8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الكونغرس يدعم الضربة للحفاظ على هيبة واشنطن والرئيس

يقدم السفير الأميركي الجديد في بيروت ديفيد هيل أوراق اعتماده اليوم إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وهو يتسلم مهمته في خضم تطورات كبيرة في المنطقة، ومواقف تصعيدية من إدارة بلاده حيال النظام السوري.
ولدى هيل خبرة عميقة في الملف اللبناني وملفات المنطقة من خلال المناصب التي شغلها أخيراً في بلاده، وتلك التي شغلها في سفارات بلاده في المنطقة. وهو أيضاً خدم مرات عدّة في لبنان، ومن المرتقب وفقاً لمصادر ديبلوماسية، أن يكون له تأثير بالغ في المواقف التي ستتخذها إدارته حول لبنان، نظراً إلى قلّة الديبلوماسيين في الخارجية الأميركية في الوقت الحاضر، الذين يدركون تفاصيل الملف اللبناني. وفي هذه الحالة تزداد أهمية السفير الأميركي في بيروت والسفارة. حتى أنّه على أيام سلفه السفيرة مورا كونيللي، وللسبب عينه، كان كل ما تتقدّم به لإدارة بلادها حول لبنان يتم الأخذ به. وهذا المسار كان بدأ على أيام السفير السابق في بيروت جيفري فيلتمان، وبالتالي سيتم لعب دور كبير للسفارة، ويرتقب أن تأخذ الإدارة بالاعتبار كل نصائح هيل، أي لن يكون له دور فقط في تنفيذ سياسة بلاده حول لبنان، إنّما أيضاً في صياغة العديد من محطاتها الأساسية والجوهرية.
ومن المقرر أن يهتم هيل، بالنسبة إلى الوضع اللبناني، بمسألة الاستقرار وضرورة أن يحافظ المسؤولون اللبنانيون عليه، خصوصاً في ظل الوضع في المنطقة وسوريا، وضرورة أن يتم تحييد لبنان عن الأزمة السورية. هناك القرارات الدولية التي يهم واشنطن تنفيذها لا سيما القرار 1701، الذي يرسي استقراراً في الجنوب وعلى الحدود مع إسرائيل، ثم هناك التعاون العسكري ودعم الجيش الذي سيتابعه السفير، فضلاً عن المساعدات التنموية والاقتصادية، وأولى استطلاعته استكشاف تطورات الملف الحكومي، وأهمية أن يصار إلى تشكيل الحكومة الجديدة.
وانطلاقاً من موقعه في لبنان، يمكن للسفير الأميركي الاطلاع على تفاصيل متصلة بوضع المنطقة وانعكاساتها على لبنان، ومراقبة ذلك.
الضربة العسكرية الأميركية الغربية على سوريا باتت في حكم الواقعة في وقت قريب، وجلسة الكونغرس الاثنين قد لا تنتهي في يوم واحد، إلاّ أنّ المصادر تؤكد أنّها ستكون في النهاية حاسمة لجهة التفويض للرئيس بضرب سوريا. وكان الرئيس باراك اوباما يستطيع وحده أن يتخذ القرار، لكنه فضّل في هذه الحالة، حيث القرار الكبير، أن يتعزّز موقفه وتتم تقويته على المستوى الداخلي، لا سيما بعد تراجع بريطانيا بفعل موقف البرلمان فيها.
والمدى الزمني المُعطى للضربة هو هامش يمكن التصرف من ضمنه أي 60 يوماً يمكن تمديدها 30 يوماً.
قرار الكونغرس المتوقع دعمه للضربة، يأتي بعدما كان ينتقد في غالبيته الرئيس بأنه لا يقوم بأي عمل حيال سوريا، وأنّ استعمال الكيماوي يُعدّ خرقاً لاتفاقية حظر الاسلحة الكيماوية الدولية. سوريا ليست موقّعة على الاتفاقية، لكن استعمال الكيماوي محظر دولياً نظراً لأذيته على المدنيين. وهذه الاتفاقية موجودة منذ الحرب العالمية الأولى. كما جرى انتقاد الرئيس من قِبَل الكونغرس حول دور أميركا وهيبتها التي لم يحافظ عليها اوباما من خلال الأداء بالنسبة إلى الوضع السوري. وعلى الدولة الأميركية أن تكون سبّاقة في التحرّك وتأخذ دور القيادة وتؤدي دوراً كبيراً. وسيتخذ قرار الدعم لاوباما لأنّ الأمر يطال دور الولايات المتحدة في العالم وهيبة الرئيس الذي يجب عدم كسر رغبته الأخيرة في التدخّل العسكري. في حين ان الأصوات التي تنادي في الكونغرس بعدم التدخل العسكري ليست قوية، أو واسعة النطاق.
وتبقى الأهمية الأكبر لدى واشنطن للوضع الإيراني والبرنامج النوي، هذا على الصعيد الاستراتيجي الأميركي. الملف السوري بات أولوية نظراً إلى وجود ضحايا وقتل، ما فرض نفسه كأولوية. لكن ليس في سوريا جيش أو قدرات نووية تخيف الأميركيين. كما ان إيران تخسر وتضعف إذا ما ضعف النظام السوري وتراجعت قدراته.
على مستوى الملف الإيراني، الذي يحتل أولوية أميركية، فإنّ أصوات المفكرين ومراكز الأبحاث التي يُؤخذ برأيها، أوصت بضرورة قيام حوار أميركي إيراني موازٍ للحوار القائم بين الدول الكبرى وإيران حول البرنامج النووي. حتى الآن لم تتحقق أي نتيجة للتفاوض مع إيران، وهناك أسباب متنوعة أدّت إلى ذلك، من أبرزها: الخلافات القديمة المتراكمة، واضاعة الفرص في كل مرة كان يحصل تفاوض، وتراجع كل طرف عن تقديم ردود للطرف الآخر حول ما قدّمه من خلال التفاوض، أو عبر القنوات الأخرى، ومشاكل المنطقة التي كبرت وعقّدت هذا التفاوض. لدى إسرائيل حساسية خاصة تجاه البرنامج النووي الإيراني ولولا الموقف الأميركي المغاير لكانت قامت بضربة لإيران قبل مدة. ثم هناك الخليج الذي يقلق من أي حوار أميركي إيراني، والسبب يعود إلى أنّه يعتبر أنّ أي دخول إيراني في مفاوضات جدّية مع الدولة العظمى، لا بد من أن يكون هناك شيء ما على حساب مصالحه.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00