8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

محكمة لبنان.. مخارج التمويل لن تعوق التحقيق

ليس لدى اي مسؤول لبناني تصور واضح حول طريقة تسديد لبنان لحصته في موازنة المحكمة الخاصة به لهذه السنة، ذلك انّ هناك حكومة تصريف أعمال، وصعوبة في تشكيل حكومة جديدة، وهناك أجواء انقسام عميق في البلاد، كل هذا يحول دون حصول تفاهم حول التسديد وطريقته. كما انه لن يكون هناك اهتمام من جانب قوى 8 آذار للسعي لهذا التسديد، نظراً لموقفها من المحكمة، ورفض اتهامها لعناصر من حزب الله بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولا يعني الحزب اي عرقلة في مسارها نتيجة انعدام التمويل، ولعل العرقلة بعملها إحدى أبرز أمنياته.
مصادر ديبلوماسية أفادت انه تجري اتصالات بين اركان الحكم في خصوص التمويل. وكانت الأجواء قبيل سريان مفعول التمديد لمجلس النواب، تؤشر الى وجوب التفتيش عن افكار لمخارج مناسبة للتمويل، وانه اذا ما قبل الطعن، ستأتي حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية تقوم بدورها في مجال تسديد حصة لبنان. واذا ما سارت الأمور باتجاه التمديد للمجلس، يجب حل الموضوع، لا سيما اذا ما طال أمد تصريف الاعمال للحكومة الحالية التي كان رئيسها نجيب ميقاتي اعلن ان حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها التسديد والموضوع يترك للحكومة المقبلة. وتشير المصادر، الى ان التمويل مشكلة أمام هذه الحكومة التي لا تستطيع ان تصرف، وهي اجتمعت مرة واحدة منذ استقالتها لغرض مهم جداً، لتعيين هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية، واستكمال مستلزمات الانتخابات، لأن حينها كان الوقت داهماً، وكان هناك حد زمني لموعد الانتخابات قبل التمديد اخيرا للمجلس، ولكي تحصل تغطية دستورية للأداء حيال تلك الانتخابات، الامر الذي لا يمكن للحكومة الإنعقاد بشكل مماثل من اجل صرف المبلغ للتسديد للمحكمة.
وعلى اعتبار ان الانتخابات اولوية، اذ هناك تساؤلات كيف يقر التمويل، وتحت اي عنوان، وبالتالي، حتى الان ليس هناك اي طريقة للدفع، الا انتظار الحكومة الجديدة. ولبنان استطاع سابقاً وفي المرتين، الدفع للمحكمة، بغض النظر عن طريقة الدفع ومصدره.
وتؤكد المصادر ان تسديد لبنان لحصته، ليس موضوعاً ضاغطاً عليه من المجتمع الدولي في هذه المرحلة نظراً لأسباب عديدة لعل ابرزها:
ـ إن الاولوية الدولية تركز على الملف السوري وعلى سبل ايجاد حل سياسي للأزمة السورية وعلى وضع أسس لتسليح المعارضة السورية، أهمها وجود ضمانات فعلية ان لا ينتقل السلاح الغربي الى جبهة النصرة، وكل الحركات الاصولية المتطرفة، لكي لا يكون لها اي دور مستقبلي في اي تركيبة سياسية في سوريا. والبحث عن تلك الضمانات هو الذي أخّر التسليح حتى الآن. هذا هو الموضوع الضاغط على الغرب ومقتضيات التعامل مع الوضع السوري.
ـ إن هناك تفهماً دولياً للظروف السياسية التي يمر بها لبنان، حيث ان ذلك أدى الى ان لا حكومة يمكنها اتخاذ قرار التمويل، ولا يزال هناك وقت للتسديد. والمسألة ليست ملحة الان، في انتظار ما ستؤول اليه المساعي لتشكيل الحكومة، وتسريع التشكيل امر مطلوب دولياً. إلا ان ذلك لا يعني ان هناك تراخياً في الالتزام بمقتضيات المحكمة، واذا لم تطالب الدول الان بالتسديد، فانها حتماً ستعود الى المطالبة بعد حين، ولن يزول الموضوع، وسيبقى واجباً يستحق على لبنان تنفيذه ويتوقع ان تضغط الدول لتحقيق ذلك. ويبدو ان المحكمة حالياً ليست على مشارف حاجة الى التمويل، والا لكانت الامور مختلفة.
ـ لدى لبنان أعذار عديدة لتأخير التسديد في سياق الأولوية الدولية المعطاة للملف السوري، ويمكنها المساعدة ريثما يتم حل الموضوع، وأهمها ان لبنان يقوم بايواء اللاجئين السوريين وهو يتكبد اكثر من قدرته لهذه الغاية. واللاجئون السوريون ملف شديد الأهمية على المستوى الدولي الانساني، ما يجعل المجتمع الدولي يتفهم اكثر تأخر التسديد. لا سيما وان عددهم فاق المليون وأصبحوا يشكلون ربع عدد سكان لبنان.
وعلى الرغم من اولوية الموضوع السوري دولياً، إلا ان المحكمة تستكمل مسارها القانوني، وهي لا تتأثر بأي اولوية سياسية. واي تطور في عملها والمراحل التي قطعتها وستقطعها ترتكز الى مسارها القضائي الذي سيستكمل.
وهناك اطمئنان لمسار عملها على الرغم من البطء. وتبلغ موازنة المحكمة لسنة 2013، 76 مليون يورو وعلى لبنان ان يدفع 49 في المئة منها. وكانت الأمم المتحدة طلبت من لبنان تسديد مساهمته مطلع هذه السنة، وكذلك عمل المسؤولون في المحكمة الذين زاروا لبنان خلال فترة الاشهر الستة الماضية.
السؤال إذا ما طال أمد تصريف الأعمال بسبب المواقف السياسية الراهنة، هل سيتم إبتداع مخارج للتسديد؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00