تبدي أوساط وزارية اعتقادها بأن تمويل لبنان لمساهمته في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يحتاج الى مجلس وزراء، وهناك صعوبة في انعقاده لهذه الغاية، وقد يتم الانتظار لاتخاذ قرار التمويل الى الحكومة المقبلة.
لكنها أكدت أن رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، لن يقصر في هذا الموضوع إذا ما وجد أن الظرف يسمح، وهو سيسعى جاهداً للتمويل مثلما فعل في المرتين السابقتين.
إلا أن مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع تلفت الى أن هناك تفهماً لوضع لبنان، وان الضغوط الدولية على لبنان مشكوك بحصولها، نظراً الى أن هناك علامات استفهام حول الجهة التي يفترض الضغط عليها، فهل هي الحكومة أم الأطراف التي لا تريد أن تجتمع الحكومة لاتخاذ قرارالتمويل، والتي لا تريد أن تعتبر موضوع التمويل ضرورياً لتمكينها من الاجتماع لهذه الغاية؟ كما أن الضغوط الدولية مشكوك بحصولها ما لم يكن هناك ما يؤكد بشكل قاطع، ان تلك الضغوط ستؤدي الى نتيجة حتمة وهي أن يتم تسديد المساهمة في موعدها.
وتفيد المصادر، ان الحل الأفضل لهذه المشكلة هو أن تسدد الدول الفاعلة في تمويل عمل المحكمة مساهماتها هذه السنة عن السنة المقبلة، أي بشكل مسبق، فيتأمن التمويل الذي يفترض أن يسدده لبنان من أجل استمرارية عمل المحكمة وعدم توقفها، على أن يسدد لبنان مساهمته فور تشكيل الحكومة الجديدة أو في أقرب فرصة يمكنه فيها ذلك، والدول سددت مساهماتها كاملة عن السنة الجارية.
لبنان لم يقل انه لن يدفع التزاماته حيال المحكمة، لكن في الوقت نفسه يقوم بشرح وضعه للمحكمة وللدول الداعمة لها. وعلى لبنان تسديد ما عليه مثل أي مبلغ يستحق عليه في مجال الالتزامات الخارجية. والقرار الدولي المتعلق بالمحكمة جاء تحت الفصل السابع وليس هناك أقوى من هذا الفصل في مجال الضغط الدولي، لكن ما العمل في حال لم يتمكن لبنان في ظل وضعه هذا من التسديد؟ هذا هو السؤال المطروح دولياً.
هناك مخاطر من أن تصل مالية المحكمة الى الصفر، والى انعدام وجود الأموال في صندوقها إذا لم يسدد لبنان مساهمته. إذ ان الدول المساهِمة دفعت كل ما عليها لهذه السنة، ولم تبقَ سوى مساهمة لبنان غير مدفوعة. وعلى الرغم من هذه الحال، فإن هناك إرادة دولية باستمرار عمل المحكمة ودورها، وأي سماح بتوقف عملها غير وارد. لذلك ان هناك جهداً دولياً سيركز في المرحلة المقبلة على كيفية استمراريتها اذا لم يتمكن لبنان من التسديد في الظرف الراهن. وهذه الاستمرارية ستكون ترجمة لرغبة دولية تمر عبر الرغبة بالاستمرارية المالية.
وزارة الخارجية والمغتربين تلقت المراسلات من المحكمة نفسها ومن الأمم المتحدة حول ضرورة تسديد لبنان مساهمته وأحالت الأمر الى وزارتي المال والعدل. لكن القرار ينتظر الاتصالات السياسية بين أركان الحكم لمعالجة الموقف.هناك تداول لأفكار عديدة، إنما التمويل مشكلة أمام هذه الحكومة التي لا تستطيع أن تصرف. وهي اجتمعت مرة واحدة منذ استقالتها لغرض مهم جداً، لتعيين هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية التي لم تحصل فعلياً، بعدما كان المجال الدستوري داهماً. وقد يصار الى التمويل مثلما تم التمويل للسنة الماضية.
حتى الآن الموضوع ليس ضاغطاً على لبنان بقوة من المجتمع الدولي، وتسريع تشكيل الحكومة أمر أكثر إلحاحاً على المستوى الدولي، حيث سمع الوفد الرئاسي اللبناني الى نيويورك من مسؤولي الدول أهمية أن يشكل لبنان حكومة تعبّر عن آمال الشعب.
والمحكمة تستكمل مسارها القانوني، وهي لا تتأثر بأية اولوية سياسية. وأي تطور في عملها والمراحل التي قطعتها وستقطعها ترتكز الى مسارها القانوني. وتبلغ موازنة المحكمة للسنة الحالية 76 مليون يورو، وعلى لبنان دفع 49 في المئة منها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.