8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تعقيدات ملفات لبنان والمنطقة رهن انكشاف حقيقة التسوية

لا تزال المعطيات حول مدى تأثير أي صفقة دولية ـ إيرانية على الوضع اللبناني غامضة وضبابية، إلا أن أوساطاً ديبلوماسية تبدي اعتقادها بأن أي صفقة محتملة لن يكون فيها أي فريق لبناني رابحاً، بل سيخسر كل الأفرقاء، وبالتالي سيكون لبنان الخاسر إلا إذا عرف الجميع كيف يعملون على تقوية الدولة، كما أنه إذا ما أراد الفريق السيادي أن يكون رابحاً فعليه أن يقوّي موقعه.
من هنا، إن عرقلة الحكومة هو إضعاف لموقف لبنان في وقت تُجرى مفاوضات دولية إقليمية، في حين أن فريق 8 آذار يعرقل التشكيل في إطار لعبة للضغط في اتجاه الحفاظ على مكتسبات 7 أيار.
وثمة قلق من أكثر من فريق سيادي وكذلك من رئيس كتلة النضال الوطني النيابية من حصول مستجدات لا تؤشر الى أن الانفتاح الدولي ـ الإيراني سينعكس تسوية متوازنة في الملف اللبناني.
وفي حين تستبعد مصادر نيابية أن يؤدي الانفتاح بين الطرفين والتفاهم، الى تقوية نفوذ إيران وحزب الله في لبنان والمنطقة، وتقوية النظام السوري، لأن ذلك يخلق جو حرب مع إسرائيل، إلا أن هناك قراءة لدى الأوساط تشير الى أن ما يظهر في سوريا هو تراجع في أوضاع الثوار لا سيما الفئة التي تريد فعلاً تحرير سوريا، ما يعطي انطباعاً أن تبدلاً دولياً في الموقف من تسليح المعارضة الحقيقية يتم في هذه المرحلة، بعدما كانت وعدت بالتسليح قبل التسوية الأميركية ـ الروسية. وبالتالي: بات هناك ديل بين واشنطن وموسكو حول تفاصيل ليست واضحة تماماً حتى الآن، وقد يكون الديل ليس فقط على الموضوع النووي الإيراني، بل يتطرق الى كل ملفات المنطقة، إذ إن إيران لن تقبل بالتخلي عن برنامجها النووي ما لم يتوافر لديها الثمن لذلك من خلال تأمين نفوذها وديمومة وجودها واستمرارية التأثير في المنطقة.
الديل الأساسي قد يكون متصلاً بالنووي الإيراني. إذ إن حلم إسرائيل الأول والأخير، ومعه حلم الولايات المتحدة، أمن إسرائيل. وبعد التفاهم مع روسيا حول السلاح الكيماوي السوري الذي تخشى إسرائيل خطره، في اتفاق هو الأول من نوعه بين واشنطن وموسكو، هناك محاولة دولية لإزالة الخطر الآخر الذي تخشاه إسرائيل وهو النووي الإيراني. إنما إيران تريد ثمناً في المنطقة، وهذا يكون عن طريق تعزيز نفوذ حزب الله في لبنان، وإعطاء النظام السوري جرعة دعم.
لذلك، إن الأسابيع والأشهر المقبلة ستحمل معها معطيات واضحة حول ما يحصل فعلاً في المنطقة، وما إذا كانت هناك تحولات حقيقية أم أن الغرب يعمل على فكفكة ملف تلو الآخر في الملفات الإقليمية التي تزعج واشنطن وإسرائيل، وصولاً الى حزب الله والنظام السوري في وقت لاحق.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية أنه من دون حصول اختراق جدي في الأزمة السورية وفي الملف النووي الإيراني الذي دخل بقوة على خط التسوية بالتوازي مع الملف السوري، لن يكون هناك إيضاح في صورة الوضع اللبناني. فهناك بوادر حلول واتفاقات على مستوى الملفين، لكن الأمور ستظل معقدة الى حين انكشاف ـ حقيقة التسوية.
وما يحصل حالياً على صعيد الملف الإيراني هو طرح أوراق تفاوضية من كلا الطرفين الدولي والإيراني. بعد الخطوة الإيرانية الأساسية في نيويورك والتي لن تكون عبثية. وكلام مرشد الثورة علي خامنئي حول مواقف الرئيس حسن روحاني الانفتاحية تأتي لتفرض الاندفاعة الديبلوماسية للرئيس، وكل ذلك من ضمن الشروط التفاوضية للعبة السياسية مع الدول الكبرى.
التفاوض الدولي مع إيران لن يكون سهلاً وسيستغرق وقتاً طويلاً وكل فريق يلعب أوراقه التفاوضية حتى النهاية من أجل كسب أكبر قدر ممكن من مطالبه.
كل هذه الأجواء ستنعكس على الوضع اللبناني. الدول العربية تقوم باستجماع المعلومات وكافة المعطيات حول التقارب الأميركي ـ الإيراني ومدى جديته. ومن الطبيعي أن تكون لدى هذه الدول نظرة شك وريبة إزاء هذا التقارب الى حين معرفة تفاصيل الاتفاقات التي يُعد لها ومقومات العلاقة الجديدة الناشئة، وما إذا كانت هناك عناصر لا تخدم المصالح العربية في إطار هذا التقارب، أو على حسابها إذ إن العلاقات الأميركية ـ الإيرانية شهدت 35 سنة من الانقطاع، وما يحصل نتيجة لقاءات نيويورك خطوة تاريخية في الاتجاه الايجابي في ما بينهما.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00