تستمر الاتصالات والمشاورات الأميركية الروسية المكثفة للخروج بحل للوضع السوري. وكل المباحثات تنبثق من مفاعيل القمة الأميركية الروسية على هامش قمة العشرين التي انعقدت في موسكو في 5 أيلول الجاري، على عكس ما أشيع حينذاك حول ان القمة بين الطرفين لم تنتج اتفاقاً. وآخر المشاورات كانت بالأمس بين وزيري خارجية البلدين.
الغرب، وبعد قبول روسيا بوضع السلاح الكيماوي السوري تحت الرقابة الدولية، عمل على رفع مستوى الضغوط السياسية والديبلوماسية على روسيا وسوريا معاً، عبر طرح مشروع القرار في مجلس الأمن، وعارضته روسيا لأنها لا تريد اخضاع سوريا للفصل السابع.
كما أن الغرب يريد ضمانات حول الموقف الروسي والسوري أيضاً اللذين يقبلان بالرقابة على الكيماوي، من خلال قرار في مجلس الأمن، عندها يصبح الأمر ملزماً لكل الأطراف وللنظام السوري.
وتفيد أوساط ديبلوماسية، أن الغرب يريد التوصل الى وضع اليد على السلاح الكيماوي السوري بغض النظر عن الطريقة، ان كان عبر فصل سابع أو غير فصل سابع. وكيفما يتم التوصل الى مراقبة هذا السلاح والاشراف عليه، سيكون انجازاً بالنسبة إليه، لأن هذا السلاح يهدد أمن اسرائيل. فضلاً عن أن أي رقابة، في الأساس تحتاج الى قرار عن مجلس الأمن.
الروس وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع مع الرقابة الدولية بقرار لكن من دون الفصل السابع، أو أن يتم ذلك باتفاق روسي أميركي، وبضمانة روسية.
موسكو، ترى أنه من المبكر لأوانه اللجوء الى مجلس الأمن واستصدار قرار في المسألة، وانه من الضروري الانتظار لاستكمال روسيا اتصالاتها ومشاوراتها حول مبادرتها، مع كل من واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. والمبادرة لا تزال تحتاج الى اتصالات فعلية مع واشنطن، وروسيا كانت بنتها على فكرة أميركية تجلت بوضع السلاح الكيماوي السوري تحت مراقبة دولية ما يمكن تجنيب النظام ضربة عسكرية.
روسيا في الأساس وفقاً للمصادر كانت ولا تزال تعمل لحل سياسي سلمي للأزمة السورية وترى ضرورة استبعاد أي تدخل عسكري وهذا موقف ثابت لدى موسكو منذ زمن طويل. واذا ما نجحت المبادرة سيسجل لروسيا ولرئيسها فلاديمير بوتين انجاز ديبلوماسي على مستوى الحل لسوريا.
التهديدات الغربية بتوجيه الضربة رفعت منسوب التوتر الى حد كبير كذلك الضغوط الدولية على سوريا، الأمر الذي دفع في اتجاه التفتيش عن مخارج للوضع، وأدى الى قبول سوريا بوضع الكيماوي تحت المراقبة.
وتفيد المصادر، ان بلورة تفاصيل كامل المبادرة تشكل أولوية في الاتصالات الأميركية الروسية الجارية، لأن وضع السلاح الكيماوي تحت المراقبة الدولية وبلورة مصير ذلك ليس إلا عنصراً من عناصر المبادرة، هدفه فقط منع حصول الضربة الغربية لسوريا، ويوقف احتمال الحرب الدولية على سوريا، انما ما يفترض أن يوقف الحرب السورية هو العملية السياسية والتي يجب أن تتزامن مع وضع الكيماوي تحت الرقابة الدولية، ما يشكل ذلك مبادرة متكاملة أو رزمة باكيج.
ويفترض أن يتفق الأميركان والروس حول تفاصيلها. والعملية السياسية يعنى بها جنيف2، ما يفرض وجود تفاهم أميركي روسي على نقطة الخلاف في جنيف1 وهي مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وصلاحيات الحكومة الانتقالية، لا سيما ما يتعلق بالسلطات الأمنية والعسكرية مع الإشارة الى ان الولايات المتحدة لا تريد فرط الجيش السوري كما حصل في العراق لصعوبة اعادة تشكيله، انما انتقال السلطة الى الحكومة الانتقالية التي تمهد للعملية السياسية الانتقالية في الحكم السوري.
جنيف2 لم يكن ليعقد لظروف عديدة، منها ما هو متعلق براعييه أي واشنطن وموسكو، ومنها ما هو متصل بالظروف السياسية والأمنية على الأرض في سوريا، والتي لم تكن ناضجة لانعقاده. روسيا تصبح الرابح الأكبر اذا ما نجحت مبادرتها، وهي تتحول الى الخاسر الأكبر اذا ما فشلت المبادرة وحصلت الضربة. ستخسر سياسياً واقتصادياً، لأن في كل المواقع في المنطقة، فإن الضربات الدولية أدت الى خسارتها. مع الاشارة الى أنه منذ أشهر، انتقلت الأزمة السورية على مستوى التعاطي الديبلوماسي الدولي من مجلس الأمن الى العلاقات الثنائية الأميركية الروسية.
لا يوقف الحرب على الأرض إلا جنيف2 وفقاً للمصادر، وبالتالي الأهم ما هي الخطوة التالية لوضع الكيماوي تحت الرقابة، وما العمل السياسي الذي يليه. الأهم هو تفاصيل الاتفاق على جنيف2، ولا بد أن ذلك ستبلوره من جديد اجتماعات اللجنة الأميركية الروسية التي هي مولجة بالاتصالات بين البلدين والتي يضع الخطوط العامة لنقاط المباحثات فيها المسؤولون الأميركيون والروس على أعلى مستوى. ولا بد من التحضير للمؤتمر أميركياً روسياً قبل الدعوة اليه من جانب الأمم المتحدة، والتحضير يعني وضع منهجيته وشروطه وآلية تنفيذية لمقرراته.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.