عدم التوافق على موازنة الدولة في الولايات المتحدة الأميركية، يبدو وفقاً لمصادر ديبلوماسية أنه أُعطي أكثر من حجمه بالنسبة إلى مدى تأثيره في السياسة الخارجية وفي هيبة الدولة العظمى وحتى على مستوى الداخل.
عدم التوافق هذا، لا علاقة له لا بالنفوذ الأميركي في العالم، ولا بالوضع الاقتصادي، حيث إنّ الاقتصاد الأميركي لا يزال الأقوى في العالم ومؤثر في اقتصادات العالم. وحتى الآن تطبع الولايات المتحدة الدولار الذي يتفوّق بقيمته على اليورو، وهذا دليل ثقة من الأسواق بالاقتصاد الأميركي، وتماسك قيمة العملة، وهذا أمر محسوم.
السفارات الأميركية في الخارج تعمل طبيعياً ولا علاقة لعملها بهذا الحدث، خلافاً لمعظم الوكالات الحكومية التي أوقفت الموظفين عن العمل وأوقفت رواتبهم.
والموضوع الأساسي، أن عدم إقرار الموازنة لا يُعد أزمة مالية في المفهوم الاقتصادي، بل أزمة نظام قد تؤثر إذا استمرت طويلاً على السياسة. إنّما حالياً لا تأثير لها، لا سيما وأنها لا تستند إلى أسس اقتصادية، ولن ينهار الاقتصاد الأميركي إذا كان هناك خلاف بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي على الموازنة، إنه خلاف عميق بين الحزبين يعود لأكثر من 20 سنة، وهذه الحالة مستمرة، ما يعني أن الأمر متصل بالنظام السياسي والمفاهيم الداخلية حوله، وحتى لو كان النقاش الداخلي حاداً، لكنه مفيد وفي نهاية المطاف ستمر الموازنة وتُقرّ.
وتفيد المصادر بأن السلطات الأميركية ستعاود العمل لإيجاد حل أو اتفاق حول الموازنة. لكن بات واضحاً أن لدى الرئيس أوباما مشكلة مع الكونغرس ولا سيما مجلس الشيوخ حيث الأكثرية الجمهورية، حتى في الموضوع السوري والضربة التي كانت مطروحة على سوريا، الجمهوريون كانوا لطالما يطالبون بالضربة على سوريا، وعندما اقترب أوباما من هذا القرار تكتّل الجهوريون وانقلبوا ضده وضد الضربة، وربما هذا الموقف كان وراء تراجع الرئيس عن الضربة في المرحلة الراهنة.
في النهاية تتوقع المصادر أن يقرّ الكونغرس الموازنة، لكن المهم كيف سيقرّها، وكيف سيحدّ من المصاريف، ما يعني أن الكونغرس سيحدّ من مصاريف الإدارة وقد يصل الأمر إلى شل عهد أوباما، إلى هذه الدرجة من التحدي، لأن منع المصاريف إلى حد كبير يعني شل الإدارة.
إنما الدول الكبرى خصوصاً، وفي وقت ما، لديها مصلحة عليا ستقوم بالالتزام بذلك وستتفق داخلياً على الموازنة من أجل الموضوع الداخلي أولاً، ثم على المستوى الخارجي حيث هيبة الدولة العظمى في السياسة الخارجية والدولية. وإذا استمر عدم التفاهم على إقرار موازنة فسيؤثر على المدى الطويل على السياسة الخارجية، إنما على المدى القصير لا تأثير كبيراً. والموظفون الحكوميون الذين طلب إليهم عدم مزاولة أعمالهم سيبقون في عملهم وقد تعاود الإدارة تسديد أجورهم.
الموضوع هو ابتزاز لأوباما. إنما ما سيضغط أكثر لمعالجة الوضع سريعاً، هو الناخب الأميركي. وهذا ما سيظهر لاحقاً في استطلاعات الرأي، ذلك أن الرأي العام سيقول كلمته وإذا شعر بأن الوضع الناجم عن عدم إقرار الموازنة أثّر على حياته اليومية فسيحاسب الجمهوريين، وفي هذه الحالة يتراجعون عن أفكارهم لكي يتجنّبوا أن ينعكس الأمر سلباً عليهم في الانتخابات. وإذا حمّل الرأي العام المسؤولية للديموقراطيين، فسيتراجعون بدورهم عن أفكارهم، وسيضطر الحزبان إلى إيجاد حل. هناك مساعدات إنسانية للمواطنين تدفعها الحكومة، ستتأثر بطبيعة الحال، وسيقوم المواطن الأميركي بتحميل المسؤولية إلى جهة ما.
السياسة الأميركية الخارجية، بالتالي، لن تتأثر. وستُبقي واشنطن على جهودها للعمل لمنع امتلاك إيران السلاح النووي، وللاهتمام بالموضوع السوري، ومن ثم بعملية السلام في الشرق الأوسط.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.