بقيت تفاصيل المفاوضات بين الدول الست وإيران سرية ولم تخرج عن الإطار الضيّق المعنية به تلك المفاوضات، إلا أن ما رشح عنها وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة، هو أن الغرب كان مرتاحاً للأجواء التي سادت، مشيرة الى أن إيجابيات معقولة حتى الآن قد تكوّنت نتيجتها.
وتفيد المصادر، أنه للمرة الأولى هناك جدية في الطرح الإيراني، الأمر الذي فاجأ الدول، إذ قدّمت إيران عرضاً بقي طي الكتمان، لكن الدول تدرسه، والاجتماعات للتفاوض ستعاود في 7 الجاري في جنيف. والارتياح سببه أن إيران كانت تطرح في السابق عروضاً تعجيزية، أما الآن فهي تطرح عروضاً واقعية. مما يعني أن الأمور قد تؤدي الى نتائج جدية. لكن من المبكر لأوانه الحديث الآن عن تقدّم فعلي في التفاوض، لأن مثل هذه المفاوضات، وعلى الرغم من إيجابياتها وجدّيتها ستستغرق وقتاً، وستكون صعبة وقاسية.
لكن إذا ما استُؤنفت المفاوضات واستُكملت على هذه الوتيرة حول السلاح النووي الإيراني، من الجدية والضغط لإحراز تقدّم، فمن الممكن أن يسبق التفاوض على هذا الملف، التفاوض حول الملف السوري، والوقت سيُظهر مدى الجدية، لا سيما وأن الغرب يعتبر نفسه في مرحلة اختبار نوايا إيران، وإمكان أن تدخل فعلاً وبجدية في اتفاق إيراني دولي حول برنامجها. حتى أنه إذا ما حصل تقدّم جوهري على صعيد الملف النووي، فإن ذلك يشكّل شرطاً أساسياً من الغرب للبحث جدياً مع إيران في الملف السوري، والملفات الإقليمية كافة بما في ذلك بحث موضوع الرئيس السوري بشار الأسد، في إطار أي تسوية يمكن اللجوء إليها حول سوريا، والثمن المطلوب، ومواضيع البحث الأخرى.
الغرب يضع حالياً شروطاً على إيران من أجل مشاركتها في مؤتمر جنيف2، وهي ضرورة موافقتها على ما صدر عن مؤتمر جنيف1، ما يعني ضرورة أن توافق على حكومة انتقالية للسلطة، وأن تلتزم بما أحرزه المؤتمر الأول حتى الآن. والرد الإيراني لم يصدر بعد، فضلاً عمّا إذا كانت إيران ستقف الى جانب تخلّي الرئيس السوري بشار الأسد عن كامل صلاحياته، وتوافق على الطرح الغربي أم لا. إيران تريد أن لا يتم تجاوز دورها لا سيما في ضوء أن كل ملفات المنطقة عالقة. ليس هناك من اعتراض دولي كبير على مشاركتها في المؤتمر، لكن يجب أن تتم وفقاً للشرط الغربي المذكور، وفي الوقت نفسه يجب أن تكون المشاركة بالتوازي مع التقدّم في التفاوض حول برنامجها النووي.
وتشير المصادر، الى أنه من المبكر بعد استكشاف عناصر التأثير للتفاوض الدولي الإيراني وأجواء الارتياح الأميركية الإيرانية، على الوضع اللبناني. حتى الآن لا تأثير، لأن أي انعكاس لهذه العملية يفترض أن يتم في ضوء حصول تقدم فعلي على مسار التفاوض وليس لمجرد جلوس الطرفين الى التفاوض على إيجابيته. والأمور لا تزال في مراحلها الأولية ولم يتم التوصل الى المرحلة التي يمكن القول معها إن التأثير بات واقعاً. في النتيجة التفاهم الأميركي الإيراني إن استمر قد يؤدي الى تقدّم في حل مسائل لبنان العالقة. لكن يلزم ذلك الدور السعودي الذي لا يمكن لأي تفاهم خارجي حول الوضع البناني، أن يمر، من دونه. وثمة انتظار لتطور المعطيات في هذا المجال. وحتى الآن لا حكومة جديدة، والوضع في طرابلس مأزوم، ولا شيء تغير.
أما انعكاس الانفراج مع إيران على المستوى السوري، هناك الآن ضغط دولي لعقد مؤتمر جنيف2، وكل الأطراف الدولية مقتنعة أن النظام ليس في وارد أن يسلّم السلطة. لكن المعارضة انتزعت من خلال مؤتمر لندن لدعم الشعب السوري موقفاً دولياً جرى تكرار تأكيده وهو حكومة انتقالية تتسلّم كل السلطات بما فيها الأمنية والمخابراتية، وبالتالي وضعت الدول شروطاً لطمأنة المعارضة، وتخشى الدول أنه إذا ما شارك قسم من المعارضة فقط في جنيف2 من دون الآخرين، من أن يؤدي ذلك الى الانفصال بين من شارك ومن لم يشارك. والمعارضة في الأساس شعرت أن التفاهم الأميركي الروسي والقرار حول الكيماوي أضعفها، وكأن النظام بات يتعاون مع المجتمع الدولي لتنفيذ اتفاق معه، وبالتالي تسعى الدول الغربية بكل جهدها الى تشكيل وفد موحّد للمعارضة، لكن ليس من تفاؤل حول سهولة انعقاد المؤتمر وخروجه بنتائج.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.