8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بحث أميركي داخلي في الضربة على سوريا ومفاعيلها

لا يزال البحث الأميركي جارياً حول اتخاذ قرار غربي بتوجيه ضربة عسكرية الى النظام السوري على خلفية استعماله السلاح الكيماوي ضد المدنيين. لم يتقرر شيء بعد، لا تراجع ولا موقف متقدماً.
هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية غربية بارزة. ذلك أن هناك اعتبارات عدة لاستمرار البحث الداخلي في مفاعيل الضربة. فإذا كانت الضربة صغيرة ومحدودة فما الفائدة منها، وقد تقوّي النظام ولا تضعفه، وإذا كانت كبيرة قد تزعج الروس الذين لا يريدون ضربة كبيرة لا بل انهم يتغاضون عن ضربة محدودة.
قبل يومين كانت الضربة مؤكدة مئة في المئة. وما يحصل كان، ولا يزال بالطبع، هو تحضير الأجواء العامة لها، وتحضير الرأي العام لدى الدول التي ستقوم بالضربة، وإعداد التحضيرات النهائية. روسيا سحبت نفسها من الموضوع وإيران ليست في وارد الرد أو التدخل، أو ليس لها مقدرة على ذلك. حتى إذا أرادت التدخل، فليس في مقدورها الاستمرار في حرب دولية نظراً الى محدودية إمكاناتها. اطمأن الغرب لموقف روسيا وإيران، إنما المجهول الكبير هو موقف حزب الله، وكيف ستترجم انعكاسات الضربة على الوضع اللبناني، انما بقية الأمور باتت واضحة للدول وفقاً للمصادر. فهل سيلتزم الحزب بأي طلب محتمل من النظام اشعال جبهة الجنوب وتعريض وضع لبنان للخطر، أم سيلتزم طلباً ايرانياً مماثلاً، أو طلباً ايرانياً مغايراً أي بعدم التدخل؟
المصادر تفيد، أن الضربة لن يعلن موعدها، وستبقى مسألة سرية بين الدول المتعاونة لتوجيهها. والسبب يعود الى الأهمية التي توليها الدول في الابقاء على التوقيت مبهماً، وعلى التأكيدات حولها مبهمة، أيضاً، نظراً الى الأخذ بالاعتبار عدم قدرة الأفرقاء المتضررين منها التحضير جيداً لمواجهتها.
الكونغرس الأميركي في الأساس هو مع الضربة كذلك وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي. المهم قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما النهائي، والذي كان قد قال ان استعمال الكيماوي خط أحمر، وهو الذي كان طوال الفترة الماضية يرفض التدخل العسكري في سوريا.
وفي حال حصول الضربة، وفقاً للمصادر، فإن تنسيقاً مع اسرائيل حولها، وحول وجوب أن لا ترد على أي عمل ضدها في المنطقة تلافياً لاشتعال حرب اقليمية.
كل المواقف الدولية والداخلية حيال الوضع السوري، باتت ضاغطة على أوباما. هدف أي ضربة أن لا يتم استعمال الكيماوي من النظام، وأن لا يصل هذا السلاح الى المتطرفين والأصوليين في الوقت نفسه. واستعمال هذا السلاح هو سبب التغيير في الموقف الدولي، والتفكير بتوجيه الضربة. أول مرة استعمل فيه الكيماوي، اتخذ الغرب قراراً بتسليح المعارضة السورية. وفي المرات التي تلت، كانت استعمالاته محدودة التأثير. أما استعماله أخيراً، فهو الذي جعل الموقف الدولي مغايراً، يضاف الى ذلك تراكمات سبقت، لعل أبرزها، تدخل ايران وحزب الله في سوريا، وسقوط القصير وتبعتها غالبية حمص، وهذا تحديداً ما ضايق الخليجيين بشكل كبير. ثم هناك التطرف ولا سيما تنظيم القاعدة الذي تتعزز قوته نتيجة ما يحصل في سوريا. فرنسا منذ الأساس، تريد التدخل العسكري، وكذلك بريطانيا، وتركيا. أما بالنسبة الى ايران فالتدخل الدولي العسكري خط أحمر.
وتؤكد المصادر، انه اذا ما كانت هناك ضربة، فلن تكون على سبيل رفع العتب وحفظ ماء الوجه الغربي. انما ستكون مفصلية في تحقيق الأهداف الغربية من اللجوء اليها، وفي مقدمها منع استعمال الكيماوي من أي طرف. وتدرس الضربة جيداً نظراً الى أن النظام لديه طيرانه الحربي ومضاداته للطائرات. مع أن المصادر، لا ترى أن الحرب السورية تتوقف نتيجة أي ضربة حتى لو سقط النظام، إذ انها حرب ستدوم لسنين.
وزارة الخارجية الأميركية، لا تريد أن يتم التعامل مع الملف السوري، بتركه جانباً على أساس أن سوريا استراتيجية بالنسبة الى الأميركيين، وأيضاً على اساس انه مع اطالة أمد الحرب السورية سيزداد تكاثر الحركات المتطرفة والأصولية، وانه كلما انتهت الحرب السورية سريعاً كلما توقف انتاج مثل هذه الحركات، وتوقف تأثيرها خارج سوريا.
أوباما قبل دراسته أخيراً التدخل العسكري كان يتمسك بعدم التدخل، وبأن الولايات المتحدة خرجت من العراق وأفغانستان، وهي لن تتورط في أي موقع آخر. كما ان الرئيس لم يكن يريد التورط بسرعة على خطى سياسة سلفه جورج بوش، كما ان أحد الأسباب يعود الى أن الاصلاحات الاقتصادية داخل الولايات المتحدة والتطوير يحتاج الى تمويل وهي عملية مكلفة والأولوية للداخل الأميركي وليس لتمويل استراتيجيات خارجية. فضلاً عن أن اكتشاف الادارة أن هناك نفطاً في الولايات المتحدة يغني عن الحاجة الى الشرق الأوسط في ذلك، يؤمن اكتفاء ذاتياً، الأمر الذي يؤثر في البعد سياسياً عن ملفات المنطقة المفتوحة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00