باراك أوباما على تسويقه أمام الكونغرس الذي يجب أن يكون فعلاً مقتنعاً ولديه اثباتات حول أنّ إيران ليست في وارد إنجاز قنبلة نووية. هذا أولاً، وثانياً، مرتبط بمدى قدرة الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي يعطي انطباعاً بالاعتدال، على تسويق أي اتفاق أمام كافة المسؤولين الإيرانيين لا سيما المتطرفين منهم الذين يتأثرون بالمرشد الأعلى علي خامئني، ويستمدّون السلطة منه.
وفي ضوء ذلك، إذا حصل اتفاق مُرضٍ تقتنع به الدول العربية والخليجية فعلاً، وكذلك بقية الحلفاء، فضلاً عن حلف إيران، عندئذ لا يعود للجماعات المتطرفة كافة غير المعنية مباشرة بالاتفاق، أرضية خصبة يمكنها التحرّك من خلالها، والأهم ان تطمئن الدول المعنية إلى أنّه لا أمل لإيران بأن تكون لديها القنبلة التي تهدّد فيها أمن الخليج.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.