تشهد العلاقات الدولية الاقليمية أجواء ارتياح تؤشر الى احتمال أن تنعكس على الوضع اللبناني في وقت قريب، بالتزامن مع اعادة الزخم الى المظلة الدولية التي دعمت مجدداً استقرار لبنان وتحييده عن أزمات المنطقة ودعم جيشه، والتي تجلت في نتائج اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في نيويورك، وانعقاد مؤتمر المجموعة الدولية لدعم لبنان هناك.
مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، تؤكد وجود محاولات حثيثة في إطار الاتصالات الروسية مع الولايات المتحدة لنزع التوتر مع ايران، ويأتي ذلك بالتوازي مع انجاز التسوية بين الطرفين في ما خص الموضوع السوري. هناك بوادر تسوية في المنطقة كلها. ولا يزال من المبكر القول ان هناك تسوية نهائية. انها بوادر حلحلة ليس فقط على المستوى السوري، بل أيضاً في مجال الأزمة الدولية مع ايران. والإشارات السياسية بين الولايات المتحدة والرئيس الايراني حسن روحاني تدل على ايجابية ما، قد تؤدي الى عدم اضاعة المزيد من فرص التفاوض. فضلاً عن القمة السعودية الايرانية المرتقبة منتصف تشرين الأول المقبل.
في التسويات بين الولايات المتحدة وروسيا، هناك مصالح متعددة الأطراف. الخليج يترقب ليرى النهايات. المصلحة الكبيرة التي تحققت كانت لإسرائيل في مجال نزع السلاح الكيماوي السوري، نظراً الى أنه يشكل خطراً عليها، وهي كانت أول المستفيدين. انما الخليج لا يزال غير مطمئن للنوايا الايرانية والسورية، لكنه سينتظر ليرى نتائج التسوية.
كلما تقدمت امكانات التسوية في الملف السوري والملف الايراني انعكس الأمر على لبنان، وان كان، لا يستطيع أحد أن يجزم في مجال التوقيت، وفقاً للمصادر، ذلك انه اذا تعززت أجواء التسوية وتقدمت بين واشنطن وموسكو، انعكس ذلك على الوضع اللبناني. وكل تطور ايجابي في المنطقة ينعكس تطوراً ايجابياً للأمور في لبنان، لا سيما في الملف الأول وهو تسهيل تشكيل الحكومة. الاجواء الاقليمية الدولية الايجابية تفيد لبنان، ولبنان يدعو في الأساس الى مثل هذه الأجواء.
كل الأطراف الدوليين والاقليميين ارتاحوا من موضوع الضربة العسكرية، والكل عمد الى بدء فرملة مواقفه على هذا الأساس وأعاد حساباته والأمور ذهبت في اتجاه التهدئة، وانتظار ما سيحصل في مسار السلاح الكيماوي السوري بعد صدور القرار عن مجلس الأمن.
انها مرحلة انتظار لمعرفة كيفية بلورة التفاصيل في التفاهم الأميركي الروسي لأن التفاصيل تأخذ حيزاً كبيراً من الجهد، وهي التي تحصل حولها الخلافات. ثم انتظار ترجمة الاشارات الايجابية التي يبديها كل الأطراف الى واقع سياسي.
في لبنان كل الأطراف تحاول الاستفهام عما حصل فعلاً على المستوى الخارجي، وبعض الأطراف أدرك ان لا مجال للاستمرار في توتير الأجواء ويجب اضفاء ارتياح على الساحة الداخلية. إنما هناك أطراف تحاول أن تستعجل مواقفها عن طريق اعتماد مزيد من السلبية لتحسين مواقعها خوفاً من ضغوط قد تمارس عليها من الخارج. هذا ما تؤكده أوساط بارزة في 14 آذار.اذ كانت لافتة المواقف التي عبّر عنها الأمين العام لـحزب الله حسن نصرالله، ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، وتراجع رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط. فضلاً عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري. وكأن ذلك يوحي بالسعي الى تحسين المواقع عندما يحين وقت بلورة انعكاس الحل الخارجي على الداخل.
أي أنه حتى الآن لم يلتمس أي فريق انعكاس بداية التسوية الاقليمية على الداخل. ودور 14 آذار هو التأثير في تعزيز الايجابيات. الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام يشعر وكأن الكلام التهديدي الذي يطلق في الأيام الأخيرة هو كلام جديد يسمعه.
إشارة الرئيس سليمان الى أن حزب الله سينسحب من سوريا، كانت لافتة. وتفيد المصادر الديبلوماسية العربية، ان خروج الحزب من سوريا وترك شؤونها للسوريين يشكل بداية حل. بعد ذلك يتم البحث بين اللبنانيين كيف يمكن تشكيل حكومة يتمثل بها الحزب مثله مثل غيره. إذ إن الاستقواء بالسلاح وتخطي قرار الدولة لن يوصل الى نتيجة. مع الاشارة الى أن إمكان الانسحاب قد يكون على الأغلب من جراء التسوية الدولية.
وفي سياق هذا الجو من بداية الانفراج الدولي الاقليمي، واهتمام لبنان للاستفادة من الظرف، تأتي زيارة الرئيس سليمان للمملكة العربية السعودية الثلاثاء. انها زيارة في مرحلة استثنائية من أجل التشاور بين البلدين حو التطورات الأخيرة، بحسب المصادر، التي تشير الى أن مواقف سليمان مقدرة عالياً لدى المملكة فضلاً عن طريقة حكمه. وهناك موضوع السوريين النازحين الذي بات ضاغطاً سيتم البحث به، كما أن لدى الرياض دوراً مؤثراً في الطائفة السنية ومع 14 آذار، إضافة الى أن تشكيل الحكومة أساسي عند الرئيس سليمان. ولم يتم تحويل دعم مؤتمر نيويورك الى واقع ما لم تتشكل الحكومة، لأنها الجهة المسؤولة عن صرف وإدارة التمويل الموعود. ولدى سليمان نوع من تصور للحكومة يضع الجميع أمام مسؤولياتهم انطلاقاً من أنه يعمل وفق ما يملي عليه ضميره. وتصوره أن تتمثل بها غالبية القوى وأن تتمكن من العمل وأن تكون غير مستفزة لأي طرف.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.