في جولته الحالية في المنطقة، يقوم الموفد العربي والدولي لحل الأزمة في سوريا الأخضر الابراهيمي، بالاستماع الى قادة الدول المؤثرة في الوضع السوري لوضع تقرير من شأنه توضيح المواقف قبيل انعقاد مؤتمر جنيف 2 الذي يتم الإعداد له للحوار السوري ـ السوري في تشرين الثاني المقبل.
وتفيذ مصادر ديبلوماسية مطلعة، أن الابراهيمي سيجوجل الأفكار التي ستقترحها الدول حول الحل، وانعقاد المؤتمر، وبنوده، وسيخرج بخلاصة مفترضة وسيدرسها ويطابقها مع أفكار ومبادئ كل من الولايات المتحدة وروسيا في هذا الشأن. من المهم لديه معرفة رأي المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا وإيران ومصر، وكذلك سوريا. لبنان كان قد أبلغ في وقت سابق أن الابراهيمي سيزوره في جولته، لكن أي تبليغ جديد لم يحصل بعد، وربما يحصل قبيل ساعات من الزيارة المرتقبة خلال نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل. قد يكون هناك تناقض في الأفكار التي تعرض عليه، وقد يكون هناك تشابه في مسائل عديدة، إنما يأتي دور الابراهيمي في ضوء التفاهم الأميركي ـ الروسي الأخير حول سوريا، والذي دفع في اتجاه تحركه هذا كون محادثاته ستتطرق الى التفاصيل في طريقة تنفيذ التفاهم. وهو كان التقى أخيراً مسؤولين أميركيين وروساً قبيل بدء جولته وجرى عرض الإطار العام للتفاهم، ومجالات تحركه وسيعاود لقاءه بهما في الخامس من تشرين الثاني. واشنطن وموسكو أساسيتان في مهمته، ومن ثم تأتي الحلقة الثانية وهي الجامعة العربية والمملكة السعودية وتركيا وإيران. على أن موقف واشنطن وموسكو يشكل انطلاقة لتحركه، ثم تلي الحلقة الثالثة، وهي سوريا نظاماً ومعارضة حيث سيلتقي كل أطياف المعارضة ويستمع الى مواقفها في شأن المؤتمر وما آلت اليه التطورات السورية. وأكدت المصادر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس متفائلاً بإمكان انعقاده في تشرين الثاني المقبل.
جنيف 2 سينعقد على أساس جنيف 1 لكن لا يزال هناك تفاوت في تفسير ما خرج به جنيف 1. الآن لم يعد أي طرف دولي يتحدث عن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، خلافاً لدول إقليمية في مقدمها المملكة التي لا تزال تطالب بذلك. وتتركز المحادثات الممهدة للمؤتمر حول الحكومة الانتقالية، ذلك أن واشنطن مع حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات، بيد أن موسكو تقول إنها مع التفاهم حول هذه النقطة من خلال الحوار السوري ـ السوري في المؤتمر، وأنه لا يجوز استباق الحوار بالجزم بالموضوع. الولايات المتحدة لا تؤيد أن يترشح الأسد لولاية أخرى في الانتخابات الرئاسية في أيار 2014، وهي ضد ترشحه، أما روسيا فلا تتخذ أي موقف حول المسألة وترى أن الأمر يعود الى الشعب السوري وليس الى أي طرف خارجي.
أحد الإشكالات الأساسية أمام انعقاد المؤتمر تفكك المعارضة وعدم قدرتها على تشكيل وفد موحد حتى الآن. الابراهيمي يقول إن عدد المجموعات المسلحة في سوريا يبلغ 1500 على الأرض وأن 500 منها يفوق عدد أعضائها المئة. المعارضة الخارجية أيضاً متفاوتة في وجهات النظر ولن يشارك بعضها في المؤتمر، المساعي تنصب على تنسيق موقف المعارضة. ويعول الابراهيمي على استطلاع رأي الدول الراعية للمعارضة، ما قد يسهل عليه استجماع الأفكار التي تتمسك بها، وجوجلة هذه الأفكار ومقارنتها، علّ ذلك يساعد في معرفة ماذا تريد المعارضة، بعدما كان يرشح منها، أن كل طرف فيها لديه معايير مختلفة عن الأطراف الأخرى الخارجية أو على الأرض.
الدول الغربية تضغط لانعقاد جنيف2، لكن هناك دولاً عربية معترضة، وهناك فريق من المعارضة لا يريده في المرحلة الحاضرة، وفرص انعقاده أكبر لمجرد أن واشنطن وموسكو تريدان انعقاده. هناك دول تريد انتظار التكافؤ في موازين القوى على الأرض، ودول أخرى ترى أن التكافؤ بات صعب التحقق، كما أن هناك حالة جمود هي المسيطرة، وحالة ستاتيكو ليست لديها فرص للتغيير، وستبقى الأطراف كما هي في مواقعها، وأي زيادة في تسليح أي طرف ستقابلها زيادة في تسليح الطرف الآخر، وأن الرهان على قلب الموازين بات غير واقعي.
والغرب بدوره يقف الى جانب بقاء المؤسسات في سوريا حتى لو كان يأمل رحيل الأسد. لا يريد انهيار المؤسسات وإنما يقبل بوجود مؤسسات سورية ضعيفة. هذا ما ينطبق على موضوع إبقاء مؤسسة الجيش قائمة، والتغيير في الموقف الدولي من العمل لإسقاط الأسد، الى استمراره حتى الانتخابات الرئاسية، خوفاً من أن لا يكون البديل منه داعش وجبهة النصرة، وفقاً للمصادر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.